مَن يرى رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة سعد الحريري يتبادلان الابتسامات ويهللان للعلاقة الثنائية القوية والتاريخية بينهما عقب الاجتماع الذي جمعهما، منذ يومين، في بيت الوسط، بحضور وريث المختارة تيمور جنبلاط والوزير السابق وائل أبو فاعور، يظن لوهلة أن كل النقاط الانتخابية الخلافية بين الطرفين تم الاتفاق عليها، وأن تيار المستقبل لن يتخلى عن جنبلاط في محنته التي لا يُحسد عليها في عقر داره "الشوف ـ عاليه".
مصادر مقربة من المختارة تؤكد لـ"ليبانون ديبايت" أن اللقاء لم يشمل التوافق على النقاط الخلافية، وكانت زيارة جنبلاط للحريري بروتوكولية عشية الذكرى الـ13 لاغتيال رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري. وتقول المصادر ساخرةً من صورة التوافق التي حاول الثنائي رسمها في ختام اجتماع بيت الوسط: "في السياسة ما نراه بخواتيم اللقاءات ما هو إلا ما اتُفق على إظهاره للإعلام".
وتلخص خلاف المستقبل ـ الاشتراكي الانتخابي بنقاط أربع: في مقدمتها وأكثرها حرجاً للطرفين، يأتي الخلاف في دائرة الشوف ـ عاليه، إذ يصرّ الحريري على ترشيح النائب محمد الحجار عن المقعد السني في الشوف، ولا يستطيع التخلي عن ذلك لأنه في حال فعل سيختلف مع الحجار ومع من يمثلهم الحجار في إقليم الخروب. بينما يصرّ جنبلاط في المقابل على ترشيح الدكتور بلال عبدالله عن المقعد نفسه، وسيقع جنبلاط بخلاف مع عبد الله ومن يمثلهم في الإقليم في حال تراجع عن ترشيحه.
وينجرّ الخلاف إلى دائرة البقاع الغربي ـ راشيا، حيث يعترض الحريري على ترشيح جنبلاط لأبو فاعور عن المقعد الدرزي في هذه الدائرة. بينما لا يزال التوافق على المقعد الدرزي في بيروت الثانية يكتنفه بعض التعقيدات، إذ يصر جنبلاط على ترشيح النائب السابق فيصل الصايغ بينما يطالب الحريري بترشيح درزي بيروتي وليس من خارج بيروت.
يتخوف جنبلاط من أن يتركه المستقبل يواجه مصيره في الشوف ـ عاليه، وتصف مصادر شوفيّة واقع جنبلاط بهذه الدائرة بـ"المحرج" كونه يواجه ما سمّته بـ"لائحة رعب" تهدد وجوده وتسلبه من 4 إلى 5 مقاعد من حصته.
ويحاول جنبلاط اليوم لتمرير انتخابات الشوف ـ عاليه بأقل الخسائر الممكنة، حل خلافه مع "المستقبل"، وممارسة أقصى الضغوط على وزير المهجرين طلال ارسلان لثنيه عن السير في هذه اللائحة التي ستكون في حال تخلّى المستقبل عن جنبلاط ولم يخضع ارسلان لضغوط الأخير على الشكل التالي:
في عاليه: "طلال أرسلان عن المقعد الدرزي، وسيزار أبي خليل عن المقعد الماروني، ومروان أبو فاضل عن المقعد الأرثوذكسي، ومرشح للوطني الحر عن المقعد الماروني الثاني، ومقعد درزي ثان شاغر".
في الشوف: "النائب ماريو عون عن المقعد الماروني، والوزير السابق ناجي البستاني عن المقعد الماروني، ومرشح للحزب السوري القومي الاجتماعي عن المقعد الماروني، والوزير السابق وئام وهاب عن المقعد الدرزي، ووزير البيئة طارق الخطيب أو مرشح قوي سنياً عن المقعد السني، وزاهر الخطيب أو مرشح سني مقبول من تيار المستقبل عن المقعد السني الثاني، وغسان عطاالله عن المقعد الكاثوليكي، ومقعد درزي ثان شاغر".
ويعيش ارسلان ضغوطاً كبيرة من الجهتين لأن رضوخه لإرادة جنبلاط يعني حتماً خسارة تحالفه الاستراتيجي مع حزب الله على اعتبار أنه قد يصبح عضواً في كتلة تيمور جنبلاط النيابية. وبحسب المعلومات، هدّد جنبلاط ارسلان بإقفال اللائحة بوجهه في عاليه، أي أن يرشّح مرشحاً درزياً ثانياً على لائحته. علما أن الأصوات التفضيلية لجنبلاط في عاليه لا تسمح له بترشيح أكثر من مرشح. في المقابل، أبلغ حزب الله ارسلان أنه في حال عطّل التوافق على لائحة موحدة لن يدعمه في الانتخابات، وفي جعبة حزب الله 5500 صوتاً في هذه الدائرة.
وما يزيد من حرج ارسلان أن الجمهور الارسلاني التاريخي في عاليه يطالبه بعدم الخروج عن توافق 8 آذار، ويعتبر أنه من غير المسموح بعد اليوم أن يحجز ارسلان مقعداً نيابياً لنفسه بمنّة من جنبلاط، على اعتبار أن القانون الجديد يحفظ حقه في التمثيل. يضاف إلى ذلك أن لائحة المجتمع المدني برئاسة الأميرة حياة ارسلان ستأخذ حصتها من أصوات ارسلان، ويُتوقّع أن تحقق مفاجآت في الانتخابات المقبلة.
وعن انضمام البستاني لهذه اللائحة، تقول المصادر: إذا استمر جنبلاط بتحالفه مع حزب القوات اللبنانية في الشوف ـ عاليه، سيكون البستاني بالتأكيد على هذه اللائحة، لأن تحالف جنبلاط مع القوات وتبني ترشيح النائب جورج عدوان يُدفع جنبلاط ثمنين أولهما خسارة البستاني وما يشكله من حيثية شعبية مستقلة في الدائرة. وتستذكر المصادر اللقاء الذي حصل منذ أيام في بيت سهى جنبلاط (قريبة جنبلاط) وجمع بين جنبلاط، وعدوان، وتيمور والبستاني، وانتهى بخلاف كبير بين البستاني وعدوان.
أما الثمن الثاني الذي قد يدفعه جنبلاط من جراء تحالفه مع القوات، خسارة أصوات الدروز الذين يكرهون عدوان لأسباب تاريخية ثأرية. وتجدر الإشارة إلى أن عدوان هو أكثر مرشح مسيحي حاز على نسبة تشطيب في الانتخابات الماضية.