يستعدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لزيارة العراق غداً على رأس وفد وزاري وإداري ونيابي واستشاري تلبيةً لدعوة نظيره العراقي فؤاد معصوم، على أن ينتقل من بغداد إلى أرمينيا تلبيةً لدعوة مماثلة وجّهها إليه نظيره الأرميني سيرج سركيسيان خلال زيارته لبنانَ نهاية العام الماضي.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إن الوفد الوزاري المرافق لرئيس الجمهورية في الزيارتين يضمّ وزراء الداخلية نهاد المشنوق، الخارجية جبران باسيل، الصناعة حسين الحاج حسن، السياحة أواديس كيدانيان، ووزير الدولة لمكافحة الفساد نقولا تويني ورئيس حزب الطاشناق النائب أغوب بقرادونيان.
وسيمضي عون 48 ساعة في العراق يلتقي خلالها نظيرَه العراقي ورئيس الحكومة حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب.
ثمّ ينتقل عصر الأربعاء الى يريفان للقاء نظيره الارميني ورئيسَي مجلس النواب والحكومة والجالية اللبنانية في أرمينيا حيث نُظّم له لقاء موسّع شاركت في تنظيمه قيادات لبنانية وأرمينية قياساً على حجم الجالية في يريفان والمدنِ الأرمينية والتي زادت في الفترة الأخيرة نتيجة مغادرة عائلات عدة بيروت للاستقرار في أرمينيا.
وعلى جدول اعمال الزيارتين قضايا متشابهة اقتصادية وسياسية تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات وطريقة تعزيز التبادل الاقتصادي وتعزيز العلاقات الديبلوماسية بينهما في الملفات الإقليمية والدولية.
وما يميّز الزيارة إلى العراق التوافقُ في نظرة البلدين إلى عددِِ من الملفات الساخنة على الساحتين العربية والإقليمية، وخصوصاً في مواجهة الإرهاب وأزمة النازحين ولجهةِ الدعوة الى مواجهة القرار الأميركي باعتماد القدس عاصمةً أبدية لإسرائيل، وكلّ ذلك يجري على ابواب القمّة العربية السنوية الدورية المقررة نهاية آذار المقبل في الرياض.
وتحدّثت معلومات غير رسمية لـ«الجمهورية» عن برنامج مساعدات وهبات عراقية قد يُعلَن عنها ترحيباً بزيارة عون لبغداد وفي لفتةٍ يشارك العراق من خلالها بتعزيز العلاقات بين البلدين ولا سيّما على المستوى العسكري والأمني وفي مواجهة الإرهاب.
الانتخابات والترشيحات
على الصعيد الانتخابي يَعقد رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم في عين التينة، وعلمت «الجمهورية» أنه سيتلو خلاله البرنامج الانتخابي لكتلة «التنمية والتحرير» وقد رفض الإفصاح عن مضمونه، وإن كانت أجواء عين التينة قد أكّدت أنه مندرج في سياق الثوابت والمسَلّمات التي ترتكز عليها الكتلة منذ انتخابات العام 1992.
وعندما سُئل بري عمّا إذا كان سيعلن أسماءَ مرشّحيه، أجاب: «يمكن يكون في إعلان».
ومن جهته، الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله يُعلن عند السادسة والربع مساء اليوم أسماء مرشّحي الحزب للانتخابات. فيما ينتظر الجميع ترشيحات تيار «المستقبل» وتحالفاته التي لم يتحدّد موعدها بعد، وكذلك ترشيحات «القوات اللبنانية» في 14 آذار المقبل، وإعلان اللوائح الانتخابية لـ«التيار الوطني الحر» في 24 منه.
ومن زحلة حيث أطلِقَت أمس الماكينة الانتخابية لـ»التيار الوطني الحر» قال رئيسُه الوزير جبران باسيل «إنّنا نسعى الى أكبر كتلة نيابية داعمة لرئيس الجمهورية، ولا نخجل من ذلك.
نحن تيار رئيس الجمهورية، فتيار مَن يَجب أن نكون؟»، وردّ باسيل على من يقول «إنّ رئيس الجمهورية يتدخّل في الانتخابات»، فقال: «أنت لن تفهم يوماً ماذا يعني الرئيس القوي ولبنان القوي لأنّك معتاد على الضعف. هذه القوّة هي عنواننا، القوّة بجيشنا ومقاومتِنا الّتي تدافع عن لبنان، وتيارِنا الّذي يدافع عن المسيرة».
«القوات»
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «القوات» تعمل على قدمٍ وساق على ثلاثة مسارات:
• المسار الأوّل، التحضير للمهرجان السياسي - الانتخابي في 14 آذار مع كلّ ما تعنيه وتحمله هذه الذكرى من معانٍ وأبعاد، حيث سيُصار إلى الإعلان عن الرؤية الوطنية التي ستخوض «القوات اللبنانية» الانتخابات على أساسها، والإعلان عن المرشحين الواحد تلوَ الآخر في مشهدية انتخابية استثنائية.
• المسار الثاني، مواصلة المفاوضات السياسية مع «المستقبل» و»التيار الوطني الحر» و»الاشتراكي» و»حزب الكتائب» و»حزب الوطنيين الأحرار» والشخصيات السياسية التي لديها حيثيات داخل بيئتها ودوائرها بغية نسجِ تحالفات انتخابية.
• المسار الثالث استكمالُ حلقة الترشيحات المتبقّية في بعض الدوائر، خصوصاً بعد اكتمالها في معظم الدوائر.
في هذا الوقت، لوحِظ عدم صدور مرسوم فتحِ دورة تشريعية استثنائية لمجلس النواب، خلافاً لِما أشيعَ قبل أيام عن تفاهمٍ تمّ حولها خلال اللقاء الرئاسي الأخير. وأشارت مصادر مواكبة الى أنّ هذا المرسوم يفترض صدوره قريباً، خصوصاً في ظلّ التوجّه إلى تعديل قانون الانتخاب في المادة المتعلقة باعتماد البطاقة الانتخابية الممغنَطة التي تَعذّرَ على وزارة الداخليّة إنجازُها في الوقت المحدّد.
وفيما قالت مصادر قانونية لـ«الجمهورية»: «إنّ وقفَ العملِ بالبطاقة قد لا يتطلّب تعديلاً للقانون وإنّه يمكن معالجة هذا الأمر بخطوة تتّخذها الحكومة»، رَفضت مصادر نيابية بارزة هذا المنطق وقالت لـ«الجمهورية»: «إنّ وقفَ العملِ بالبطاقة الممغنطة يوجب تعديلاً لقانون الانتخاب، ونعطي مثالاً: حتى ولو كان هناك خطأ مطبعي في قانون أصدرَه مجلس النواب وصَدر متضمّناً هذا الخطأ، فلا يُصحّح هذا الخطأ إلّا بقانون في مجلس النواب».
الموازنة
مِن جهة ثانية، يبدأ اليوم درسُ موازنة السنة الجارية في جلسةٍ يَعقدها مجلس الوزراء قبل الظهر في القصر الجمهوري في بعبدا تمهيداً لإحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها.
وعلمت «الجمهورية» أنّ هذه الموازنة بلغت الـ 25 ألف مليار و5043 مليون ليرة، ويقدَّر العجز المتوقّع فيها قياساً على حجم الواردات المقدّر تحصيلها هذه السنة بأقلّ من 8 آلاف مليار ليرة.
وقالت مصادر مطّلعة إنّ استعجال البتّ بالموازنة مردُّه إلى التفاهم بين رئيس الجمهورية ورئيسَي مجلس النواب والحكومة على تسريع الخطوات التي يفرضها القانون تميهداً للبتّ بها قبل الانتخابات النيابية، وستكون جلسة اليوم الأولى في إطار جلسات ماراتونية ستُعقد لمناقشتها تمهيداً لإحالتها إلى مجلس النواب للبتّ بها ضمن هذه المهلة.
وفي المعلومات التي تسرّبَت أنّ الموازنة الجديدة لن تتضمّن رسوماً وضرائبَ، وستبقى المصاريف المقدّرة ضمن السقف الذي أقِرّ في موازنة 2017، وهي تلحظ: 1328 مليار لخدمة الدين العام، 154 مليار لمشروع تنظيف مجرى نهر الليطاني، 156 مليار للصندوق الخاص الذي قال بتشكيله قانون الإيجارات لدعمِ العائلات الفقيرة المستأجرة، 413 مليار للجيش اللبناني، 1910 مليارات لسلسلة الرتب والرواتب و75 مليار ليرة لبنانية للانتخابات النيابية كحدّ أقصى.
وقدّرت الإيرادات في المشروع الذي سيتقدّم به وزير المال اليوم بـ 17 ألف مليار و934 مليون ليرة، والنفقات بـ 25 ألف مليار و503 ملايين ليرة، أي بعجز يَبلغ 7569 ألف مليار ليرة.
وعلمت «الجمهورية» أنه تمّ الفصل في الموازنة بين الدعم المقرّر لمؤسسة كهرباء لبنان فشطبَت كلفته المقدّرة بـ 2100 مليار ليرة لتعطَى للمؤسسة سلفات خزينة بدلاً من أن تكون من ضِمن أرقام الموازنة الثابتة.
من جهتها، قالت مصادر وزارة المال لـ»الجمهورية»: «إنّ هناك محاولة لتشذيبِ الموازنة، بمعنى عدم تضخيمها بما يساعد على إنجازها سريعاً، علماً أنّ كلّ الوزارات تعمل وفقاً لاقتراح رئيس الحكومة على تخفيض نفقاتها 20 في المئة».
وكرّر وزير المال علي حسن خليل «ضرورةَ تضمين مشروع الموازنة الإجراءات الإصلاحية الضرورية التي من شأنها معالجة الوضعِ المالي الدقيق، إذ لا يكفي فقط إقرارُها كرسالة إيجابية الى الداخل والخارج، وعلى أبواب المؤتمرات الدولية».
وعشيّة الجلسة، أكّد بري مجدداً «ضرورة إقرار الموازنة قبل نهاية ولاية المجلس الحالي لتداركِ أيّ مطبّات يمكن أن نقع فيها في حال عدم إقرارها. وأشار الى أنّ المجال ما زال متاحاً لإقرارها إذا بادرَت الحكومة الى إحالتها الى المجلس النيابي قبل نهاية شباط، وفي حال تمّ ذلك سأسعى كلّ الجهد وأعلِن الاستنفار النيابي لدرسِها وإحالتها الى الهيئة العامة للمجلس وإقرارها قبل الانتخابات».
كهرباء
وفي هذه الأجواء، يُطرَح ملف الكهرباء مجدّداً على طاولة مجلس الوزراء في أقرب وقتٍ لإقرار الحلول المناسبة، وفق ما أعلنَ رئيس الحكومة سعد الحريري، مضيفاً: «لا يجوز أن تستمرّ مشكلة الكهرباء على حالها، وهي تَستنزف المواطن وخزينة الدولة على حدّ سواء لمصلحة قلّة من المنتفعين».
وفي هذا السياق أعلنَ وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل أنّ «الكهرباء اليوم على بُعد قرار، والمعترضون عدّلوا في دفتر الشروط ٣ مرّات، وثمّة من اعترَض على تأمين الكهرباء قبل الانتخابات». وقال: «بناء المعامل يستغرق ٣ أعوام وحتى ذلك الوقت يجب تأمين طاقة طارئة وهي على بُعد قرار من مجلس الوزراء».
ورَفضت مصادر «القوات» «تخييرَ اللبنانيين بين البواخر والعتمة»، وأكّدت «أنّ الإصرار على شركة واحدة ودفتر شروط مفصّل على قياسها مرفوض»، وقالت: «لو تمّ الاحتكام للمسار القانوني الصحيح منذ البداية وعدم حصرِ دفتر الشروط بخيار وحيد واللجوء إلى إدارة المناقصات والالتزام بقراراتها لكُنّا بلغنا اليوم الحلّ على صعيد الكهرباء وتوافرَت ٢٤/٢٤»، وحمّلت «مسؤولية التأخير للإجراءات غير القانونية وغير التنافسية التي اتُّبِعت في الاختيار والتلزيم»، وشدّدت «على ضرورة إنجاز هذا الملف في أسرع وقتٍ بغية توفيرِ الكهرباء وتخفيضِ الهدر، ولكن لن نسمحَ تحت أيّ عنوان أو حاجة بإمرار ملفّ الكهرباء أو غيره من دون الاحتكام إلى المسار القانوني الصحيح».
النفط والغاز والجدار
ومِن جهةٍ ثانية يَنتظر المسؤولون ولبنان عموماً ما ستُسفر عنه الحركة الأميركية الهادفة الى إيجاد حلٍّ للنزاع القائم بين لبنان وإسرائيل «جداراً وبلوكاً»، وفي هذا الإطار اجتمع أمس مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد مع وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتز، وذلك في مسعى لحلّ النزاع حول حقول النفط والغاز مع لبنان.
وقال بيان لمكتب شتاينتز إنّ الوزير الإسرائيلي أبلغ إلى ساترفيلد أنّ «الحلّ الديبلوماسي هو المحبّذ لدى الجانبين»، واتفقَ الطرفان على اللقاء مرّةً أخرى الأسبوع المقبل.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المفاوضات الأوّلية التي أجراها ساترفيلد في إسرائيل لم تُظهر أيّ ليونة في موقفها.
وبَعد تأكيد الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله جهوزية الحزب لإيقاف محطات استخراج النفط الإسرائيلية، قال نائبُه الشيخ نعيم قاسم أمس «إنّ العدوّ الإسرائيلي يستطيع أن يعتدي، ولكن عليه أن يحتسبَ حساب ردّات الفعل والدفاع والمقاومة، سواء إن كان يتحمّلها أم لا، ولا يستطيع أحدٌ بَعد اليوم أن يُرغم لبنان على شيء ولا أن يَسلبه حقوقه لا البرّية ولا البحريّة، لأنّ لبنان قوي بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، ولبنان الموحّد قادر على حماية حقّه».
أمّا رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيّد هاشم صفي الدين فاعتبَر «أنّ مجيء الوفود الأميركيّة المتكرّر إلى لبنان، دليل واضح على عجز إسرائيل وعلى انسدادِ الأبواب والأفاق أمامها.