تكر اليوم سبحة إعلان الترشيحات لخوض الانتخابات النيابية اللبنانية التي تجرى في 6 أيار (مايو) المقبل، وأبرزها إعلان أسماء مرشحي حركة «أمل» وكتلة «التنمية والتحرير» في مؤتمر صحافي يعقده رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، ويعلن فيه البرنامج الانتخابي، يليه إعلان «حزب الله» بلسان أمينه العام السيد حسن نصرالله أسماء مرشحي الحزب في كلمة يوجهها مساءً إلى محازبيه وأنصاره، من دون دخولهما في التحالفات الانتخابية، باستثناء تحالفهما الاستراتيجي الذي سيخوضان على أساسه الانتخابات في الدوائر الانتخابية المشتركة.
ومع أن الرئيس بري والسيد نصرالله يرغبان في تأجيل إعلان تحالفاتهما على رغم أن الأخير على تحالف استراتيجي مع «التيار الوطني الحر» انسجاماً مع ورقة التفاهم التي جمعت السيد نصرالله والعماد ميشال عون قبل أن ينتخب رئيساً للجمهورية في لقاء جمعهما في كنيسة مار مخايل في الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت في شباط (فبراير) 2006، فإن «الثنائي الشيعي على وشك التوصل إلى تحالف انتخابي مع جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية في بيروت «الأحباش» في الدائرة الثانية في بيروت.
ولم يعرف حتى الساعة من سينضم إلى تحالف الثنائي الشيعي و «الأحباش» وما إذا كان هذا التحالف ينوي توجيه رسالة سياسية إلى رئيس الحكومة رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري من خلال إلحاق بعض المرشحين من الطائفة السنية يشكلون استفزازاً له باللائحة الانتخابية التي يفترض أن تشكل تقريباً.
فميل تحالف الثنائي الشيعي و«الأحباش» إلى ضـم مرشح أو أكثر ممن يصنــــفــون على خانة استفزاز «المستقبل» سيترتب عليه لجوء الأخير إلى معاملتهم بالمثل، بصرف النظر عن أن الطرفين يخوضان الانتخابات بلوائح متنافسة.
وهناك من يقول إن الرئيس بري ينأى بنفسه عن التدخل في شكل لافت بأسماء المرشحين من السنّة من غير «الأحباش»، لكن يبقى القرار بيد الأخيرة و«حزب الله» الذي يتحرك على جبهة انتخابية تعتبر من خارج نفوذه الانتخابي من أجل تسوية الخلاف بين رئيسي الحزب «الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال إرسلان وحزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب لإقناعهما بخوض الانتخابات عن دائرة الشوف وعاليه على لائحة واحدة.
وعلمت «الحياة» أن مهمة «حزب الله» تبدو وكأنه يريد أن يقول من خلالها «قمت بواجبي ولم أفلح»، في حال لم تصل مساعيه إلى خواتيمها.
كما أن الرئيس بري، وفق المعلومات المتوافرة، ليس طرفاً إلى جانب حليفه «حزب الله» في تحركه لتسوية النزاع بين إرسلان ووهاب مع أنهما على موجة سياسية واحدة.
ويعود سبب انكفاء بري إلى علاقته الوثيقة برئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الذي لن يحيد عن تحالفه معه وأيضاً مع الرئيس الحريري، وهذا ما يفسر إصرار رئيس المجلس على عدم ترشيح درزي على لائحة تحالفه و «حزب الله» و «الأحباش» في بيروت، بعد قرار الحزب «التقدمي الاشتراكي» بترشيح النائب السابق فيصل الصايغ على لائحة «المستقبل».
الحريري يجوجل أسماء مرشحيه
وفي المقابل، انصرف الرئيس الحريري في اليومين الأخيرين إلى جوجلة أسماء مرشحي «المستقبل»، وبات على وشك وضع اللمسات الأخيرة على اللائحة التي ستضم مرشحيه على قاعدة أنه يرفض التحالف مع أي طرف يحاول أن يضع تياره في علبة طائفية، وبالتالي يصر على خوض الانتخابات في معظم الدوائر الانتخابية بمرشحين ينتمون إلى كل الطوائف اللبنانية.
وتستبعد مصادر مقربة من «المستقبل» احتمال إعلان الحريري مرشحيه خلال الأسبوع الجاري، وتقول إن لديه متسعاً من الوقت لاستكمال تقديم هؤلاء المرشحين طالما أن مهلة الترشيح تنتهي في 7 آذار (مارس) المقبل. لكنّ أحداً، باستثناء رئيس الحكومة، لا يملك الإلمام بالقسم الأكبر من أسماء المرشحين، لأن البحث بالأسماء يتم في حضور الحريري وعدد من مستشاريه ممن تتشكل منهم الحلقة الضيقة المحيطة به.
التحالفات الانتخابية تحسم لاحقاً
لذلك، فإن انصراف القادة السياسيين إلى اختيار مرشحيهم يعني أن المشاورات الجارية في خصوص التحالفات الانتخابية ستأتي لاحقاً، أي بعد إقفال باب الترشح في 7 آذار والعودة عن الترشيحات في خلال مهلة تنتهي في 22 منه ليبدأ بعدها سريان المهلة المحددة لتسجيل اللوائح الانتخابية التي تنتهي في 27 من الشهر المقبل.
وعلمت «الحياة» أن المشاورات ما زالت تتواصل بين «المستقبل» و «التيار الوطني» وحزب «القوات اللبنانية»، لكنها لم تقترب حتى الساعة من مرحلة حسم الخيارات المتعلقة بالتحالفات الانتخابية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى جنبلاط الذي حسم خياره في التحالف مع «المستقبل» والرئيس بري.
ومع أن مصادر سياسية مواكبة للمشاورات الماراثونية التي ما زالت قائمة، بدأت تسأل ما إذا كانت بعض الأطراف التي تتمتع بثقل انتخابي في العدد الأكبر من الدوائر الانتخابية بدأت تدرس إمكان خوضها الانتخابات بلوائح منفردة، بذريعة أن قانون الانتخاب يشجع الناخبين الكبار على اللجوء إلى مثل هذا الخيار، وإن كان من السابق لأوانه التعامل مع مثل هذا الخيار وكأنه نهائي.
تعدد اللوائح في بيروت
على رغم أن القوى والشخصيات السياسية التي تنوي خوض الانتخابات في بيروت تنتظر إعلان الرئيس الحريري لائحة مرشحيه التي لن تبقى محصورة في الدائرة الثانية، وإنما ستتمدد إلى معظم الدوائر الانتخابية في لبنان، فإنها بدأت تتحضر لتشكيل اللوائح باستثناء تحالف «أمل» و «حزب الله» و «الأحباش».
وعلمت «الحياة» أن رئيس تحرير جريدة «اللواء» صلاح سلام يميل إلى حسم موقفه بالترشح من ضمن لائحة تردد أنها ستضم الوزير السابق خالد قباني، رئيس المركز الإسلامي في بيروت علي عساف، رئيس نادي «الأنصار» الرياضي نبيل بدر، المحامي ميشال تويني، إضافة إلى مرشحين آخرين، وهو يتواصل حالياً مع المجتمع المدني من خلال إبراهيم منيمنة الذي كان خاض الانتخابات البلدية في بيروت ضد لائحة «المستقبل» وحلفائه.
كما أن موقع «الجماعة الإسلامية» في الانتخابات لم يحسم حتى الساعة، على رغم أن مرشحها النائب عماد الحوت التقى منذ فترة سلام، فيما تواصلها مع «المستقبل» لم ينقطع وإن كان هناك من يستبعد قيام تحالف انتخابي بينهما لاعتبارات عربية تعود إلى أن هناك جهات عربية نافذة تنظر إلى الجماعة على أنها تنظيم لبناني مرتبط بتنظيم «الإخوان المسلمين».
ويتردد أن رئيس حزب «الحوار الوطني» فؤاد مخزومي لم يحسم أمره حتى الساعة بتشكيل لائحة يحسب لها حساب في المنافسة الانتخابية، على رغم أنه كان أول من بادر للقيام بتحرك انتخابي على المستويين السياسي والإعلامي، فهل يتمكن في نهاية المطاف من تشكيل لائحة تصنف في عداد اللوائح المنافسة أم يقرر خوض الانتخابات لتسجيل موقف اعتراضي؟ وهو لم يتوقف عن نشاطه الانتخابي ويواصل تحركه في أكثر من اتجاه.
هل يتحالف ميقاتي وكرامي؟
على صعيد المشاورات الانتخابية الجارية في دوائر لبنان الشمالي، علمت «الحياة» من مصادر طرابلسية أن اللقاءات بين الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي لم تنقطع، وأنها تحصل حالياً بوتيرة عالية ما يفتح الباب أمام تحالفهما لخوض الانتخابات على لائحة واحدة في دائرة طرابلس- الضنية- المنية.
ولفتت المصادر ذاتها إلى أن الاتجاه العام لديهما يميل إلى التحالف، وأنهما حققا تقدماً، لكن الاتصالات الجارية لم تصل حتى الساعة إلى المرحلة النهائية بسبب وجود تباين بينهما على بعض المرشحين، فميقاتي يحبذ التعاون في الضنية مع النائب السابق القيادي في «الجماعة الإسلامية» أسعد هرموش ومحمد الفاضل ومع عثمان علم الدين في المنية، فيما يرغب كرامي في أن يكون النائب السابق جهاد الصمد واحداً من المرشحين الاثنين عن المقعدين السنيين في الضنية.
ورأت أن التباين بينهما حول المرشحين الاثنين عن الضنية يبقى قائماً، خصوصاً أن كرامي يتعامل مع الصمد على أنه الأقوى في هذه الدائرة، فيما يعتقد آخرون بأن قدرته على أن يحل بين الأوائل في الحصول على الصوت التفضيلي في الدائرة ككل يمكن أن ينعكس سلباً على المرشحين في طرابلس.
ويبقى السؤال: هل يتوصل ميقاتي وكرامي إلى تفاهم نهائي يدفع في اتجاه التحالف الانتخابي، أم أن المفاوضات قد تعود إلى المربع الأول، ما يعني أن عملية خلط الأوراق في هذه الدائرة إلى مزيد من التعقيد، على رغم أن زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية يتولى مهمة التوفيق بين حليفيه اللذين لن يترددا في حال توصلا إلى تفاهم في التعاون مع مرشح «المردة» عن المقعد الأرثوذكسي في طرابلس رفله دياب، وإن كان ميقاتي يتمسك بترشيح الوزير السابق نقولا نحاس.