مع ارتفاع بورصة الترشيحات، وأبرزها ترشيح الرئيس نبيه برّي، بدأ في البلد همس دبلوماسي، وحراكات تتابع المشهد ضمن أسئلة عادت تطرح حول طبيعة التنافس والخيارات، حيث تقلصت احتمالات التحالف الانتخابي بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وبدا «المناخ الارثوذكسي» يطغى على قانون النسبية الذي اعتبر اختباراً لدخول قوى تغييرية ومدنية إلى برلمان عام 2018، المرسوم من الآن كيف ستكون رئاسته وهيئة مكتبه، وربما اللجان ورؤسائها.. وكل العدة التي تعقب تشكيل المجلس الجديد، ودائماً إذا جرت الانتخابات!
في الأفق، وعلى وقع إيقاع حرارة اللقاءات والاجتماعات، المنظورة وغير المنظورة، والارباكات والصعوبات، لدى كتل وتيارات وازنة، عاد السؤال يطرح: هل فكرة تأجيل الانتخابات ستة أو سبعة أشهر ما زالت واردة حتى يتزامن تاريخ انتهاء ولاية المجلس الجديد مع إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟
وبصرف النظر عن التقديرات ان حزب الله وحلفاءه، سيصل إلى المجلس النيابي بكتلة وازنة تخوله الضغط لإعادة انتخاب الرئيس برّي لولاية جديدة في رئاسة المجلس، وفتح الطريق امام النائب الحالي سليمان فرنجية (الذي سيترك المقاعد لنجله طوني) للوصول إلى قصر بعبدا.. فإن المسار الانتخابي يسجل خطوات على طريق انتخاب الطوائف لنوابها، على طريقة مجالس المبعوثين في حقبة ما بعد إعلان دولة لبنان الكبير في 1 أيلول 1920، من قصر الصنوبر، وبلسان الجنرال المفوض غورو..
إرباك انتخابي
انتخابياً، ارتفعت بذلك بورصة الترشيحات الرسمية إلى 73 مرشحاً، قبل أسبوعين من اقفال باب الترشيحات في 6 آذار المقبل.
وفيما لم ترشح أية معلومات عن اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري ليل أمس الأوّل، برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بخصوص مسألة التحالفات بين «المستقبل» و«التيار»، رأت مصادر نيابية متابعة لملف الانتخابات ان الوقت ما يزال متاحاً امام القوى السياسية لاعلان برامجها الانتخابية ومرشحيها، متوقعة ان تحسم هذه القوى خياراتها نهاية الشهر الحالي.
وقالت ان الرئيس الحريري ما يزال في صدد جوجلة تحالفاته وخياراته قبيل الإعلان النهائي عنها وعن أسماء مرشحيه، وهو يتمسك بعدم الإفصاح حتى لأقرب المقربين منه عن هوية هؤلاء المرشحين، الأمر الذي ترك نوابه الحاليين في كتلة «المستقبل» في حالة من «حبس الانفاس» بانتظار القرار الذي قالت معلومات انه لم يعد بعيداً.
ومساءً، عقد اجتماع مطوّل امتد 4 ساعات بين الرئيس سعد الحريري والوزير القواتي ملحم رياشي، بحضور الوزير غطاس خوري في بيت الوسط، تخلله عشاء لمتابعة النقاش في إشكالية العلاقة بين تيّار المستقبل والقوات اللبنانية، وامكانيات التحالف في بعض الدوائر الانتخابية.
كما ان «الجماعة الاسلامية» التي أطلقت أمس حملتها الانتخابية في بيروت، في حضور أمينها العام عزام الأيوبي، لم تحسم أمر المشاركة بعد في لوائح «المستقبل» أو غيرها من اللوائح في انتظار الانتهاء من المشاورات التي لا تزال مفتوحة بينها وبين القوى السياسية السنية من دون استثناء.
وكشفت مصادر الجماعة لـ«اللواء» عن أسماء المرشحين التي حسمت موضوع ترشيحهم حتى الآن وهم: النائب عماد الحوت عن بيروت الثانية، أسعد هرموش عن منطقة الضنية ومحمّد شديد عن عكار، ووسيم علوان عن طرابلس وبسام حمود عن صيدا، من دون ان تستبعد ان تقفل بورصة ترشيحات الجماعة على 9 مرشحين، خصوصاً وان هناك أسماء ستعلن قريباً لتمثيل البقاع وإقليم الخروب.
من ناحية ثانية، يزور اليوم وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي يضم النائب اكرم شهيب والمرشح عن منطقة بعبدا هادي أبو الحسن والقيادي هشام ناصر الدين رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل للتشاور في إمكان التحالف ضمن لائحة الشوف - عاليه التي يريدها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط انعكاساً للرغبة بتعزيز المصالحة التاريخية في الجبل.
وأشارت معلومات إلى ان الوفد سينقل إلى الجميل رغبة جنبلاط بضم النائب فادي الهبر إلى اللائحة الجاري العمل على تشكيلها مطعمة بمختلف القوى السياسية الفاعلة في المنطقة، في حين ان الحزب لم يحسم حتى الساعة ترشيح الهبر، ويميل رئيسه إلى خوض الانتخابات خارج لوائح السلطة.
يُشار إلى ان الاشتراكي كان طرح على «التيار الوطني الحر» عرضاً يقوم على حصول التيار على ثلاثة مقاعد (مقعدان في عاليه ماروني وارثوذكسي، وواحد ماروني في الشوف)، لكن التيار رفض هذه الصيغة المغرية، مع انها تتناسب مع طموحه في هذه الدائرة. وتردد ان العونيين مثل «القوات اللبنانية» يرفضون ترشيح الوزير السابق ناجي البستاني في الشوف والذي يعتبره جنبلاط من الثوابت الانتخابية.
غير ان مصادر مطلعة استدركت ان المفاوضات لم تنته بعد، رغم ان العرض الاشتراكي يعني اقصاء «القوات» والكتائب عن اللائحة التوافقية، وهو ما يتناقض مع الرغبة الجنبلاطية بتمثيل الجميع، حيث ستكون اللائحة على الشكل الآتي:
في عاليه: سيزار أبي خليل وهنري الحلو عن المقاعد المارونية، ومرشح ارثوذكسي يسميه «التيار»، إضافة إلى اكرم شهيب عن المقعد الدرزي، ومقعد يترك مراعاة للنائب طلال أرسلان.
وفي الشوف: ماريو عون وناجي البستاني وايلي عون عن المقاعد المارونية، نعمة طعمة عن المقعد الكاثوليكي، تيمور جنبلاط ومروان حمادة عن المقاعد الدرزية، إضافة إلى محمّد الحجار وبلال عبد الله عن المقاعد السنية.
الموازنة
وتعقد اللجنة الوزارية المنبثقة عن جلسة مجلس الوزراء اجتماعاً اليوم برئاسة الرئيس الحريري في السراي الكبير، على ان يليه اجتماع آخر غداً الخميس، في إطار الإسراع بإنجاز المشروع واحالته إلى المجلس النيابي لاقراره قبل نهاية ولايته.
وعشية الاجتماعات الوزارية برز موقفان: الأوّل لكتلة المستقبل التي شددت على «الانضباط المالي» والتأثير الإيجابي، الذي ربما يمكن لبنان من الحصول على الدعم من الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات العربية والدولية.. والثاني من تكتل الإصلاح والتغيير الذي طالب بـ5 إصلاحات ضرورية: خفض الفوائد وكلفة الدين العام، وتخفيض الانفاق في الوزارات وتخفيض المساهمات عبر التحقق من الجمعيات المستفيدة منها والكهرباء والسلفة التي تغطي الفارق بين التعرفة المخفضة والكلفة، والاصلاحات كزيادة التطويع والتوظيف وضبط الهدر وتفعيل الجمارك.
وقال وزير الاقتصاد رائد خوري: إذا لم تحصل تغييرات في الموازنة سيكون هناك عجز يزيد عن 10 آلاف مليار ليرة لبنانية.
واستغربت مصادر وزارية ما أعلنه وزير المال علي حسن خليل، بعد جلسة مجلس الوزراء، في ما خص نسبة العجز الكبيرة في مشروع الموازنة.
وقالت: ان وزير المال كان قد استرد مشروع الموازنة، قبل حوالى الشهرين، ليتم تخفيضها بنسبة 20٪ من موازنات الوزارات والإدارات العامة، كما كان تمّ الاتفاق عليها في جلسات سابقة للحكومة لتقليص نسبة العجز فيها، ولكنه أعاد المشروع الى رئاسة الحكومة، من دون ان يضمنه التخفيض، وقدمها كما كانت في حين ان إنجاز المشروع يصبح في صيغته النهائية، مطروحاً على الحكومة، وهو من مهامه، وليس من مهام اللجنة الوزارية.
مؤتمر باريس في 6 نيسان
وانعقد في السراي لقاء تحضيري لمؤتمرات الدعم الدولي للبنان، حيث حسم ان مؤتمر «سيدر-1» (باريس-4) سيعقد في 6 نيسان المقبل، على ان يسبقه اجتماع تحضيري في بيروت في 6 آذار المقبل، برعاية الرئيس الحريري.
وكشف مستشار الرئيس الحريري نديم المنلا، على هامش مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية، عن ان الرئيس الحريري سيقوم بجولة خليجية قريبا تحضيرا لمؤتمرات الدعم الدولية للبنان، وأعلن ان السفير الفرنسي المكلف رئاسيا الاعداد للمؤتمرات بيار دوكان الموجود في بيروت، أبلغ الجانب اللبناني انه جال على أربع دول خليجية مستطلعاً مدى استعدادها للمشاركة في المؤتمرات فأبدت اثنتان تأييدهما ودعمها فيما وعدت الأخريان بمراجعة قيادتها والعودة بالجواب قريباً، وشدّد المنلا على ان الإصلاحات وإقرار الموازنة مطلوبة ولازمة دوليا، الا انها ليست شرطية لعقد المؤتمرات.
عون في بغداد
في هذا الاثناء، بدأ الرئيس ميشال عون زيارته الرسمية للعراق، حيث فاجأه الرئيس العراقي فؤاد معصوم بالاحتفال بعيد ميلاده، أثناء مأدبة الغداء، في لفتة رئاسية معبرة تجاه لبنان، مؤكدا حرص العراق على المحافظة على استقرار لبنان وازدهاره وسلامة أراضيه، وان لبنان نموذج ليس فقط في التعددية والعيش المشترك، بل ايضا كونه البلد الأوّل في العالم الذي نجح جيشه في دحر المنظمات الإرهابية على أراضيه وتطهيرها من الاجرام التكفيري، مبديا استعداد بلاده لتعزيز التعاون وتطويره في كافة المجالات.
وجدّد الرئيس عون من جهته على أهمية توحيد الموقف العربي، على أبواب انعقاد القمة العربية المرتقبة في السعودية، وعلى ضرورة الدفع باتجاه المصارحة الجدية بين الدول الشقيقة تمهيدا لتحقيق المصالحة الحقيقية بينها، لافتا إلى ارتفاع حدة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان بوتيرة متسارعة في الفترة الأخيرة، مؤكدا موقف لبنان الموحّد والصارم إزاء التهديدات والاستفزازات المرافقة لها.
وأكّد عون، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس معصوم قبل الغداء، ان لبنان يقف بقوة مع وحدة العراق وضد كل المشاريع والنزاعات التي تهدف إلى تهديد وحدة كيانه.
اما رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي الذي زاره الرئيس عون في قصر «سندباد؛ مقر رئاسة الحكومة العراقية في بغداد، انعقدت محادثات موسعة بين الجانبين اللبناني والعراقي، فقد رأى ان الزيارة ستعزز العلاقات بين البلدين وتفتح مجالات التعاون، لا سيما وان لبنان والعراق واجها ظروفا مماثلة في مكافحة الإرهاب وحققا انتصارات.
وجدّد الرئيس عون وقوف لبنان إلى جانب وحدة الدولة العراقية ارضا وشعبا ومؤسسات ورفض كل ما يُمكن ان يمس بهذه الوحدة، مشددا على أهمية تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.
ويستكمل عون زيارته الرسمية لبغداد اليوم بلقاء رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري ونائب الرئيس العراقي اياد علاوي، قبل ان يتوجه إلى أرمينيا في زيارة مماثلة تستمر إلى الغد.
جولة اليعقوب
تزامناً، سجل سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد اليعقوب تحركا باتجاه المرجعيات الدينية ولا سيما المسيحية، حيث زار البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، ثم متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة.
ومن بكركي أطلق السفير اليعقوب موقفا لافتا إذ قال انه أكّد للبطريرك الراعي وقوف المملكة إلى جانب الشرعية اللبنانية المنبثقة من الدستور والطائف ودعم المؤسسات في لبنان، مؤكداً إن ما يربط المملكة بجميع المرجعيات الروحية اللبنانية عميق وأساسي، وما يربطها بهذا الصرح الوطني الكبير استثنائي، مشدداً على ان لبنان وطن نهائي لجميع اللبنانيين.
ساترفيد في بيروت
إلى ذلك، ذكرت معلومات ان نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد سيعود إلى بيروت اليوم لوضع المسؤولين في نتائج الاتصالات التي أجراها في تل أبيب في شأن النزاع النفطي بين لبنان وإسرائيل، في وقت زار فيه قائد قوات «اليونيفل» في الجنوب الجنرال مايكل بيريي المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم المكلف بملحق الجدار الاسمنتي على الخط الأزرق الذي تبنيه إسرائيل، وجري بحث في الأوضاع على الحدود النوبية، وموضوع الجدار، وعرض سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين الأمن العام و«اليونيفل» لترسيخ الاستقرار في المناطق الحدودية.