اشار قائد الجيش العماد جوزاف عون الى ان الأقدار شاءت أن تكون هذه المنطقة عقدة مواصلات جغرافية، وساحة تتصادم فيها الإديولوجيات والتناقضات الفكرية والمصالح الدولية إلى حدّ بات يبدو معه عنوان "الاستقرار والتنمية" مَطْلَباً صعب المنال. وإذا كان غبار الحرب ما زال متصاعداً في منطقتنا، فحريٌّ بنا أن نبحث في سُبُل التنمية والاستقرار إلى جانب مسعانا الدائم لمجابهة الأخطار المتفلّتة من حولنا، وإنه لمن الضروري أن تتعاون اليدُ التي تضرب الإرهاب وتدمّره مع اليد التي تبني وتزرع، بل إنّ التنمية المُستدامة، بما تتضمّنه من محو آثار الفقر والجهل والبطالة، قد تكون أكثر فعالية من السلاح التقليدي في مقارعة الإرهاب.
وخلال حفل افتتاح المؤتمر الإقليمي الثامن حول "دعم الاستقرار والتنمية في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط" في النادي العسكري المركزي – المنارة، قال "لقد عاهدت المؤسسة العسكرية أبناء وطنها على صون الاستقرار، وهو إنجاز ثمين لم يستمرّ إلّا بما زرعه أفراد هذه المؤسسة من دمائهم الزكية وأرواحهم الطاهرة. لذا فإننا كلبنانيين، وتحديداً كعسكريين، مدركون لموقع الاستقرار في بنيان الوطن: إنّه الركن الثابت الذي تشيّد عليه المجتمعات والحضارات، فلنضع نصب أعيننا هذا الهدف النبيل، ولنتعاون في اجتراح الحلول والوسائل الكفيلة بتحقيقها. لقد بدرت من العدو الإسرائيلي في الآونة الأخيرة كما تعلمون عدّة تهديدات وممارسات خطيرة تطال حقّ لبنان الثابت في ثروته النفطية وتحديداً تلك الواقعة في البلوك رقم "9"، بالإضافة إلى محاولته إقامة جدار عازل على الحدود الجنوبية قد يمر في أراض لبنانية. وإنني من على هذا المنبر أؤكد مجدداً اليوم رفضنا القاطع إقدام العدو الاسرائيلي على المسّ بسيادة لبنان وبحقه المقدس في استثمار جميع موارده الاقتصادية، ولن يوفّر الجيش وسيلةً متاحةً للتصدي لأي عدوان إسرائيلي، مهما كلفه ذلك من أثمان وتضحيات.
اضاف قائد الجيش بموازاة هذا الاستعداد، فإن الجيش سيكون حازماً في إنهاء أي محاولة داخلية لزعزعة السلم الأهلي، وإثارة غبار الفتنة، ولن يسمح إطلاقاً بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، وبتحول الاختلاف السياسي الذي هو من صلب نظامنا الديموقراطي إلى فوضى يسعى إليها البعض لنسف الانجازات الوطنية الكبرى التي تحققت على أيدي اللبنانيين، وعلى أيدي شهدائنا وجنودنا الأبطال في أكثر من موقعة ومعركة مفصلية.
وشدد على إنّ رسالة لبنان هي رسالة العيش المشترك والانفتاح والحوار بين الثقافات، وهي رسالة نبتغي تعميمها عبر هذا المؤتمر كما كان الحال مع سابقاته، عساها تكون نقطة مضيئة في الظلام الدامس الذي يلفّ عدّة بلدان من المنطقة، وتسهم في رفع المعاناة عن العديد من الدول المجاورة، التي لا تزال ترزح تحت وطأة الأزمات والأحداث المتوالية.