تتسلّح معراب بالصمت. الفترة الآن للعمل في الكواليس وليس لإطلاق المواقف الانتخابية المتسرّعة. في تقديرات القواتيين توجهان. توجه يعتبر أن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، تسرّع في إعلان ترشيح بعض الشخصيات في بعض الدوائر، وكان يجب التلويح بها فقط بدون إعلان الالتزام، لترك الباب مفتوحاً أمام التفاوض والمبازرة، وكي لا يضطر جعجع بسبب التحالفات التي ستعقد إلى سحب ترشيح أي من مرشحيه، كي لا يظهر وكأنه يتخلّى عمن يدعمهم نزولاً عند ما تقتضيه الحسابات السياسية والانتخابية. والتوجه الثاني هو الثابت على المواقف، والذي يشيد بصوابية سرعة الترشحيات التي أعلنت، لقطع القوات الطريق على أي محاولات لابتزازها، ولتثبيت حقها بالتمثيل في هذه الدوائر.
طرق كثيرون أبواب معراب خلال الشهرين الماضيين. حسابات كثيرة أجريت، ونصائح أكثر أسديت، حتّى وصل الأمر بالبعض إلى طرح سحب القوات مرشّحها في البترون والذي كان أول مرشح تعلنه معراب رسمياً لخوض معركة الوصول إلى برلمان 2018، لمصلحة دعم النائب بطرس حرب لما يمثّله من رمزية وحيثية لقوى 14 آذار، وللنائب سامر سعادة مرشّح حزب الكتائب في تلك الدائرة. غاية النصيحة هي منع فوز الوزير جبران باسيل في البترون. ويعتبر هؤلاء أن هذه هي الطريقة الأنسب لقطع الطريق على باسيل. طالما أن هناك تفاهماً وتقارباً واتصالات مفتوحة، بين حرب وسعادة مع تيار المردة. وكذلك فإن التواصل بين القوات والمردة كان قائماً.
كانت هذه النصيحة قبل أسابيع، وفي غمرة التشنّج القواتي مع التيار الوطني الحر، لكن معراب رفضت هذا الطرح، ولا تزال، خصوصاً أن العلاقة مع التيار تتجه إلى التفاهم، وهناك مشاروات للتقارب أكثر والتحالف في عدد من الدوائر. الميزان الأساسي لترشحيات القوات وتحالفاتها الانتخابية، سيرتكز على العلاقة مع تيار المستقبل، إذا ما تحسّنت العلاقة، أو إذا ما بقيت على حالها. لذلك، تختار القوات توقيتاً لافتاً لإعلان أسماء مرشحيها، وهو 14 آذار المقبل، لما يمثّله التاريخ من رمزية في وجدان جمهور هذه القوى، التي تصرّ القوات على الحفاظ عليها والإنطلاق منها.
وفق بعض المعلومات، فإن القوات والمستقبل حققا بعض التقارب في الفترة الماضية. وتقول مصادر متابعة إنه تم التوافق على نسبة 50% من الدوائر الانتخابية، فيما تبقى الدوائر الصعبة أو المعقدة معلّقة. ولكن ترفض معراب المفهوم الجديد للتحالفات الانتخابية الذي يجري تعميمه وفق القانون الجديد، بمعنى إمكانية التحالف مع من هم خصوم في السياسة. وتعتبر أن هذه لم تعد عملاً سياسياً ولا انتخابات وفق القناعات والمواقف، بل توجهات تمليها المصالح. لا يحبذ جعجع سياسة المساومات التي تمليها الحسابات، ولا يفضّل التوافقات على القطعة، بمعنى أن يتحالف مع طرف في دائرة ويتخاصم معه في دائرة أخرى، لأن في ذلك رياء ويتسبب بضياع الجمهور.
لا تزال المشاورات القواتية المستقبلية عالقة عند نقاط ودوائر عديدة. لم يحصل هناك أي توافق بشأن صيدا- جزين، وزحلة، والكورة. أما في بيروت الأولى، فيشير القواتيون إلى تفاهم مع المستقبل والوزير ميشال فرعون. توقفت المشاورات عند نقطة النائب نديم الجميل. إذ إن المستقبل كان يسعى إلى تحالف قواتي مع التيار الوطني الحر في هذه الدائرة، لكن القوات ترفض ترشيح مسعود الأشقر، فيما الحريري أشاد بالأشقر واستدعى ذلك ردّاً قواتياً: "لا نريد إقفال منزل بشير الجميل، وهل أنت تستطيع تحمّل إقفال بيت بشير؟ يجب الفصل بين نديم الجميل وسامي". تجاوب الحريري بعض الشيء مع هذا الطرح، ولذلك بادر إلى الاتصال بالنائب نديم الجميل للاعتذار عن الخطأ البروتوكولي الذي حصل في احتفال 14 شباط في البيال.
سيكون خطاب القوات ثابتاً منطلقاً من ثوابت 14 آذار، إن لجهة المسائل الحياتية والتنموية، أو لجهة المسائل السياسية والاستراتيجية وعلى رأسها خطاب مواجهة سلاح حزب الله. لذلك، لا مجال للمساومة لديها، ولكن التفاهم مع المستقبل على التحالف في دائرة بعلبك الهرمل بوجه لائحة حزب الله التي تضم مرشّحاً للتيار الوطني الحر، لن يكون تحالفاً أساسياً أو يبنى عليه. هم القوات هو التحالف في الدوائر الأساسية. وفي حال عدم حصول ذلك، فقد تبقي القوات على تحالفها في الدوائر المتفق عليها، لكنها لن تذهب إلى خيارات مناهضة لثوابتها في دوائر أخرى. في موازة الحوار مع المستقبل، تجري اتصالات مع قوى معارضة، كانت قد بدأت مع حزب الكتائب، لكنها تجمّدت واصطدمت بمطلب كتائبي حول وجوب استقالة وزراء القوات من الحكومة. الأمر الذي رفضته القوات لأنها ترفض وضع شروط واملاءات عليها. حتى الآن، لا تزال القوات وحيدة، رغم حاجة الجميع إليها. وهي لا تمانع خوض الانتخابات وحيدة، وبالتحالف مع القوى السياسية التي تتلاقى معها، كقوى 14 آذار. فإن ذلك سيحررها من أي أعباء وحسابات لحلفاء آخرين، سواء أكان تيار المستقبل أم التيار الوطني الحر.