كانت قمر عباس ابنة الـ 4 أشهر تعيش طفولتها بسلام، لم يكن هناك ما يدعو للخوف والريبة، كان مجرد زكام بسيط لا يستدعي كل هذا الهلع ومع ذلك لم تغمض جفون والديها للحظة، لم تكن اعراضه حادة لكن والدتها شعرت أن قمر ليست على ما يرام، حدث كل شيء بسرعة، من رشح بسيط الى توقف في القلب، لم يفهم احد ما جرى معها، برأي عمها حسن عباس "توقف قلب قمر عند الساعة 12 ونصف من ليل الخميس في مستشفى النبطية الحكومي، نجحت الجهود في إنعاشه مجدداً إلا انه لم يصمد طويلاً، رحلت قمر باكراً باكراً جداً"، ما جرى مع الطفلة قمر من الحالات النادرة، وفق الطبيب المتابع "أُصيبت بفيروس كان مسؤولاً عن تلف عضلة قلبها ووفاتها المفاجىء، قمنا بكل ما يلزم لكن نسبة النجاة نادرة جدا".
موت قمر المفاجئ صدم الجميع، تلملم عائلتها جروحها وخسارتها الكبيرة، هي عاجزة عن الكلام، رحلت قمر وخلّفت وراءها اسئلة كثيرة، كيف يمكن لطفلة صغيرة ان ترحل بهذه البساطة من دون أعراض حادة او حرارة مرتفعة؟ كيف تُعطى علاجاً بالمصل في الطوارئ وتُعاود أدراجها قبل ان تدخل مجدداً الى المستشفى؟ وكيف يشرح الطب سبب الموت المفاجئ؟
يستعيد عمّها حسن عباس الأحداث الأخيرة التي سبقت يوم الوفاة، يقول: "كانت نور تعاني من رشح بسيط، لم يكن ثمة حرارة او اي شيء آخر، لاحظ والداها ان قمر ليست على ما يرام، تغيّرت ملامحها بعض الشيء، فتوجها بها عند الساعة الرابعة فجراً سريعاً الى المستشفى. بعد فحصها، تلقت قمر علاجاً بالمصل في قسم الطوارىء قبل ان تعود أدراجها "لأن حالتها لا تستدعي دخول المستشفى وفق ما أكد لهم طبيب الطوارىء".
توقف قلبها فجأة
عادت قمر الى المنزل إلا انها لم تكن على ما يرام. لم تكن مرتاحة او على طبيعتها، كان شك عائلتها في مكانه، وفق عمها حسن "قرر والداها استشارة طبيبة الأطفال في القرية التي أكدت لهم "ان الرشح سيُسبب لها المشاكل ويجب إدخالها الى المستشفى. هذا ما حصل فعلاً، عُدنا الى الطوارىء مجدداً ليتمّ إدخالها الى المستشفى عند الساعة 11 ليلاً، شعرت والدتها ان حالة قمر تسوء، ما دفع بالطاقم الطبي الى وضع آلة تخطيط. لم تمض ساعة ونصف ساعة حتى تغيرت ملامح قمر بالكامل، بدت شاحبة اللون وباردة. أخرجوا والدتها من الغرفة وبدأ العمل مع قمر لإنعاش قلبها ووضعها في العناية المشددة الخاصة بالأطفال، 3 ايام وقمر تعيش على جهاز الاوكسجين مع وفاة دماغي ومتابعة حثيثة ودقيقة لرئيسة قسم العناية الفائقة للأطفال، التي حاولت جاهدة ليلاً ونهاراً لإنقاذ قمر قبل ان تستسلم طفلتنا الصغيرة للموت".
برأي عمها حسن "الطفلة رحلت ولم يعد يجدي نفعاً اي اجراء قانوني او طبي. لكن عتبنا كان في عدم مجيء الطبيب الاول الى المستشفى لفحص قمر واكتفى بمتابعة حالتها عبر الهاتف الى حين توقف قلبها في المرة الأولى. طرح الطبيب اكثر من فرضية طبية لكن برأيه اكثر الاحتمالات الواردة هو الموت المفاجئ. ولكن لا يمكن تحديد سبب الوفاة إلا بتشريح الجثة لكننا رفضنا ذلك. بالنهاية رحلت قمر ولا ينفع البحث في الأسباب".
فشل عضلة القلب
من جهته، أكد طبيب الأطفال ومنسق أطباء الأطفال في النبطية الدكتور بسام غانم ان "هناك نوعاً من الفيروسات يُسبب ما يُسمى بالـMyocarditis المسؤولة عن إضعاف عضلة القلب، يأتي هذا الفيروس من الهواء دون اي اعراض. بالمبدأ تكون فجائية وتؤدي الى توقف عضلة القلب، أحيانا كثيرة لا يرافق هذا الفيروس إلا عارض الرشح البسيط، وتأتي بشكل سريع وفجائي من دون أي عوارض مثل النوبة القلبية عند الكبار".
اذاً سبب الوفاة ضعف عضلة القلب وليس الرشح؟ يُجيب غانم الى انه "بعد وصول الطفلة قمر الى الطوارىء وكشف الطبيب عليها وجد ان حالتها لا تستدعي دخول المستشفى، فهي كانت تعاني من رشح بسيط. كانت طبيعية ولا تعاني من حرارة او اي عارض حاد حتى الساعة الواحدة ليلا عندما توقف قلبها فجأة. وبرغم هذا العارض، بقيت نسبة الاوكسيجين طبيعية مما يؤكد ان المشكلة ليست في الرئة، مما دفعنا الى إجراء صورة للقلب التي كشفت وجود تلف في عضلة القلب".
بعد هذا العارض أدخلت قمر الى العناية المشددة قبل ان تفارق الحياة بعد 3 ايام على وجودها في المستشفى. برأي غانم "نادرة هي الحالات التي تنجو من هذا الفيروس، لأن توقف القلب يكون سريعاً ومفاجئاً".