مازال الثنائي الشيعي على ما هم عليه من رأي في اختياراتهم النيابية لأشخاص غير خاضعين للفحوصات غير المخبرية والمتعلقة بمبدئيّ النزاهة والكفاءة باعتبارهما حجر الأساس للبناء الذي شيده الإمام موسى الصدر للشيعية السياسية التي قامت على نقيض السائد السياسي للإقطاع ولكنها لم تستقم في التجربة على تعاليم المؤسس موسى الصدر ..
ربما كانت ظروف البدايات صعبة وكانت النخب الشيعية يسارية ولم تكن بعد, قد دخلت في نظام الطائفة أو عصبية المذهب كما هي عليه الآن لهذا لن نحاكم بدايات غير سهلة ولكن لن نسكت عن استمرار التعاطي مع التمثيل الطائفي بطريقة غير معيارية بالمعنى العلمي والإبقاء على المقربين المطيعين كنواة ثابتة أو متحركة للمجلس النيابي أو حتى الوزاري وهذا ما أدّى إلى إحتجاج في الوسط الشيعي و إلى تذمر من القيادة المولجة بالإنتخابات النيابية ولكن لا أحد يسمع طالما أن لا منافس للثنائي الشيعي وطالما أن المسموح فقط هو لائحة واحدة أفتى المفتون الجُدُد من مشايخ الشيعية السياسية بحرمة التصويت لغير لائحة الثنائي رغم عدم توفر لائحة مخالفة ورغم تنصل المسؤولين من مسؤولياتهم السياسية عندما يسمعون ويسمحون باستغلال الدين لمآرب انتخابية وهذا ما يؤكد حرص السلطة على أدواتها وحضورها لصالح الطبقة السياسية الحاكمة .
إقرأ أيضا : نبيه بري ومشايخ الدِّبس !
ولا يحتاج أي شيعي لمؤنة زائدة لمعرفة الأسماء الوازنة من أسماء الزوانة وخاصة في مجلس تشريعي لا في إدارة تنظيمية أو في جمعية حماية البيئة ويكفي للدلالة رؤية الفارق الكبير ما بين رأس اللائحة الانتخابية الشيعية دولة الرئيس نبيه بري وبين الأسماء المرصوفة تحته لتعرف طبيعة الإختيارات والمعايير المعتمدة للوصول إلى قوائم لا تعكس المستوى الشيعي الذي أفاض كفاءة وقد تكون من أكفأ الكفاءات الطائفية في لبنان ولكن العقل الايديولوجي حذفها بعد أن همّشها واختزل التمثيل الطائفي بجماعة موالية وهنا لا نشمل الجميع طبعاً ولا ندين أسماءً ولكن ننتقد القاعدة المتبعة في الاختيارات والتي أبدت فشلها ومع ذلك يكرر المعنيون الفشل حتى لا يقال أن فلاناً قد أخطأ وهو معصوم من الخطأ وهذا ما سينسحب على قرارات أخرى وبذلك يفقد المقدس قداسته بسبب الأخطاء الفادحة .
إقرأ أيضا : جواز خرق لائحة الثنائي الشيعي
أكثر من مليون شيعي تمثلهم مجموعة واحدة في المسؤولية التنظيمية وفي النيابة وفي الوزارة كأن البطن الشيعي لم يحمل إلاّ هؤلاء من هنا ثمّة نقمة على التقاليد المتبعة عند الثنائي وعلى القواعد المتبعة لتسمية ممثلين لطائفة لا لجهة وهذا ما سيدفع في المستقبل إلى البحث عن أطر عمل جديدة عندما تتسع مساحة العمل السياسي وهذا ما ستتيحه الثنائية نفسها نتيجة تطور نوعي في الوعي السياسي بحيث لم تعد المصادرة وعملية الإختزال بإسم القائد السياسي أو بإسم الفقيه الديني تقنع الكثيرين من المنتسبين والمؤمنين والتجربة في الدول التي يسيطر عليها القائد المدني أو الديني أثبتت إستحالة مصادرة العقل لتلبية رغبة الشخص التاريخي وثمّة جنوح نحو ضرورة المشاركة المفتوحة في كل شأن عام وأصبح من الصعب البقاء في دائرة الآلهة البشرية .
نعم العوام سيبقون في خط الطاعة ولكن إلى حين فالتجربة الفاشلة ستكشف لهم ضرورة الإنحياز إلى مصالحهم الجوهرية لا إلى عصبياتهم ومشهد الأمم والشعوب شاهد على ذلك ودورة التاريخ حافلة في تبديد السائد لصالح الجديد لأن عجلة الحياة إلى الأمام لا إلى الوراء ومهما حاول المعرقلون وضع العصي أمام دواليبها .