ظنت ابنة السنوات السبع أن والدتها توقظها كما كل يوم للذهاب لملاقاة زملائها في المدرسة. سالي لا تستجيب وكأنها تصر على مواصلة حلمها الجميل. حلم كتب له القدر نهاية مأسوية فوضع حداً لحياة الطفلة ولقلب والدتها زينب عمار.
عقارب الساعة توقفت وكذلك قلب الوالدة بعدما أيقنت أن فلذة كبدها غرقت وسط الركام الذي سقط على فراشها في فجر مشؤوم. أما الوالد سامر عيتاني فلا يزال في حال غير مستقرة في المستشفى من دون أن يعلم ما ألمّ بطفلته وزوجته.
وكانت بلدة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت قد استيقظت على كارثة انهيار جزء من مبنى قديم العهد يملكه عبيدو عنان المستأجر من عائلة عيتاني في عين السكة.
انهيار المبنى أودى بحياة الطفلة سالي ووالدتها زينب واصابة الوالد فضلاً عن إصابة آخرين بجروح طفيفة .
أهالي المنطقة يؤكدون لـ "النهار" أن المبنى المنهار يعود تاريخ بنائه لثلاثينات القرن الفائت وكان بحاجة للترميم، فيما تؤكد بلدية برج البراجنة أنها أنذرت سكانه بضرورة مغادرته لانه بحاجة للترميم الأمر الذي نفاه الاهالي.
وقرابة الخامسة فجراً استيقظ سكان البلدة على دوي يشبه صوت الانفجار، وبعد لحظات تكشفت الكارثة وتجمع العشرات للمساعدة في أعمال الاغاثة في وقت استنفرت فيه فاعليات المنطقة وحضر رئيس البلدية عاطف منصور وكذلك عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار وأعضاء من المجلس البلدي وفرق الاغاثة وبعد نحو ساعتين انتشلت جثة الطفلة ولاحقاً توفيت والدتها بعدما نقلت الى مستشفى الرسول الاعظم في الوقت الذي أدخل فيه الزوج الى غرفة العناية الفائقة .
وبعد تقديمه واجب العزاء للعائلة المفجوعة، أكد عمار أنه "منذ اللحظة الأولى لحصول الحادث في برج البراجنة تداعى المجلس البلدي الى مكان الحادث وطلب من الاجهزة المعنية متابعة الامر"، لافتاً الى انه "اتصلنا برئيس الحكومة سعد الحريري ووضعناه في أجواء هذه الفاجعة وقد تجاوب مشكوراً بإعطاء التعلميات للامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير بالتوجه الى مكان الحادث والاطلاع على الأضرار لايجاد العلاجات المناسبة".
وشدد عمار على أن "هذه الحادثة بعد تفاقمها في السنوات الماضية تستدعي من اجهزة الدولة ذات الصلة بضرورة إجراء المسوحات الفنية على مساحة لبنان لتدارك فواجع كهذه"، وأشار الى أن "ما حصل في برج البراجنة جرس انذار للمسؤولين بضرورة إجراء مسح عام لكل المباني منعاً لوقوع مأساة اخرى".
رئيس بلدية برج البراجنة عاطف منصور أكد أن "الدولة تتحمل مسؤولية كبرى لأن المستأجر لا يمكنه ان يرمم البيت الذي يسكنه بسبب وضعه المالي والمالك أيضاً". ومن امام المبنى المنهار في برج البراجنة، قال: "المجلس البلدي عقد جلسة طارئة لهذه الغاية والذي حضره النائب عمار، وهو بادر بالاتصال برئيس الحكومة لإطلاعه على الوضع، كما تم الاتصال بالهيئة العليا للإغاثة في هذا الاطار"، مشيراً الى ان "المجلس البلدي مستعد للقيام بكل ما هو مطلوب منه من اجراءات للحؤول دون تكرار مثل هذه المأساة".
وأكد منصور "ان بلدية برج البراجنة تقوم بواجبها في هذا السياق وهي أرسلت انذارات كثيرة لإخلاء المباني المتداعية، ولكن المستأجر ليس بإمكانه القيام بالترميم"، محمّلاً المسؤولية "الى الدولة اللبنانية التي من واجبها ان تحل هذه المشكلة".
ويذكر ان الاجهزة الامنية حضرت الى المبنى المنكوب، وأجرت تحقيقاتها اللازمة خصوصاً بعد الحديث عن سماع دوي قبل انهيار المبنى.
بدورها أسفت نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة "أن يستفيق المواطنون على خبر كارثة انهيار مبنى في برج البراجنة وسقوط قتلى وجرحى من المواطنين الأبرياء، ذنبهم الوحيد أنّهم ولدوا في بلد لا يأبه بالكوارث ولا يتنبّه لها حتى ولو حصلت في مرات سابقة، ولا تزال كارثة انهيار مبنى فسوح ماثلة امام عيوننا (...)".
وأكد اللواء خير من برج البراجنة أن "قانون البناء يلزم صاحب البناء أن يقوم بأعمال الترميم وتمنى عدم تكرار تلك المأساة". وتابع "الرأي الهندسي يشير الى ضرورة هدم الجزء المتبقي من العقار المنكوب. وسيدفع بدل الإيواء للمتضررين وكذلك التعويض لذوي الضحايا".
وحمّلت الدولة اللبنانية "مسؤولية حصول الكارثة وبخاصة أنّ المبنى من فئة الإيجارات القديمة التي لا تزال الدولة تتباطأ في إصدار المراسيم التي تعود إليها لإنهاء هذا الملف وتمكين المالك القديم من ترميم المباني وتفادي حصول كوارث انهيارات...".
وتجدر الاشارة إلى انه يوجد كثير من المباني المهددة بالانهيار في الضاحية الجنوبية، ومنها مبنى الكواكب في الكفاءات .