لا يكاد لبنان يودّع موفداً أميركياً، حتى يستقبل الثاني. يصل اليوم إلى بيروت وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون، في زيارةٍ ليوم واحد يلتقي خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، ووزير الخارجية جبران باسيل.

تيلرسون سيستكمل ما بدأه مُساعده دايفيد ساترفيلد، وتحديداً ما يتعلّق بالنقاط العالقة على الحدود البحرية والبرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، و«العرض» الأميركي المفروض على لبنان، المُتعلّق بالعودة إلى «خط فريديريك هوف» كحلّ وحيد لأزمة الحدود البحرية، «وإلا، فلن يُسمح للبنان باستخراج النفط أو الغاز من البلوكات الجنوبية». الخطّ المعروف باسم الموفد الأميركي، رُسم عام 2012 ويمنح لبنان 60 في المئة من المنطقة التي يُطالب بها العدو، ويعطي الأخير نحو 40 في المئة.
لم تكن آراء المسؤولين اللبنانيين موحدة حول الطرح الذي قدّمه ساترفيلد في جولته الأسبوع الفائت. عددٌ منهم اعتبر أنّ «خطّ هوف» هو سترة النجاة الوحيدة الباقية لنا، للبدء باستخراج النفط والغاز من البلوكات الجنوبية، في مُقابل موقف واضح لعون وبرّي بعدم التنازل عن الحقوق اللبنانية.

 

على الرغم من «التخبط» الحاصل للبنان الرسمي، تقرّر بعد الاجتماع الأخير لعون وبرّي والحريري أنّه لا يجوز الاجتماع بتيلرسون من دون أن يكون هناك موقف موحَّد من العروض الأميركية. وبناءً على ذلك، سيُبلّغ الوزير الأميركي أنّ لبنان «مُتمسك بخط الحدود اللبنانية، وبالـ860 كلم مربعاً التي حوّلتها إسرائيل إلى منطقة متنازع عليها».
وفي انتظار وصول تيلرسون، تكشّفت معلومات جديدة عن «العروض» التي تقدّم بها ساترفيلد خلال زيارته قبل أيام، حول الفصل بين الحدود البرية والحدود البحرية. وقد اعتبر وقتها أنّ حلّ الخلاف حول الحدود البرية «سهل»، في مقابل القبول بـ«خطّ هوف» للحدود البحرية. ولكن تبيّن أنّ هناك ما هو أخطر ممّا تقدّم. فقد علمت «الأخبار» أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركي اقترح على عددٍ من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، «مُعالجة» أزمة الحدود البرية عبر إجراء عملية تبادل أراضٍ بين لبنان و«إسرائيل»، في النقاط الـ13 المتنازع عليها. ولهذه الغاية، طَرح إجراء عملية تحديد مساحة للأراضي «المتنازع عليها»، وعلى أساسه يجري التبادل.
لا يُمكن التعامل مع «عرض» ساترفيلد هذا كما لو أنّه «أميركي»، وعزله من السياق التاريخي. فقد سبق للعدوّ الإسرائيلي أن تقدّم للجانب اللبناني عبر الأمم المتحدة والولايات المتحدة، بعرضٍ لتبادل الأراضي في المناطق المتنازع عليها. إلا أنّها المرّة الأولى التي يُثير فيها الموضوعَ مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية. تملك الولايات المتحدة ما يكفي من الوقاحة، لتعرض على لبنان أمراً بهذه الخطورة، من شأنه أن يُحدث تغييرات في الحدود الدولية، ويدفع لبنان إلى التنازل عن أراضٍ لبنانية غير مشكوك في ملكيته لها. لكن الولايات المتحدة و«إسرائيل» لا تهدفان من وراء «حلّ خطّ هوف»، واستخراج النفط والغاز من المكامن المشتركة على الحدود، سوى دفع لبنان إلى مفاوضات مباشرة بينه وبين العدوّ.
الزيارات الأميركية إلى لبنان و«عروض» موفديها، والأزمة الحدودية البرية والبحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، إضافةً إلى إسقاط الجيش السوري لطائرة إسرائيلية الأسبوع الماضي، مواضيع سيتناولها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، خلال كلمةٍ له بعد ظهر يوم غد، بمناسبة الذكرى السنوية لقادة المقاومة الشهداء.
على صعيد آخر، علمت «الأخبار» أنّ حزب الله سيُرجئ إعلان أسماء مُرشحيه إلى الانتخابات النيابية، إلى ما بعد خطاب نصرالله، وذلك بعد أن كان متوقعاً أن يُعلن «الحزب» الأسماء في دوائر الجنوب والبقاع وبعبدا وجبيل وبيروت، قبل يوم غد، ولكن هناك العديد من التفاصيل التي لم تُنجز بعد.