لا يكاد يمضي يوم إلا والمسؤولين الإيرانيين يشنفون آذاننا فيه على جهوزية إيران لمواجهة العدو الإسرائيلي، ويَرْوُونَ لنا القصص والخبريات عن القدس وطريقها وفيلقها وجيشها، وعن زوال إسرائيل من الوجود وعن التفوق الإيراني الذي سيمحي إسرائيل عن الخارطة بأقل من ثماني دقائق، وتحديدًا سبع دقائق وثلاثون ثانية.
حتى بتنا نحن العرب، ننتظر بفارغ الصبر لحظة الإحتدام الموعود بين إيران وإسرائيل، حتى نتخلص من هذه الغدة السرطانية التي زرعها الإستعمار في قلب العالم الإسلامي كقاعدة عسكرية متقدمة.
إعتقدنا أن مرحلة عدم مشاركة الحرس الثوري بشكل مباشر طيلة فترة الصراع مع العدو الإسرائيلي في الجنوب اللبناني قد انتهت، وأن المرحلة الآن هي غير تلك المرحلة، فإيران قد إستكملت بناء أقوى جيش بالعالم وأن قبضة الحرس الثوري صارت حاضرة لترجمة شعاراته إلى واقع ليس على مستوى الصراع مع إسرائيل فقط بل حتى وصولًا إلى موت أميركا نفسها.
إقرأ أيضًا: توضيحات بعد إسقاط الطائرة
وأن تدخل الحرس الثوري في سوريا والعراق والمشاركة الواضحة وتقديم الشهداء من دون أي مواربة، سيمتد حتما للمواجهة أيضًا مع العدو الإسرائيلي ولن تختصر صور قاسم سليماني على الجبهات في المدن العربية والمحاور الداخلية فقط، وانه بانتظار على أحر من الجمر أخذ البوزات والتشاوف على الجبهة الحقيقية، وان كل تلك الصور ما هي إلا مقدمة ليس إلا، للصور في الجولان والجليل وأزقة القدس.
المفروض بحسب كل الخبريات القديمة، أن اللحظة الموعودة قد حانت وأن المعركة المرجوة بين الحرس الثوري وإسرائيل هي قاب قوسين أو أدنى، وأن ساعة التوقيت لدقائق زوال إسرائيل بدأت بالعد التنازلي.
فمعادلة التفوق الجوي عند العدو قد تحطمت بعد إسقاط الـ f16، والإسرائيلي يدعي أنه دمر بعدها قواعد إيرانية موجودة على الجغرافيا السورية (بطريقة شرعية وباتفاق مع الحكومة السورية)، مما يعني أن كل الأجواء والمبررات القانونية والموضوعية والشرعية والقومية والإيديولوجية والنفسية والإستراتيجية وكل ما يخطر على بالك من عائلة "جيّة" قد تهيأت للمهمة المنتظرة، وما على العدو إلا إنتظار إنهمار الصواريخ وزحف الملايين نحو القدس الشريف.
إقرأ أيضًا: حزب الله: الجدار نهاية دور
وإذ نرانا كل يوم ومنذ تناثر الf16، وكأن إيران غير إيران، والحرس غير الحرس، وسليماني متلهي بمهرجان ذكرى عماد مغنية في طهران وإلقاء المحاضرات الدينية فيه! وإذ بالخارجية الايرانية تسارع الى الهروب والهرولة والفرار فالبيان الأول كان التأكيد على عدم وجود قواعد عسكرية إيرانية بسوريا! التصريح الثاني هو الإصرار على عدم وجود قوات عسكرية إيرانية أصلًا بسوريا ولا يوجد إلا أفراد إستشاريين فقط، والصدمة الكبرى كان بالأمس بتصريح الأمس "الأجبن" والتبري فيه من أي علاقة لإيران بإسقاط الطائرة... بيان كاد يقول: "معقول نحن نعملها يا شباب؟؟".
للأسف إنتهت السبع دقائق ونص، ولما رفعنا عيوننا الشاغفة عن الساعة، كانت النتيجة النهائية ومن خلال بيانات وزارة الخارجية الإيرانية ليس تدمير إسرائيل وإنما هروب إيران وفرارها من المواجهة...
فإلى موعد آخر مع تهديدات خطابية تزيل إسرائيل من الوجود، وفي هذا الوقت المستقطع لا بأس من إزالة بعض المدن العربية.