تتوالى الوفود الاميركية الى لبنان لطرح حلول للنزاع القديم الجديد مع اسرائيل حول حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
بعد العرض الذي قدمه مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد خلال زيارته لبنان، والذي طرح فيه العودة الى اقتراح خط «هوف فرديكوف» الذي اعطى لبنان 462 كيلومترا مربعا من المنقطة المتنازع عليها والذي تبلغ مساحتها 860 كيلومترا مربعا، واعطى اسرائيل 398 كيلومترا مربعا منها، أتى
وزير الخارجية
الأميركي ريكس تيلرسون ليتوسّط أيضا لاسرائيل، لكنه سمع من رئيس الجمهورية ميشال عون ان لبنان متمسّكٌ بحدوده المعترف بها دولياً ويرفض ادعاءات إسرائيل بملكية أجزاء من المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية.
عاد النزاع اللبناني الاسرائيلي ليطفو من جديد بعد ان منحت الحكومة اللبنانية في كانون أول 2017 رخصتين للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9 لتحالف شركات «توتال» الفرنسية و»إيني» الإيطالية و»نوفاتك» الروسية، الامر الذي أثار غضب إسرائيل التي تدّعي ان البلوك 9 يقع داخل حدودها.
وقد هدّد وزير الدفاع الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان شركات النفط بشكل غير مباشر من العمل في لبنان قائلا إنها « ترتكب خطأً فادحاً»، مشيرا أيضاً الى احتمال عرقلة اسرائيل لعمل الشركات.
وفيما يصرّ لبنان على تمسّكه بحدوده المعترف بها دولياً ويرفض الاعتراف باسرائيل وأي امكانية لملكيتها أجزاء من المنطقة الاقصادية الخالصة اللبنانية، تواصل اسرائيل تهديداتها وخروجها عن الشرعية الدولية عبر انتهاكها للسيادة البحرية اللبنانية، ليبقى السؤال: من هي الجهة التي ستحكم في هذا النزاع وكيف ستباشر الشركات العالمية عملها في رقعة نفطية متنازع عليها؟
رأي الخبراء
اوضح الخبير في القانون الدولي بول مرقص في هذا الاطار، ان هذا الموضوع سيف ذو حدّين، لأن التحكيم في شأنه يخضع لنظريتين: الاولى تعتبر ان اي احتكام من قبل لبنان الى المراجع القانونية الدولية هو بمثابة اعتراف باسرائيل.
والثانية تؤيد الاحتكام الى المراجع القانونية الدولية. وقال لـ»الجمهورية» : على سبيل المثال يمكن ان يلجأ لبنان الى محكمة قانون البحار أو الى محكمة العدل الدولية لأن هاتين المحكمتين مختصّتين بالنظر في النزاعات البحرية والحدودية بين دولتين. ورأى مرقص ان لجوء لبنان الى هاتين المحكمتين لا يجعله معترفاً باسرائيل.
اما الاشكالية الثانية وفقا لمرقص، تتمثل بأن اسرائيل على عكس لبنان، لم توقّع على معاهدة قانون البحار، وبالتالي في حال اراد لبنان الاحتكام الى المحاكم الدولية يجب على الدولتين ان تكونا قد ابرمتا تلك الاتفاقية او وافقتا على الخضوع لها، «وبشكل عام فان اسرائيل متمرّدة وخارجة عن الشرعية الدولية وغير ممتثلة للاتفاقيات الدولية رغم ان أحكام هذه الاتفاقية تسترشد بها جميع الدول في موضوع النزاعات الدولية».
ولفت مرقص الى ان الحلّ يبقى عبر الضغط السياسي الدبلوماسي عن طريق الامم المتحدة التي لجأ اليها وزير الخارجية جبران باسيل في 18 كانون الثاني الماضي عبر رسالة وجهها الى الامم المتحدة وطلب توثيقها، وهي بمثابة شكوى. يملك لبنان أيضا خيار اللجوء الى مجلس الامن الدولي، «إلا ان هذا الامر سيدفع الولايات المتحدة الى استخدام حق النقض «الفيتو».
في الختام، اعتبر مرقص ان لا مصلحة لأي طرف اليوم في إثارة نزاع قضائي او عسكري لأن هذا الامر سيؤثر سلباً على الشركات المستثمرة وعلى جميع دول المنطقة المعنيّة بالتنقيب بدءً من اسرائيل مروراً بلبنان وقبرص ومصر.
هل تباشر الشركات عملها في لبنان؟
اكدت الخبيرة في شؤون الغاز والنفط لوري هايتايان لـ«الجمهورية» ان شركة توتال الفرنسية اكدت خلال حفل توقيع العقود الاسبوع الماضي، انها ستنقب في البلوك 9 وستبتعد عن المنطقة المتنازع عليها. واشارت الى ان الشركات على دراية بالنزاع اللبناني الاسرائيلي ولم تتفاجأ بالموقف الاسرائيلي الاخير، لكنها سبق ودرست ملفاتها القانونية وقدّرت المخاطر.
ولفتت هايتايان الى ان مشكلة اسرائيل مع لبنان وليس مع الشركات، وبالتالي لا يمكنها شنّ حرب على الشركات الاجنبية العاملة في لبنان، خصوصاً ان الشركات اعلنت انها لن تعمل في الجزء المتنازع عليه في البلوك 9، وبالتالي انتزعت فتيل الأزمة.
وختمت هايتايان مؤكدة ان النزاع بين لبنان واسرائيل حول الحدود البحرية يمكن ان يستمرّ لسنوات عدّة، وباستطاعة الشركات في غضون ذلك، العمل في لبنان.