ارتفعت حدة السجال بين تل أبيب وطهران أمس، عندما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن حكومته ستتحرك ضد إيران إذا لزم الأمر، وليس فقط ضد وكلائها في الشرق الأوسط، مجدداً تأكيده أن طهران تمثل أكبر تهديد للعالم، في وقت رد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف متهماً إسرائيل باعتماد العدوان سياسة لها، وحملها مسؤولية أعمال الانتقام الجماعية ضد جيرانها والتوغل اليومي في سورية ولبنان.
وقال نتانياهو في كلمة أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، بينما كان ممسكاً بقطعة قال إنها من طائرة إيرانية من دون طيار دخلت المجال الجوي الإسرائيلي قبل أيام: «إسرائيل لن تسمح للنظام بلف حبل الإرهاب حول عنقنا... سنتحرك إذا لزم الأمر ضد إيران نفسها وليس ضد وكلائها فحسب». وأضاف: «لدي رسالة للطغاة في طهران: لا تختبروا عزم إسرائيل».
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها نتانياهو أمام مؤتمر ميونيخ للأمن الذي يحضره مسؤولون في مجالي الأمن والدفاع، وديبلوماسيون من أنحاء أوروبا والولايات المتحدة. ودعا في كلمته المسؤولين الأميركيين والأوروبيين إلى التصدي لإيران فوراً، وعرَض خريطة تُظهر ما وصفه بالوجود الإيراني المتزايد في الشرق الأوسط.
ورد وزير الخارجية الإيراني خلال المؤتمر، واصفاً عرض نتانياهو «بالسيرك الهزلي الذي لا يستحق حتى الرد». واتهم الولايات المتحدة باستغلال المؤتمر «لإحياء الهستيريا» ضد إيران، نافياً أنها تسعى إلى «الهيمنة» في الشرق الأوسط. وقال إن إسقاط الطائرة الإسرائيلية المقاتلة بعد قصفها موقعاً إيرانياً في سورية، حطم «ما يعرف باستعصاء إسرائيل على القهر». وأضاف أن «إسرائيل تعتمد سياسة العدوان ضد جيرانها»، متهماً إياها بارتكاب «أعمال انتقام جماعية والتوغل اليومي في سورية ولبنان».
لكن نتانياهو قال إن إيران تزيد نفوذها بينما يسترد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية أراضي من أيدي المتشددين. وأضاف: «المؤسف أنه بينما ينكمش داعش، تتوغل إيران، فهي تحاول إقامة هذه الإمبراطورية المتصلة حول الشرق الأوسط من الجنوب في اليمن، لكنها أيضاً تحاول إنشاء جسر من الأرض من إيران إلى العراق وسورية ولبنان وغزة... وهذا تطور خطير جداً بالنسبة إلى منطقتنا».
وكرر وجهة نظره، التي يتفق معه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في شأنها، بضرورة أن تلغي القوى العالمية الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه مع طهران عام 2015 أو أن تعيد صوغه. ويكبح الاتفاق طموحات إيران النووية في مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وقال نتانياهو: «حان الوقت لإيقافهم الآن»، من دون أن يحدد أي إجراء عسكري. وتابع: «إنهم (إيران) عدوانيون ويطورون صواريخ باليستية ولا يسمحون بالتفتيش. الطريق مفتوح أمامهم لتخصيب هائل (لليورانيوم)»، في إشارة إلى الوقود اللازم للأسلحة النووية.
وتقول فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين، التي وقعت على الاتفاق النووي مع إيران والولايات المتحدة، إنه لا تمكن إعادة التفاوض في شأن الاتفاق، وإنه يحقق المرجو منه، وإن إيران تسمح بتفتيش منشآتها.
كما أكد عضو مجلس الاتحاد الروسي أليكسي بوشكوف أن الاتفاق بمثابة الاختيار بين الحرب والسلام، بينما رأى وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي ساعد في التوصل إلى الاتفاق، أن من الخطأ افتراض أن إيران ستمتلك سلاحاً نووياً بمجرد انتهاء أمد الاتفاق ومدته 15 عاماً، وأضاف: «إذا كان منزلك يحترق، فهل ترفض إخماد النيران لأنك تخشى أن تندلع مجدداً بعد 15 عاماً، أم أنك ستخمدها وتستغل الفترة اللاحقة للحيلولة دون اندلاع النيران ثانية؟».