إن المبلغ الذي دفعه الأهالي في المدارس الخاصة قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب يتجاوز الزيادة التي فرضتها هذه المدارس بعد إقرارها، وتكفي لتغطية تكاليف رواتب المعلمين كلها من دون زيادة
عقدت لجان الأهل لقاءً موسعًا مساء أول من أمس الإثنين، لمتابعة التطورات الأخيرة حول تداعيات القانون 46/2017 على الأقساط المدرسية، وفي نهاية اللقاء، أسفت لجان الأهل في بيان لـ "الأزمات السياسية التي مرت بها البلاد، وانعكست تأخيرًا في تنفيذ الوعود وإيجاد الحلول للملف التربوي المأزوم نتيجة تداعيات القانون 46، الذي زعزع الجسم التربوي ووضع أطرافه في مواجهة بعضهم البعض"، مناشدةً "رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إيجاد مخرج للأزمة التربوية، لا سيما أن مهلة تقديم الموازنات المدرسية اقتربت من الإنتهاء، والإمتحانات الرسمية أصبحت على الأبواب".
كما ناشدت "المؤسسات التربوية الخاصة المساعدة في إيجاد الحلول والمساهمة به، والإبتعاد عن تنفيذ الاضرابات وتعطيل الدراسة، خصوصًا أن التجارب السابقة تؤكد عدم جدوى هذه الوسائل وانعكاسها السلبي على التلامذة"، مطالبة "جميع الأهالي بالإلتزام بكل قراراتها التي أعلنتها سابقًا، وأهمها عدم تسديد الزيادة على الأقساط التي أقرتها المدارس من دون موافقة لجان الأهل عليها"، وأكدت "موقفها الرافض لأي زيادة على الأقساط، مهددة بـ "الإمتناع عن تسديد الأقساط المدرسية بالكامل، وباللجوء الى تحركات ميدانية، في حال لم يتفق المعنيون على حلول تخفف الأعباء عن كاهل الأهل قبل نهاية شباط الجاري".
القانون 46، المتعلق بسلسلة الرتب والرواتب
هو القانون المتعلق برفع الحد الأدنى للرواتب والأجور وإعطاء زيادة غلاء المعيشة للموظفين والمتعاقدين والاجراء في الإدارات العامة وفي الجامعة اللبنانية والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة غير الخاضعة لقانون العمل، وتحويل رواتب الملاك الإداري العام وأفراد الهيئة التعليمية في وزارة التربية والتعليم العالي والأسلاك العسكرية.
تسري أحكام هذا القانون على أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة الداخلين في الملاك، ويستفيد المتعاقد في المدارس الخاصة بنسبة مئوية محسوبة على أساس عدد حصص عمله الأسبوعية.
زيادة الأقساط المدرسية
لا يخفى على أحد بأن إقرار سلسلة الرتب والرواتب للموظفين وللأساتذة في القطاع العام كما الأساتذة في القطاع الخاص، وفرض حزمة من الضرائب لتغطية نفقات هذا القرار قد تزامنا مع ارتفاع صراخ الأهالي لاسيما في ظل رفع الأقساط في المدارس الخاصة التي تغطي 70 بالمئة من مجمل التعليم في لبنان بنسب تتراوح ما بي20 و 30 بالمئة تقريبًا أي حوالي 750 ألف ليرة على قسط التلميذ الواحد لتغطية نفقة السلسلة للأساتذة بحجة تطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب.
علمًا أنه قبل قانون السلسلة، وبجسب صحيفة "الأخبار" كان المعلم يتقاضى أساس الراتب مع غلاء المعيشة بما مجموعه مليون و618 ألف ليرة لبنانية، وبعد القانون، بات أساس الراتب من دون الدرجات الست مليونًا و875 ألف ليرة، أي بفارق 257 ألف ليرة، أما أساس الراتب مع الدرجات الست التي أقرها القانون فيصبح مليونين و305 آلاف ليرة، أي بفارق 678 ألف ليرة، عما كان المعلم يتقاضاه.
التذرع بحقوق الأساتذة في السلسلة
إذا نظرنا على ما تم تقاضيه من زيادات على الأقساط في المدارس الخاصة خلال السنوات الست الماضية والفائض الذي راكمته على أساس التوقع أنها ستطبق السلسلة، نجد أن المبلغ الذي دفعه الأهالي في السنوات الماضية قبل إقرار سلسلة الرتب والرواتب يتجاوز الزيادة التي فرضتها هذه المدارس بعد إقرارها، ما يعني أنهم دفعوا سلفًا، وهذه الأموال تكفي لتغطية تكاليف رواتب المعلمين كلها، ولخمس سنوات مقبلة، من دون زيادة في الأقساط.
أما ذريعة المدارس بأن هناك درجات طبيعية مستحقة للمعلمين مرة كل سنتين ولا بد من رفع القسط لتغطيتها، وبحسب "الأخبار" فإن ما لا بد أن يعرفه الأهالي هو أنّ الدرجات العادية لا تشكل زيادة حقيقية، إذ أن نصف المعلمين في الملاك ينالون زيادة معدلها 50 ألف ليرة سنويًا، ما يجعل كلفة الدرجات تقارب 30 مليون ليرة سنويًا لا أكثر، وإذا قسّمنا هذه الكلفة على عدد التلامذة، فإنّ الزيادة على القسط لا تتعدى 50 ألف ليرة في أفضل حالاتها، أي ما يقارب 300 الف ليرة لكل السنوات الست الماضية!
وفي كل التعاميم التي أرسلتها المدارس إلى الأهالي، كانت تبرر زيادة الأقساط كل سنة بأمرين:
1- تغطية كلفة أي زيادة مرتقبة
2- وتغطية الدرجات العادية.
محاولة من السلطة لتحريض الأهالي ضد الأساتذة
ان الأوضاع في ما يخص اعتراف المدارس الخاصة بالقانون 46 والدرجات الست للمعلمين تتجه من سيء لأسوأ في ظل إصرار المدارس الخاصة على تحميل أعباء تطبيق هذا القانون للأهالي، إضافة إلى إصرارها على عدم الإعتراف بالدرجات الست للمعلمين اسوة بالمعلمين في القطاع الرسمي.
وعلى الجهة الأخرى، يستمر الأهالي بخوض معركتهم الشرسة دفاعًا عن حق أولادهم بالتعلم من دون تكاليف زائدة تزيد طين الأقساط النارية بلة، وتحمّل الأهالي ما لا يستطيعون تحمله لا سيما بعد موجة الغلاء التي تجتاح البلد مع البدء بتطبيق الزيادة على القيمة المضافة.
فالدولة اللبنانية أقرت سلسلة الرتب والرواتب، ووضعت الأهالي في مواجهة مع الأساتذة ضد غلاء الأقساط، بدلًا من أن تكون بينها وبين الأساتذة.
"فالج لا تعالج"
عبارة تختصر الوضع المذري الذي بلغَه العام الدراسي، فيما مكوّنات الأسرة التربوية، الإدارات والأهالي والأساتذة، على حالهم "إجتماع رايح، إجتماع جايي"، من دون نتيجة، بل المزيد من الغموض والتعقيدات والوعود.