يشكل الصراع على الغاز بين لبنان وإسرائيل عاملاً خطيراً قد يؤدي إلى حرب مدمرة تدعي إسرائيل أنها صاحبة الحق فيها، فهي تزعم أنها قدمت التنازلات رغم أنها بدأت الحفر في مياهها الاقتصادية منذ أكثر من عشرين عاماً.

وجهة النظر الإسرائيلية من الصراع على الغاز عرضتها صحيفة جيروزاليم بوست، التي اعتبرت أن الصراع مع لبنان بدأ في عام 2010، عندما أعلن اتحاد شركات اكتشاف الغاز في حقل ليفياثان. وفي العام نفسه وقعت إسرائيل وقبرص اتفاقاً بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما، رغم قيام لبنان في صيف عام 2010 بتسجيل الوثائق مع تحديد الأمم المتحدة حدوده البحرية مع فلسطين المحتلة.

في حزيران 2011 توجه لبنان مرة أخرى إلى الأمم المتحدة، معرباً عن معارضته الاتفاق بين إسرائيل وقبرص الذي ينتهك الحقوق السيادية والاقتصادية للبنان، وقد ردت إسرائيل في 12 تموز 2011، وأرفقت الاحداثيات لتعيين حدودها البحرية مع لبنان. واللافت هو ما تعتبره الصحيفة رغبة إسرائيل في أواخر عام 2011، في التوصل إلى حل توفيقي، واتخاذ قرار بعدم منح تراخيص جديدة للمنطقة محل النزاع من أجل تيسير التوصل إلى حل.

بعد ذلك، قام المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية للسلام في الشرق الأوسط فريدريك هوف، بمهمة الوساطة. وجددت إسرائيل، وفق الصحيفة، استعدادها لحل النزاع من خلال التوصل إلى حل توفيقي في محادثات مباشرة مع ممثلي الحكومة اللبنانية. وفي نيسان 2012، في اجتماعات منفصلة في لندن قدم هوف حلاً توفيقياً يتضمن تقسيم المنطقة المتنازع عليها. وقد وافق وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على الاقتراح الأميركي، رغم أنه منح لبنان حصة أكبر من المنطقة.

لم يصدر من لبنان أي تعليق رسمي بشأن مقترح هوف، لكن جيروزاليم بوست تزعم أنه وفقاً لتقارير من دبلوماسيين أميركيين على اتصال مع الحكومة اللبنانية، فقد بدا أن الاقتراح كان مقبولاً لديها. ورغم فشل الوساطة الأميركية، واصلت إسرائيل الامتناع عن إصدار المناقصات للمنطقة المتنازع عليها. مع ذلك، في آذار 2013، نشرت وزارة الطاقة اللبنانية خريطة للمنطقة الاقتصادية البحرية مقسمة إلى كتل.

أظهرت الخريطة، وفق جيروزاليم بوست، أن الحكومة اللبنانية تجاهلت الموقف الإسرائيلي والحل الوسط الأميركي المقترح، وأنه في ثلاث كتل، 8 و9 و10، ولا سيما في البلوك 9، كان هناك اختراق واضح للمنطقة التي تطالب بها إسرائيل. وبعد تقارير صدرت عن هيئة النفط اللبنانية في 21 كانون الأول 2017، قدمت إسرائيل شكوى أخرى إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن منح تراخيص في البلوك 9 إلى تحالف يضم الشركة الفرنسية توتال وإيني الإيطالية ونوفاتيك الروسية، وهو ما يتناقض مع موقف إسرائيل ودعوتها إلى الحوار والتعاون. وأعلنت إسرائيل أيضاً أنها لن تسمح بأي نشاط اقتصادي غير مرخص به، وأعربت عن أسفها لتجاهل الحكومة اللبنانية دعوتها إلى الحوار.

ترى جيروزاليم بوست أن الخطاب العنيف للحكومة اللبنانية، وتجاهلها المحاولات الإسرائيلية لحل مسألة الحدود البحرية، يبررا التدخل الخارجي لمنع مزيد من التدهور. وكان لبنان قد اتصل، وفق الصحيفة، برئيس فرنسي السابق مع اقتراح وساطة فرنسية بين لبنان وإسرائيل، ولكن لم تظهر بوادرها حتى الآن. وستُعقد الأحداث الأمنية التي وقعت بين إسرائيل وسوريا في 10 شباط 2018، وفق جيروزاليم بوست، الجهود من أجل التوصل إلى حل توفيقي. وبينما ترحب إسرائيل بالجهود الأميركية لتهدئة الوضع، فإنه من الصعب التنبؤ برد الفعل اللبناني. فالمنافسة بين القوى السياسية في لبنان كان لها دائماً أسبقية على المصلحة الوطنية وتسببت في أضرار كبيرة، بما في ذلك اقتصادياً. ولو قبلت الحكومة اللبنانية التسوية الأميركية في عام 2012، لكان الاقتصاد اللبناني تلقى دفعة كبيرة، وهذا بدوره كان سيفيد الاقتصادات الإقليمية الأخرى.