تناول بطل الخطابة الفكاهية الأستاذ محمد العيسى في محاضرته التي كانت تحت عنوان "مهارات التواصل والقيادة" عدة قضايا تتعلق بهذا الموضوع المهم وكذلك أسرار الخطابة الملهمة وسبل تطوير مهارات التواصل، وذلك في الأمسية التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 4 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 20 فبراير 2018م. حضر الأمسية جمع من المثقفين والمهتمين ودارت خلالها العديد من الأسئلة والمناقشات حول مختلف جوانب الموضوع.
قبل بدء الأمسية، تم عرض فيلم قصير تحت عنوان "رفقا" يحكي عن ضرورة تعاون طرفي الأسرة في التربية وتقاسم الأدوار في المنزل من ناحية اجتماعية، كما تحدث الخطاط جابر الهروبي عن تجربته في الخط العربي بعد تواصله مع مجموعة من خطاطي المنطقة، حيث أقام معرضا فنيا يحتوي على أبرز أعماله في هذا المجال. وقام المنتدى بتكريم تسعة طلبة هم أبطال الرياضيات الذهنية الذين مثلوا المملكة في عدة مسابقات دولية وحققوا مراكز متقدمة في هذا المجال، حيث تحدث الدكتور السيد أمين أبو الرحي عن تجربة مشاركة الفريق والنتائج التي حققها وتطلعهم لمواصلة مشوار التميز.
أدار الندوة الأستاذ السيد أحمد الحسن، الذي قدم للموضوع بكلمة حول أهميته وضرورة التعرف على الأبعاد المختلفة للقيادة والتواصل ولدور الخطابة في تحريك الأفكار ونقلها وتداولها معرفا بالمحاضر بأنه مهندس استشاري متقاعد حديثا من شركة أرامكو وحاصل على وسام العريف المميز وهو أعلى وسام تمنحه منظمة التوستماستر العالمية، وله سجل حافل بالفوز ورقم قياسي عالمي غير مسبوق في مسابقات الخطابة فقد فاز ولخمس مرات في مسابقات الخطب الفكاهية.
بدأ الأستاذ محمد العيسى محاضرته "مهارات التواصل والقيادة " بتعريف التواصل عبر تمرين عملي بسيط منتهيا إلى القول بأنه أي شيئ نقوم به لنقل المعلومات والأفكار والمشاعر لطرف آخر أو لاستقبالها منه، وهو لا يقتصر على اللغة الملفوظة أو المكتوبة بل على أي حركة يقوم بها الجسد وأي تغير في نغمة الصوت، موضحا أن اللغة تلعب 7% فقط في نقل المعلومات بينما يقوم تغير نبرة الصوت بنسبة 38%، وتلعب لغة الجسد بنسبة 55% في نقل المعلومات للأخرين.
وبتدريب عملي آخر، انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن القيادة وعرفها بأنها إحداث التغيير عبر التأثير على الآخرين بتحريك عقولهم ومشاعرهم، مشيرا إلى أن التواصل يعتبر من ضرورات القيادة. وواصل حديثه في هذا المجال حول ضرورات القيادة ومن بينها الرؤية وتعني نقل الصورة المستقبلية بوضوح للآخرين، والقناعة التي تعني ايصال الفكرة من أجل الإيمان بفكرة جديدة أو تغيير فكرة سابقة، والحماس عبر مهارة التحفيز لمواجهة الاخفاقات، وايصال المشاعر الحقيقية كالصدق والأمانة وكذلك المثل والنموذج الذي ينبغي للآخرين رؤيته في القائد.
من هنا يصل المحاضر إلى نتيجة أن مهارات القيادة معظمها عمليات تواصل، وأن جودة القيادة تتركز في توفر قدرات أفضل للتواصل. وتحدث أيضا عن مؤشرات نجاح القائد التي يمكن رصدها من خلال انجازات الفريق وخاصة في الأعمال التطوعية التي لا تعطي القائد سلطات كبيرة كما الوظيفة مثلا، وكذلك في مدى رضا وسعادة أعضاء فريق العمل. وأوضح أن الحاجة إلى القيادة التي قد تكون قسرية تفرضها الحياة كما هو الحال في دور الأبوة أو تسلم منصب قيادي في الوظيفة، كما أن هناك حاجات تنموية لإبراز وإطلاق الطاقات الكامنة في الآخرين وتوجيهها بكفاءة لإحداث التغييرات الإيجابية في هذا العالم. وفي مقابل ذلك فإن ضعف مهارات التواصل وعدم إتقانها وإيصال المعلومات والمشاعر بدقة يؤدي إلى خسارة في الوقت والمال وغياب الصفاء الذهني وتضييع الفرص، وسوء في العلاقات.
وحول المهارات الأساسية للتواصل والقيادة، تحدث الأستاذ محمد العيسى عن ضرورة تنمية وتطوير مهارة الإصغاء للآخرين بكل الحواس، والبوح بالمشاعر والأحاسيس والأفكار، والوصف والتفصيل، والإقناع أي خلق الإيمان، والإلهام أي تنشيط الإبداع والأمل، والتحفيز وهو تنشيط الهمة، والتفاوض وهو الوصول لحلول مرضية للطرف الآخر وتحقق أعلى المكاسب، والحوار أي تبادل الآراء.
كما تناول في حديثه أسرار الخطابة الملهمة مشيرا إلى أهمية الخطابة كوسيلة في إيصال الأفكار وأنها عظيمة الخطر لكونها عملية تواصل يكون المرسل فيها واحدا والمستقبل عدد كبير قد يصل إلى الملايين، وأوضح أن الخطاب المؤثر هو الذي يسهل فهمه ويعمق معناه ويصعب نسيانه. وواصل في حديثه أن من صفات الخطاب الملهم والمؤثر أن يكون موضوع الخطاب إنسانيا بحيث يتناول قضية تمس الإنسان بما هو إنسان، وأن ينطلق في الحديث من ضعف ونقص الإنسان وحاجته إلى التكامل، وأن يقدم حلا لمشكلة أو طريقة لإساغلال فرصة أو طاقة كامنة. وحول صفات الخطيب، قال العيسى بأنه ينبغي عليه أن يقدم نفسه كإنسان مثل جمهوره وليس فوقيا، وأن يكون هو الأجدر بالكلام عن الموضوع، وأن يكون صادقا، وألا يكون أنانيا بحيث يفيد الآخرين وليس ليستعرض.
وحول سبل تطوير مهارات التواصل والقيادة، ذكر الأستاذ العيسى أن كل مهارة تواصل وقيادة ظاهرية جيدة تنطلق من صفات باطنية كالأخلاق والقيم والعادات، فالإصغاء ينتج من التواضع وحب الآخرين، والحوار ينتج من الذكاء العاطفي. وأشار إلى أهمية القراءة وتوسيع المعرفة ليخرج الإنسان من دائرة الجهل المركب إلى دائرة الجهل البسيط كطريق للتخارج من الجهل، وكذلك التمرين على الكتابة والخطابة وتقبل التغذية الراجعة، والانخراط في الحوارات الموضوعية، ومخاطة من يملكون هذه المهارات القيادية للأستفادة منهم، والانضمام لأندية التوستماستر.
بدأت المداخلات بتساؤل من الأستاذ علي الجاسم حول أندية التوستماسترز وبرامجها، وعلق الأستاذ علي الراضي حول سبل إيصال الرسائل المهمة لدى الخطباء عبر التنفيذ وليس الإلقاء النظري فقط. وطلب الأستاذ شاكر الهاشم استعراض بعض المواقف التي تعرض لها المحاضر أمام الجمهور، كما تساءلت الأستاذة عرفات الماجد عن سبل تصنيف القادة سلبيا وإيجابيا حيث أن بعض الأشخاص يمتلكون مهارات قيادية واضحة لكنهم يسخرونها للإضرار بالإنسانية بدلا من تقدمها.
وطرحت الأستاذة فوزية الصفار عن مؤشرات نجاح القائد وعما إذا كان عمل الفريق بدون القائد هو أحد هذه المؤشرات وعن سبل معرفة صدق النوايا لدى الفريق للحفاظ على الحالة الإيجابية بينهم. وطرحت الأستاذة منى نور الدين عن دور أندية التوستماسترز في دعم اللغة العربية الفصحى في برامجهم المختلفة، وإخراج الأطفال من حالة انغلاقهم معرفيا واجتماعيا وأسريا. ونوه ألأستاذ جعفر الجارودي بوجود بيت الكوميديا في جمعية الثقافة والفنون بالدمام من أجل دعم وترسيخ البرامج الخطابية المختلفة، وتساءل السيد تاج عن سبل التمييز بين القيادات الإيجابية والسلبية، وكذلك عن مقاومة الخجل والخوف أمام الجمهور.
ونقل الأستاذ حسين العوى أن أعضاء أندية التوستماسترز منغلقون في المجتمع وليست لهم أدوار إجتماعية واضحة وبارزة، وطرح الأستاذ عيسى العيد تساؤلا حول سبل التمييز بين القائد وأعضاء الفريق الذي يحدث تأثيرا أيضا. وأوضح الأستاذ محمد آل عمير عن وجود ناد توستماسترز في منطقة المجيدية بالقطيف.