قفزت ترشيحات اللوائح الكبرى، العائدة للكتل والتيارات الحزبية والطائفية إلى الواجهة، في سباق محفوف بتنافسات غير مسبوقة، وحسابات تضع يد الجميع على قلوبهم من مفاجآت النسبي والتفضيلي، والتحالفات فوق الطاولة وتحتها للظفر، هذه الدورة، ليس بمقعد نيابي أو كتلة وازنة، بل بقوة نيابية، ضمّن استقطاب قديم، جديد، يتعلق بخيارات البلد وموقعه ودوره المستقبلي في بحر متلاطم من المتغيّرات.
مقترحات ساترفيلد
وخلافاً لما تردّد بأن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أعاد التذكير بخط الدبلوماسي الأميركي فريدريك هوف بما يتصل بالنزاع مع إسرائيل على البلوك 9 ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، تبين من خلال الجولة التي اجراها أمس مساعده لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، على المسؤولين اللبنانيين لمتابعة محادثات تيلرسون في بيروت، ان للدبلوماسية الأميركية مقترحات أخرى غير خط هوف الذي يرفضه المسؤولون اللبنانيون، الا ان هؤلاء رفضوا الكشف عن طبيعة هذه المقترحات، أو التأكيد عمّا إذا كانت تتصل باجراء مفاوضات رباعية مباشرة يُشارك فيها لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة والأمم المتحدة على مستوى دبلوماسي لا عسكري، أو الذهاب إلى خيار التحكيم الدولي لبت النزاع مع إسرائيل حول الأراضي لصالحه.
غير ان مصدراً مطلعاً مقرباً من الرئيس نبيه برّي في عين التينة التي زارها ساترفيلد بصحبة السفيرة الأميركية اليزابيث ريتشارد، بعد لقائهما وزير الخارجية جبران باسيل في قصر بسترس، وقبل لقاء رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في «بيت الوسط»، أوضح لـ«اللواء» ان ساترفيلد طرح تعديلات على «خط هوف» الا ان الرئيس برّي أبلغه بأن هذا الطرح مرفوض وغير قابل للدرس.
ورفض المصدر الكشف عن طبيعة الطرح الأميركي الجديد، واكتفى بالتأكيد ان ساترفيلد تبلغ الموقف نفسه من الرئيس الحريري والوزير باسيل.
اما مصادر الخارجية فقد اشارت لـ«اللواء» إلى ان ساترفيلد الذي يتوقع ان يتوجه إلى إسرائيل في الساعات المقبلة لاستكمال وساطته بين الطرفين، نقل أجواء إيجابية عن زيارة تيلرسون إلى بيروت بمحطاتها الثلاث، وتحديداً مع الرئيس ميشال عون.
وأضافت ان اللقاء جاء تكملة لاجتماع باسيل مع تيلرسون والذي تركز حول المبادرة الأميركية لحل مشكلة الحدود وترسيمها والنقاط الخلافية مع اسرائيل، وان ساترفيلد قدم مقترحات سوف يدرسها باسيل على ان لا تتناقض مع ثوابت المواقف اللبنانية التي اتخذت سابقاً، وان باسيل أصرّ على ان يكون القرار اللبناني متخذاً تحت مظلة الوحدة الوطنية والإجماع الوطني بعيداً من التفرد.
وكانت مصادر اطلعت على محادثات تيلرسون مع المسؤولين اللبنانيين أوضحت ان المسؤول الأميركي ابلغهم بأن الاقتراح الذي أشار إليه مساعده ساترفيلد يعطي مكاسب للبنان قد لا تكون مضمونة في حالات أخرى، الا انه لم يسم «خط هوف».
وقالت ان تيلرسون أكّد على ضرورة معالجة الخط الأزرق مع الخط الأبيض لكي يكون ذلك مدخلاً لحلحلة الوضع في الجنوب، مشيراً إلى ان ما قدم من مقترحات في هذا المجال مناسب لحلحلة الوضع، لافتاً إلى ان مصلحة لبنان يمكن ان تتأمن بمثل هذا الحل، مع انفتاح على اقتراحات يمكن ان تكون مشجعة على تسوية يتم التوصّل إليها.
وأفادت المصادر ان الرئيس عون أكّد على أهمية ان تمارس الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل كي لا تعتدي على لبنان مستذكرا معاناة أهالي الجنوب مع الاعتداءات الإسرائيلية.
وكشفت المصادر ذاتها أن تيلرسون أوضح للمسؤولين اللبنانيين أن بلاده ترغب بإنجاح المؤتمرات الدولية للبنان، ومن مصلحة لبنان ألا تكون هناك ملاحظات للدول المشاركة في المؤتمرات في ما خص الوضع المتعلق بحزب الله، إذ أن وجود السلاح خارج إطار الدولة يمكن أن يكون سببا لملاحظات تخفف من اندفاع الدول مساعدة لبنان فهي تريد دعمه مادياً ومعنوياً، باعتباره بلداً ديمقراطياً، كما تريد لبنان خاليا من أي نفوذ خارجي.
وأفادت أن أميركا تقف إلى جانب لبنان وقواه الأمنية وستطلب من الدول المانحة المساهمة في ذلك.
وأكدت المصادر أنها تشجع لبنان على اعتماد سياسة الناي بالنفس ويجب أن يبقى بعيدا عن التجاذبات في المنطقة لأن للبنان دورا وحضورا ولا يجوز لأي شيء أن يؤثر عليهما.
ولفتت إلى أن تيلرسون رأى أن دور إيران في لبنان وسوريا يقلقه، أما الرئيس عون فقال أمام ضيفه «لا يجب أن تحملوا لبنان أكثر مما يحتمل».
وعلم أن رئيس الدبلوماسية الأميركية كرر أكثر من مرة أن لبنان والولايات المتحدة الأميركية يلتقيان على قيم واحدة وهناك قلق على الوضع، ومن مصلحة لبنان أن يبدد هذا القلق لا سيما انه مقبل على رغبة في الانطلاق نحو مستقبل مزدهر، أن الرئيس عون ردّ على ضيفه قائلاً: «انه عندما تحصل تطورات إيجابية على صعيد الحل السوري في المنطقة تزول المخاوف وتنتفي الحاجة إلى حيازة السلاح».
وأشارت المصادر إلى أن تيلرسون أكد انخراط بلاده في الحرب ضد داعش في الوقت الذي تستمر فيه المشاورات في جنيف بين عدد من الفرقاء للوصول إلى حل ومؤتمر جنيف هو الحل. واكد أن بلاده تستمر في دعم لبنان اقتصاديا وتريد لمستقبله أن يشرق من جديد، مشيرا إلى أن الشركات الأميركية و الأوروبية تساهم في الاستثمار في لبنان.
نصر الله
وبطبيعة الحال، لم تغب محادثات تيلرسون عن خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله في ذكرى القادة الشهداء للحزب، والذي رأى ان المنطقة كلها دخلت علناً في معركة النفط والغاز، معتبراً ان ما يحصل في لبنان من محاولات إسرائيلية للاستيلاء على البلوك 9 ليس منفصلاً عن هذه المعركة التي فتحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب من خلال جشعه وطمعه بالثروات العربية، واصفاً الوسيط الأميركي بأنه «غير نزيه ولا يريد مصلحة لبنان بل مصلحة العدو الإسرائيلي ويريد ان يأخذ نفطنا ويعطيه للصهاينة».
وأكد نصر الله ان الثروة النفطية في جنوب لبنان هي للبنانيين جميعاً، وان المعركة على البلوك 9 هي معركة كل لبنان، مشدداً على ان «حزب الله» لا يتدخل في مسألة الحدود البرية أو البحرية، باعتبارها من مسؤولية الدولة، لكنه كشف بأن الجدار ما زال يُبنى خارج الأراضي اللبنانية، معتبراً ان المسألة تتغير عندما يصبح البناء على الأراضي اللبنانية المتنازع عليها، وان الحدود البحرية ومسألة النفط أهم من الحدود البرية.
وقال: ان الدفاع عن لبنان أيضاً هو من مسؤولية الدولة وان على الدولة أن يكون لديها موقف شجاع وراسخ وقوي ونحن ندعمها، مشدداً على انه يجب أن يتحدث لبنان اليوم من موقف قوي ان لديه القدرة وليس من موقف ضعف لأن ذلك يؤدي إلى الهزيمة.
أضاف: «نحن أقوياء ويجب ان نفاوض كأقوياء و«اسرائيل» التي تُهدّد بامكاننا ان نهددها، وإذا أتى الأميركي ليقول عليكم أن تسمعوا لي لأردّ إسرائيل، قولوا عليك ان تقبل مطالبنا لنرد حزب الله عن «اسرائيل». وأشار انه في حال أخذ مجلس الدفاع اللبناني قرارا بأن تتوقف محطات استخراج النفط «الاسرائيلية» عن العمل نحن جاهزون لنوقفها خلال ساعات.
جلسة الموازنة
وعلى صعيد آخر، وفي خطوة يؤمل ان تكون مساعدة على طريق تحضير لبنان لمؤتمرات الدعم الدولية المرتقبة في الشهرين المقبلين، سواء في روما أو باريس أو بروكسل، تقرر ان تعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل ظهر الاثنين المقبل في بعبدا، للبدء في بحث مشروع موازنة العام 2018، بعد ان تمّ تعديله من قبل وزارة المالية لجهة تخفيض النفقات بنسبة 20 في المائة.
وعلم ان الوزير علي خليل قد أعاد مشروع الموازنة إلى رئاسة الحكومة، بعد أن كان استرده قبل ذلك.
يُشار إلى ان موضوع المؤتمرات الثلاثة كانت موضع بحث بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اشيم شتاينر والمنسق العام للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني.
ولفت شتاينر إلى ان هذه المؤتمرات فرصة لابراز دعم هذه الدول للبنان، في حين شدّد المشنوق على ان كل الفرقاء في لبنان يعملون لإنجاح هذه المؤتمرات، وان الوزارة تعمل ليلاً نهاراً لإنجاز التحضيرات اللوجستية والإدارية لاجراء الانتخابات.
وخلال افتتاحه مساء في فندق «فينيسيا» المؤتمر الذي نظمته أندية «الروتاري» لعام 2018 بعنوان: «المياه، النظافة الصحية والسلام»، دعا الرئيس عون المؤسسات والتنظيمات الفاعلة دولياً ومنها أندية «الروتاري» في العالم إلى المساعدة في معالجة معاناة النازحين السوريين «لان عبء النزوح صار مرهقاً علينا، كما على النازحين أنفسهم، والحاجة للحل اضحت ملحة أكثر من أي وقت مضى».
موسم اللوائح
وبالتزامن مع احتدام النشاط الحكومي، تبدأ لوائح المرشحين الكبرى بالظهور تباعاً.
فيعقد الرئيس برّي في عين التينة عند الساعة 12،30 مؤتمرا صحفيا، يعلن فيه على الارجح مرشحي حركة «امل» عن المقاعد الشيعية في كل لبنان، بعد تقاسم هذه المقاعد مع الطرف الآخر في «الثنائي الشيعي»، حزب الله.. على ان يعلن السيّد نصر الله على الشاشة مساء الثلاثاء مرشحي الحزب في كل المناطق اللبنانية.
وكان السيّد نصر الله قد أعلن، في مهرجان القادة الشهداء الذي أقامه الحزب في مجمع سيّد الشهداء في الضاحية الجنوبية، انه ينوي إعلان أسماء مرشحي الحزب الاثنين، لكنه استدرك بعدما تذكر عزم الرئيس برّي تقديم مرشحيه الاثنين، فأرجأ ذلك إلى السادسة مساء الثلاثاء، مؤكدا بأن هناك فريقين حسما خيارهما الانتخابي في كل لبنان منذ أشهر وهما حزب الله وحركة امل».
واستحوذ موضوع الانتخابات على معظم الشق الثاني من خطاب نصر الله الذي نفى ان يكون قانون الانتخاب الجديد هو قانون «حزب الله» وان كان الحزب شريكا فاعلا ومؤثرا في صنع هذا القانون الذي وصفه بأنه «مفخرة سياسية» وانه «اهم إنجاز سياسي في لبنان لأنه فتح المجلس النيابي امام كل من يريد ان يتمثل في البرلمان.
ونفى نصر الله ايضا ان يكون الحزب يفرض لوائح ومرشحين على قوى سياسية معينة، أو انه يريد الحصول على أغلبية في المجلس النيابي، معتبرا هذا الكلام هدفه تخويف بعض الدول للحصول على الدعم أو الضغط لتعديل قانون الانتخاب أو الضغط على الحزب، موضحا ان لا حزب سياسيا يستطيع الحصول على أغلبية في مجلس النواب.
ورد على إعلان الرئيس الحريري، من دون ان يسميه، بأنه لن يتحالف مع الحزب في الانتخابات، مؤكدا انه لا معركة لديه مع أحد، وانه يجب حسم التحالفات في المرحلة المقبلة، بعد ان حسمنا الأمر مع حركة «امل»، ولا تحالف مع القوات اللبنانية وتيار «المستقبل»، اما التحالف السياسي مع «التيار الوطني الحر» فهو متين وصامد، لكننا على المستوى الانتخابي سنأخذ راحتنا، إذ يُمكن ان نتحالف في دوائر ونتنافس في أخرى، ومع التقدمي الاشتراكي الأمر مفتوح للنقاش.
ومن جهته، أعلن المجلس السياسي «للتيار الحر» انه سيكون لديه تباعاً ترشيحات وفقا لجهوزها، وان الإعلان النهائي للوائح الانتخابية سيكون في 24 آذار، أي قبل يومين من سقوط أسماء المرشحين خارج اللوائح.
وقدم الحزب التقدمي الاشتراكي أمس طلبات الترشيح للانتخابات النيابية لأعضاء اللقاء الديمقراطي، حيث ترشح تيمور جنبلاط بدل والده عن دائرة عاليه - الشوف، وبلال عبد الله بدل النائب الحالي علاء ترو، وهادي أبو الحسن عن منطقة بعبدا، وفيصل الصايغ عن بيروت الثانية، بدل النائب غازي العريضي واكرم شهيب عن عاليه ومروان حمادة عن عاليه - الشوف، ووائل أبو فاعور عن البقاع الغربي - راشيا.
وسيكون للنائب وليد جنبلاط اليوم، مواقف انتخابية، في كلمة له في مؤتمر يعقد في فندق الريفيرا حول «رؤية إصلاحية علمية لقطاع الكهرباء».
اما الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، فقد شدّد خلال جولة قام بها في منطقة البقاع الأوسط، على ان أسماء مرشحيه ستعلن قبل مرور 24 ساعة على اقفال باب الترشيحات.