نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالاً لمراسلها آنشيل فيفير، تحدّث فيه عن مُعضلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السوريّة، والحيرة حول الدعم، لإيران أم إسرائيل؟
 

ولفت الكاتب الى أنّ بوتين يعتقد أنّه بإمكانه النجاح في سوريا، حيثُ فشل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وظنّ بأنّه قادر على إحلال السلام في سوريا، وإنقاذ النظام السوري وعلى رأسه الرئيس بشار الأسد، وتحقيق التوازن بين مصالح إيران وإسرائيل في سوريا التي أنهكتها الحرب. وأضاف: أنّ كلّ الأهداف التي حقّقها بوتين في سوريا ترافقت مع نشر عدد من المقاتلات من سلاح الجو الروسي وحوالى ألفين من قواته في سوريا. وفي حملة مماثلة، كانت الولايات المتحدة ستستخدم قوة مضاعفة بـ 10 مرّات، عبر إرسال مئات المقاتلات وغيرها من الأسلحة المتقدّمة الى سوريا، خصوصًا وأنّها لم تكن تنوي إرسال قوات على الأرض.

ورأى الكاتب أنّ الرئيس الروسي استطاع تحقيق هذه الأهداف بفضل الدعم من إيران، حيثُ وزّعت عشرات آلاف المقاتلين، ومعظمهم من اللاجئين الأفغان في سوريا، إضافةً الى مقاتلي "حزب الله" الذين قدموا من لبنان الى سوريا لتنفيذ عمليات صعبة، من جانبها استخدمت روسيا قوات خاصّة. وقال الكاتب إنّ الروس قاموا باستثمار ضئيل نسبيًا في سوريا، ولم يسقط لهم الكثير من الضحايا، كما كان متوقعًا منذ عامين، إذ أرجع البعض ما يحدث الى أنّه يشبه حقبة الإحتلال السوفياتي لأفغانستان.

وفي التوقيت المناسب، ومستفيدًا من الفوضى التي خلّفها أوباما نتيحة قراره عدم الإنخراط في الحرب السورية، أعاد بوتين روسيا الى الخارطة الجيوسياسية، كما قام بزيارة مفاجئة في كانون الأول الماضي لسوريا، للإعلان عن أنّ "المهمّة انتهت". واعتبر الكاتب أنّه يجب على بوتين أن يتعلّم عدم قول ذلك من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، "لأنّ كل شيء ينهار الآن بالنسبة للروس".

وذكّر الكاتب بمؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في سوتشي مؤخرًا والذي لم يصل الى نتيجة، على الرغم من المحاولات للإتفاق على عمليّة سياسية لحلّ الأزمة السورية تحت حكم الرئيس بشار الأسد. توازيًا، أطلقت تركيا عمليّة "غصن الزيتون"، في شمال سوريا بهدف منع وحدات الشعب الكرديّة من تأسيس وجود عسكري على الحدود التركيّة. كما حصل اشتباك بين قوات تركية وأخرى إيرانية، كذلك مع القوات السورية أمس الإثنين.

ومن أبرز ما يقلق موسكو هو أنّ قوة كرديّة في شرق سوريا تسيطر على مناطق كانت بقبضة تنظيم "داعش". فقوات

سوريا الديمقراطيّة تعدّ اللاعب الوحيد في سوريا، بدعم عسكري أميركي، وخلال اشتباك اندلع بين هذه القوات، وقوات الجيش السوري العاملة مع الروس، أقدمت الولايات المتحدة على شنّ غارة مدمّرة على الروس، أدّت الى مقتل 200 منهم، وفقًا لتقديرات تقارير غير رسميّة، ومن بعدها

وقعت أوّل مواجهة مباشرة ما بين إيران وإسرائيل.

وأكّد الكاتب أنّ بوتين لا يكترث كثيرًا للجبهة التركيّة، لأنّها لا تهدّد المصالح الروسية بشكل مباشر ، أمّا الإشتباكات في الجبهة الشماليّة فتشكّل مشكلة كبيرة له، فيما يجري إرسال الروس في نعوش الى روسيا، وهو الأمر الذي لا يريده بوتين أن يحصل قبل الإنتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في منتصف آذار المقبل.

وعن الجبهة الإيرانية – الإسرائيلية، لفت الكاتب الى أنّها لا تشكّل خطرًا على القوات الروسية، وهي تهدّد النظام السوري. وأضاف الكاتب أنّه خلال العامين الماضيين، كان الإتفاق بين تل أبيب وموسكو متمثلاً بأنّ إسرائيل تسمح لروسيا بدعم الجيش السوري، عبر ضربات جويّة، من أجل استعادة بعض المناطق. في المقابل تغض روسيا الطرف عن الضربات الإسرائيلية المتكرّرة على مواكب ومخازن أسلحة إيرانية موجّهة الى "حزب الله". من جهة أخرى، تنسّق روسيا مع إيران لإحياء النظام السوري. وبرأي الكاتب فإنّ إرسال إيران لطائرة مسيّرة فوق الجولان في العاشر من الشهر الجاري كان دليلاً على أنّ روسيا لم تعد قادر ة على احتواء مصالح الأطراف المختلفة في سوريا.

ولفت الكاتب الى أنّ هناك رأيين داخل الإستخبارات الإسرائيلية، إذ يوجد من يفكّر بأنّ بوتين لن يتخلّى عن القوات الشيعيّة المقاتلة على الأرض في سوريا وسيحدّ من حرية إسرائيل في العمل بالأجواء السورية، فيما يظنّ آخرون أنّ إسرائيل قد تهدّد النظام السوري ووضع حدّ للإيرانيين.