ويأتي الردّ الروسي بعدما نشرت وكالة "بلومبرغ" الأميركية تقريرًا قالت فيه إنّ القوات الأميركية قتلت العشرات من الجنود الروس في سوريا يوم الأربعاء في 7 شباط الجاري.
وقال مسؤولٌ أميركي و3 من الروس المُطَّلعين على ما حصل، إنّ الضربة يُمكن اعتبارها من أكثر الاشتباكات دمويةً بين روسيا وأميركا اللتين كانتا عدوتين سابقتين منذ انتهاء الحرب الباردة.
وقال اثنان من المسؤولين الروس إنَّ ما يزيد على 200 مقاتلٍ، معظمهم من الروس لقوا مصرعهم في هجومٍ مُحبَط على قاعدةٍ ومصفاة نفطية خاضعة لسيطرة القوات الأميركية، وقواتٍ أخرى يتكوَّن معظم قوامها من الأكراد، في منطقة دير الزور السورية الغنية بالنفط. أمّا المسؤول الأميركي فقال إنَّ عدد القتلى بلغ نحو 100 شخص، فضلاً عن تراوح عدد المصابين بين 200 و300 آخرين.
ويعقّد الهجوم الروسي الصراع، الذي بدأ في صورة قمعٍ داخلي فقط ثم تحوَّل إلى حربٍ بالوكالة تتضمن متطرفين إسلاميين، وأكراداً بلا جنسية، وقوىً إقليمية متمثلة في إيران وتركيا، وإسرائيل مؤخراً. ونفى الجيش الروسي أي علاقةٍ له بالهجوم الذي وقع، وقَبِلَ الجيش الأميركي الادعاء في بيانٍ له. ووصف جيمس ماتيس، وزير الدفاع الأميركي، كل ما حدث بأنَّه شيءٌ "مُربك"، لكنَّه لم يُقدم مزيداً من التفاصيل.
ورفض ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، التعليق على التقارير التي تُشير إلى أنَّ مواطنين روساً قُتلوا في سوريا، قائلاً إنَّ الكرملين لا يتبع سوى البيانات الخاصة بالجيش الروسي. وأضاف أنَّ بوتين تحدَّث إلى نظيره الأميركي، دونالد ترامب، هاتفياً يوم الإثنين، لكنَّهما لم يناقشا العملية العسكرية في سوريا، بحسب الوكالة الأميركية.
وقال فلاديمير فرولوف، الدبلوماسي والمُشرِّع الروسي السابق الذي أصبح الآن محللاً سياسياً مستقلاً، عمَّا حدث: "إنَّها إشاعةٌ كبرى قد تثير أزمةً دولية حادة. لكنَّ روسيا ستتظاهر بأنَّ شيئاً لم يحدث".
وقال الكولونيل الأميركي توماس فييل، المتحدث باسم الجيش الأميركي، في بيانٍ له: "بدأ الهجوم على بُعد 8 كليومترات (5 أميال) شرق خط مناطق التهدئة، الواقع على نهر الفرات، في وقتٍ متأخر من يوم 7 شباط، حين أطلقت القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد القذائف وتقدَّمت في تشكيلاتٍ مُكونة من دورياتٍ بحجم كتيبة، مدعومة بسلاح المدفعية والدبابات والصواريخ متعددة الانطلاق ومدافع الهاون"، بحسب الوكالة الأميركية.
وردَّت بعدها القوات الأميركية، التي تمتلك مرشدين مرابطين في القاعدة إلى جانب جنود قوات سوريا الديمقراطية، بهجومٍ جوي بالطائرات وسلاح المدفعية.
وقال فييل: "كان مسؤولو التحالف يعقدونَ محادثاتٍ منتظمة مع نظرائهم الروس قبل الهجوم المُحبَط غير المبرر وفي أثنائه وبعده. وأكَّد المسؤولون الروس لمسؤولي التحالف، أنَّهم لن يشتبكوا مع قوات التحالف في الجوار". وأكَّد فييل عدم ورود أنباءٍ عن وقوع قتلى من جانب قوات التحالف، وقال: "لم نكن نستهدف سيارات العدو وأفراده الذين استداروا وتراجعوا جهة الغرب".
ومن جانبه، قال فيتالي نعومكين، المستشار البارز لدى الحكومة الروسية فيما يخص سوريا، في مقابلةٍ صحافية: "لا أحد يرغب في بدء حربٍ عالمية بسبب متطوعٍ أو جندي مرتزق لم ترسله الدولة وقتله الأميركيون".
وقال يوري بارمين، محلل الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي بالعاصمة الروسية موسكو الذي يُعَد مركزاً بحثياً أنشأه الكرملين، إنَّ روسيا تدعم جهود الأسد لاستعادة المنطقة الشرقية "الحاسمة" من مدينة دير الزور؛ للمساعدة في تمويل خطة إعادة الإعمار والمصالحة التي تعارضها الولايات المتحدة.