سمعت في المناطق المحاذية للحدود الجنوبية المقابلة لجبل الشيخ في الساعات الماضية أصداء انفجارات عنيفة ومتتالية، تبيّن انها ناجمة عن مناورات عسكرية اسرائيلية في مرتفعات الجولان، وتردد انها تحاكي كيفية التعامل مع التهديدات التي يمكن ان تنشأ عن تغيّرات في الميدان السوري المقابل للجولان لمصلحة النظام السوري وايران و«حزب الله».
وفيما ساد الترقّب منطقة المناورات، برز موقف دولي لافت في توقيته ومضمونه، إذ عبّر الامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش من لشبونة، عن قلق بالغ حيال الوضع في المنطقة، ومن احتمال وقوع مواجهة مباشرة بين إسرائيل و«حزب الله».
واعتبر «انّ ما صدر عن إسرائيل و«حزب الله» من إشارات في الآونة الأخيرة أظهر أنهما لن يسمحا بحدوث ذلك، ولكن «أحيانا تكفي شرارة لإشعال هذا النوع من الصراع». الا انه قال: «أشعر بقلق عميق بشأن التصعيد الذي يصعب التنبؤ به في المنطقة بأكملها».
واذ تحدّث عمّا سمّاها «مخاوف إسرائيل بشأن اقتراب فصائل مسلحة مختلفة في سوريا من حدودها»، قال: «أسوأ كابوس قد يتحقق هو إذا حدثت مواجهة مباشرة بين إسرائيل و«حزب الله»... سيكون حجم الدمار في لبنان شديداً بالتأكيد، لذا فإنّ هناك نقاط قلق كبيرة تحيط بالموقف».
الإنتخابات
سياسيا، كرّت سبحة الترشيحات للانتخابات النيابية، واستهلتها حركة «امل» و«حزب الله» بإعلان اسماء مرشحيهما في مختلف الدوائر، وترافق ذلك مع تحذير أطلقه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله من الشائعات التي قد تروّج ضد مرشحي الحزب، متوقعا في هذا السياق هجمة إلكترونية ضدهم، وقال: «هناك جيوش إلكترونية تديرها دول، وتنفق ملايين الدولارات لتشويه صورة «حزب الله».
فيما عرض بري في مؤتمر صحافي البرنامج الانتخابي لكتلة «التحرير والتنمية»، وخلاصته «التزام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني هو خيارنا الأول، واستمرار السعي لإنشاء الهيئة العليا لإلغاء الطائفية، والتمسّك بدعم الجيش والمحافظة على ثلاثية الجيش الشعب والمقاومة، و«استكمال الجهود بترسيم الخط الأزرق البحري بما يحفظ حقوق لبنان بموارده البحرية»، والعمل لإصدار عفو عام لا يشمل الإرهاب والإرهابيين وكل من يهدد الإستقرار العام ولا يشمل الجرائم الموصوفة، مع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني بالعودة وبحقه بدولة فلسطينية».
إنتخابات المتن
في هذا الوقت، كان مقر حزب الطاشناق في برج حمود، يستضيف اجتماعا مرتبطا بدائرة المتن، حضره نائب رئيس الحكومة السابق النائب ميشال المر، وزير السياحة افيديس كيدانيان، الوزير السابق الياس بو صعب، الامين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان ومرشح «التيار الوطني الحر» في المتن ادي معلوف.
بقرادونيان
وقال بقرادونيان لـ«الجمهورية»: «الاجتماع كان ايجابيا جدا ونستطيع ان نعتبره مدخلا للبحث في تحالفات انتخابية مستقبلية. ولقد أبدى الجانبان استعدادهما للتوافق في لائحة واحدة، وسنواصل مسعانا بالطبع بهدف جمع «التيار الوطني الحر» والرئيس المر في لائحة واحدة. ولا فيتو لا عند الرئيس المر ولا عند «التيار» على التحالف بينهما.
واشار بقرادونيان الى انّ البحث سيستأنف مجدداً بعد عودته وبوصعب من يريفان، التي يسافران اليها اليوم مع رئيس الجمهورية. وأبدى تفاؤله بتجاوز «مرحلة مهمة جداً، بعد مسعى دام نحو شهرين، ولقاء مع الوزير باسيل ولقاء تمهيدي آخر مع النائب ابراهيم كنعان وصولاً الى اجتماع اليوم (امس) في حضور ممثلي «التيار» الذين حضروا بقرار رسمي حزبي من قيادتهم. وانطلاقاً من ذلك ارى انّ الامور ذاهبة الى ايجابية اكبر».
وكان بقرادونيان قال بعد الاجتماع: «سعينا منذ مدة لنجمع في المتن لائحة تضم «التيار» ودولة الرئيس المر والطاشناق، كما انّ هناك امكانات اخرى لنجَنّب منطقة المتن والمواطن المتني معركة شرسة في هذه الانتخابات النيابية، وسبق أن عقدنا اجتماعات تمهيدية مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل ومع النائب ابراهيم كنعان ومع دولة الرئيس المر، وتوصّلنا الى عقد هذا الاجتماع».
اضاف: «هذا اول اجتماع رسمي، ويمكن القول انه تمهيدي بأجواء ايجابية جدا. ونحن نعمل للوصول الى هذا التحالف لأنّ عنوان التحالفات عندنا هو الوفاء».
وكشف بقرادونيان عن «إمكان الافادة من هذا التحالف ولو كنّا على لوائح مختلفة، إنما بالاتفاق وبالتحالف الضمني لنصل جميعاً الى المجلس».
ترشيحات كتائبية
الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ المكتب السياسي الكتائبي أقرّ في اجتماع مكتبه السياسي امس الترشيحات الآتية:
شاكر سلامة عن المقعد الماروني في كسروان - الفتوح، جوزف نهرا عن المقعد الماروني في جزين، ريمون نمور عن المقعد الكاثوليكي في جزين، النائب ايلي ماروني عن المقعد الماروني في زحلة، شارل سابا عن المقعد الارثوذكسي في زحلة، ميرا واكيم عن المقعد الكاثوليكي في الزهراني.
وكانت الكتائب رشّحت كلّاً من: النائب سامر سعادة عن المقعد الماروني في البترون، ونديم الجميل عن المقعد الماروني في الاشرفية، وسعدالله عردو عن المقعد الكاثوليكي في بعلبك ـ الهرمل، وشادي معربس عن المقعد الماروني في عكار. ومن المقرر ان تستكمل الترشيحات الاسبوع المقبل في بعبدا والبقاع الغربي والشوف عاليه والمتن الشمالي وطرابلس، وربما في زغرتا والكورة.
الموازنة
من جهة ثانية، وَفى اهل السياسة بوعدهم، والتأم مجلس الوزراء في جلسة خصّصها لوضع مشروع موازنة العام الحالي على طريق الاقرار في مجلس النواب.
يتزامن ذلك مع بدء التحضيرات لمؤتمر باريس، حيث علمت «الجمهورية» انه في اطار التحضيرات لمؤتمر «سيدر 1» المقرر عقده في 5 نيسان المقبل في باريس، وصل الى بيروت امس الموفد الفرنسي بيار دوكازن المكلّف بالتحضيرات الجارية من اجل المؤتمر وتنسيق العلاقات بين إدارته والشركات الدولية العابرة للقارات التي تتعاون مع البنك الدولي والإتحاد الأوروبي وتلك التابعة للدول المانحة.
ويشارك دوكازان في المؤتمر الصحافي الذي سيعقد عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في السراي الحكومي، والمخصّص للإعلان عن «مؤتمر الإستثمار في البنية التحتية في لبنان» برعاية رئيس الحكومة في 6 آذار المقبل في فندق «الفورسيزن». والذي سيتحدث فيه عدد من ممثلي الهيئات الإقتصادية والمجالس المعنية بالإنماء والإعمار في لبنان.
رغبات وتمنيات
الأجواء المحيطة بالموازنة تَشي برغبات بَدت جدية، عبّر عنها اكثر من مسؤول لإنجازها خلال الفترة المتبقية من ولاية المجلس النيابي. وذلك لتدارك المطبّ المزدوج الذي يمكن ان يسقط فيه الواقع المالي، المتمثّل من جهة بالعودة الى الصرف على القاعدة الاثني عشرية في حال انتهت الولاية المجلسية من دون إقرار الموازنة، مع ما يرافق ذلك من عشوائية في الصرف على غرار ما جرى في السنوات الـ12 السابقة لإقرار موازنة العام 2017.
والمتمثّل من جهة ثانية باصطدام موازنة العام الحالي بموازنة العام المقبل، مع ما يترتّب على ذلك من إرباك ومردود سلبي على المالية العامة التي يُجمع الجميع على انها في أسوأ حال.
وقد انتهت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في القصر الجمهوري امس، الى تشكيل لجنة وزارية مهمتها درس ملاحظات الوزراء حول أرقام الموازنة.
وبدا واضحاً من المعلومات التي رَشحت، حول النقاشات الاولية التي جرت، انّ إقرارها سيكون مهمة شاقة، وهناك ترجيحات مبررة في انّ الموازنة لن تقر قبل الانتخابات النيابية المقبلة.
وما يدعو الى التشاؤم انّ الشروط التي وضعها وزراء «التيار الوطني الحر» للمضي قدماً في النقاشات حول الموازنة، يصعب تحقيقها لاعتبارات عدة، منها ما يتعلّق بواقع لا يمكن تجاوزه، كما هي حال الشرط المتعلق بإعادة خفض اسعار الفوائد المصرفية كما كانت قبل أزمة الرئيس سعد الحريري في تشرين الثاني 2017، او بشرط إلغاء المساعدات للجمعيات، وهو مطلب حسّاس قبل الانتخابات النيابية.
لكن المفاجأة الصادمة جاءت في ارقام مشروع الموازنة الاصلاحية التي تبيّن انّ العجز فيها يبلغ 7569 مليار ليرة، يضاف اليها 2100 مليار كلفة عجز الكهرباء، ليصل عجز الموازنة الاجمالي الى 9669 مليار ليرة. وبالتالي، يكون العجز قد ارتفع 2469 مليار ليرة مقارنة مع عجز العام 2017 الذي وصل الى 7200 مليار ليرة.
وهذا يعني في لغة الارقام انّ لبنان يحتاج الى اقتراض حوالى 6,4 مليارات دولار لسد العجز. وهذا الرقم قياسي لم تسجله اي موازنة سابقة، وهو عجز سيصعب معه مواجهة الدول المانحة وإقناعها بتقديم المساعدات والقروض الى لبنان. ومن المعروف انّ الشرط الاول الذي تضعه الدول المانحة ينصّ على اتّباع الحكومة اللبنانية خطة إصلاحية تخفّض العجز تدريجاً.
الملاحظة الاخيرة في هذا الملف انّ عدم احتساب عجز الكهرباء هو نوع من التحايل الذي لن يمر على المؤسسات المالية الدولية. وسيكون معروفاً انّ موازنة 2018 تعكس حجم الكارثة المالية الفعلية التي يسير البلد في اتجاهها.
«التغيير والاصلاح»
وعلمت «الجمهورية» انّ وزراء تكتل «التغيير والاصلاح» أكدوا في جلسة مجلس الوزراء عدم استعدادهم للسير بموازنة تضرّ البلد، وتكرار تجربة السلسلة، وانّ الوزير باسيل اعلن عدم المشاركة في جلسات الموازنة اذا لم يحصل اتفاق سياسي مُسبق على ٥ نقاط والسير بها.
وهي: خفض فوائد المصارف للتوصّل الى خفض كلفة الدين العام. خفض إنفاق كل الوزارات ٢٠٪. إزالة مساهمات الجمعيات الوهمية بهدف خفض الهدر، إقرار الإصلاحات التي اتفقنا عليها في السلسلة ولَم تنفّذ. وحلّ مشكلة الكهرباء.
وإذ عبّرت مصادر التكتل لـ«الجمهورية» عن امتعاضها من العرقلة السياسية لكل المشاريع التي يطرحها، شدّدت على ضرورة اتخاذ قرار سياسي واضح يتّفق عليه مسبقاً، واكدت عدم المشاركة في جلسات الموازنة، قبل حصول اتفاق سياسي في اجتماع اللجنة الوزارية.
وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ مجلس الوزراء ناقش إمكان إصدار قرار لوقف التوظيف في الوزارات والمؤسسات العامة، على ان تُستثنى منه الأجهزة العسكرية والأمنية باعتبار انّ بعضها وضع خططاً عدة لتعزيز كوادرها البشرية عبر التجنيد والتطويع.