على مبدأ "اقرأ تفرح" صيغت القوانين اللبنانية في شتى المجالات. فلكل حالة قاعدة قانونية تبهرك بحسمها ودقة تفاصيلها، لكن ما إن تنظر حول القانون حتى ترى ما يبهرك أكثر، إذ إن لكل قاعدة قانونية شواذها، أو بالأحرى تعديلاتها التي دُوِرت زواياها القانونية على مقاس بعض المستفيدين منها بغض النظر عن الأخطار التي قد تتسبب بها هذه التعديلات.
وتستمر التعديات على نهر بيروت، إذ تتمادى المخالفات من قبل مجهولين يقومون ببناء الكثير من المباني السكنية في منطقة حوض نهر بيروت في الحازمية بشكل يخالف القرار 130/1 الخاص بتصنيف مجرى النهر، ما يشكل خطرا داهما على السلامة العامة.
ويصنف قرار وزير البيئة أكرم شهيب رقم 130/1 الصادر في 1/9/1998 مجرى نهر بيروت الواقع في وادي نهر بيروت من المواقع الطبيعية الخاضعة لوزارة البيئة.
ويشمل هذا الموقع بحسب القرار من أعلى إلى أسفل مجريين:
- مجرى أرض عين الماء، رويسات عين بو مصطفى، ضهر الشير، القطارة، المضايق، حرش الدلبة، العيرون، القنابة، العيون، حومات بتالين، سهلة القصيبي، وخندق حسن.
- مجرى عين الحشيش، ضهر بو جميل، بمريم، رويسات صوفر ، الأوران، عين مهريض، الجناين، جسر الرهبان، القاموعة، والدويكة.
نزولا حتى مصبه على شاطئ بيروت على أن تؤخذ بعين الاعتبار المراسيم التنظيمية لمنطقة بيروت، في ما يتعلق بمساحة النهر الواقعة في هذه المنطقة.
ويحدد القانون حرم هذه المناطق من المنبع حتى المصب طولا، وضمن مسافة خمسمئة متر من منتصف النهر باتجاه الضفتين عرضا بالنسبة للأشغال والإنشاءات المختلفة باستثناء ما خص المقالع والكسارات والمصانع والمرامل، إذ تصبح لمسافة ألف وخمسمئة متر بدلا من خمسمئة متر عرضاً.
وتحدد وزارة البيئة بالتنسيق مع مديرية التنظيم المدني شروط الترخيص لأية إنشاءات أو مشاريع في الموقع المذكور ضمن إطار تدابير الحماية التي تراها الوزارة ضرورية، وللوزارة أن تتأكد من توفير الشروط البيئية في هذه الإنشاءات والمشاريع. وبالتالي الطلب من المراجع المختصة رفض إعطاء التراخيص أو إقفال الإنشاءات والمشاريع القائمة عند عدم توفر تلك الشروط.
وتطبق وفقا للقانون نفسه شروط الترخيص على كافة الانشاءات والمشاريع الصناعية والسكنية السياحية على ألا تعفى المشاريع الزراعية المقرر إنشاءها من توفير الشروط البيئية فيها وذلك ضمن إطار الموقع المذكور.
ورغم وضوح القانون، يستمر التعدي بشكل فاضح على حوض نهر بيروت وذلك بشكل مقونن، عبر ثلاثة تعديلات طرقت على القرار رقم 130/1 من قبل المجلس الأعلى للتنظيم، يصفها مؤسس "تجمع الشباب للتوعية الاجتماعية – يازا" الدكتور زياد عقل بـ"تعديلات غبّ الطلب" لصالح "عقارات يملكها رئيس بلدية الحازمية. ويقوم الأخير بشراء العقارات بثمن بخس، ما يشكل غبناً لأصحابها، ثم يتم رفع عامل الاستثمار فيها لتقام عليها استثمارات من بيوت سكنية، إنشاءات وطرقات...".
وجاءت هذه التعديلات بشكل استنسابي لتطاول منطقة من دون أخرى، ما يثير الشكوك حولها ويضع إشارات استفهام سوداء على التعديلات الثلاثة "محضر رقم 30 تاريخ 18/7/2012، ومحضر رقم 15 تاريخ 15/4/2015، ومحضر رقم 32 تاريخ 12/8/2015" ويحمل المجلس الأعلى للتنظيم مسؤولية إقرارها.
وعن أخطار هذه التعديات يؤكد عقل لـ"ليبانون ديبايت" أن أخطاراً كثيرة للسلامة العامة قد تنتج عن انهيار للطرق في حال ثبت التعدي على مجرى النهر خصوصاً أن وزارة الأشغال العامة تقدمت بكتابين مرفقين 33/م/ 2015 و49/م/ 2015 تشير إلى هذا الخطر الكبير بالإضافة إلى كتاب وزارة البيئة رقم التسجيل 96/ب/2016 تاريخ 30 نيسان 2016 الذي أشار الى عشرات المخالفات للقوانين والمراسيم والقرارات.
يطالب عقل بالتحقيق في ذلك خصوصاً في التعديلات غير المبررة للمجلس الأعلى للتنظيم لجلاء الحقيقة ولوضع حد للخطر الكبير الذي قد يقع على مستعملي الطريق والأبنية في هذه المنطقة نتيجة التعدي المتواصل على حوض نهر بيروت.