عشية الذكرى 13 للزلزال الكبير، الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري و14 من رفاقه ومن المواطنين الذين كانوا بالصدفة في محلة السان جورج عندما هزّت الجريمة المروّعة في 14 شباط 2005 بيروت ومعها لبنان والشرق الأوسط، واصابت بارتجاجاتها عواصم العالم، بدا المشهد اللبناني محصناً بقوة نهج الرئيس الشهيد: الاستقرار، الوحدة الوطنية، والتصدّي لكل الاعتداءات الإسرائيلية ومحاولة النيل من السيادة الوطنية.
وهذه الوجهة السياسية، سيعبّر عنها في مهرجان البيال بعد ظهر اليوم الرئيس سعد الحريري، تحت عنوان «حماية لبنان».
وقالت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان خطاب الرئيس الحريري سينطلق من العبر المتعلقة بمناسبة الاستشهاد والمناسبة الوطنية الجامعة، فضلاً عن التطورات المتعلقة بصيانة التسوية الرئاسية، وربط «النزاع مع حزب الله» والمحكمة الدولية، فضلاً عن التطورات الإقليمية، والتهديدات الإسرائيلية، مجدداً التمسك بنهج وخط الرئيس الشهيد، لجهة الوحدة والعيش المشترك وعروبة لبنان والحفاظ على اتفاق الطائف وانتماء لبنان العربي، وتعزيز علاقاته بأشقائه، فضلاً عن التزام واحترام القوانين والمواثيق الدولية.. والالتزام بسياسة «النأي بالنفس» تجاه النزاعات العربية.
مهرجان 14 شباط
لوجستياً، انتهت ورشة التحضيرات اللوجيستية والتقنية لاحياء الذكرى، في البيال وسط بيروت.
ويتميز برنامج هذا العام بفقرات تتضمن اغاني عن حب الوطن وتخصيص فقرة عن فلسطين والقدس، ثم يُلقي الرئيس الحريري كلمته.
وفيما رُفِعت خلف المنصة الرئيسية صورتان ضخمتان الأولى للرئيس الشهيد رفيق الحريري بابتسامته المعهودة، والثانية للرئيس الحريري، نُصِبت شاشة عملاقة هي الأضخم في الشرق الأوسط، بعرض يصل إلى 30 متراً وعلى جانبيها شاشتان كبيرتان أيضاً، كما رُفِعَتْ صور شهداء «ثورة الأرز»، بالإضافة إلى شعار هذا العام للذكرى، وهو «للمستقبل عنوان.. حماية لبنان».
ومن المتوقّع أنْ تؤم قاعة البيال وضريح الرئيس الشهيد حشود غفيرة من الشخصيات، ومحبي الرئيس الشهيد، ومؤيّدي «تيار المستقبل».
وأكدت مصادر نيابية في كتلة المستقبل ان جميع القوى السياسية الصديقة مدعوة لحضور الاحتفال باستثناء «حزب الله»، الا ان الأنظار ستكون مشدودة نحو مستوى مشاركة القوى السياسية في هذه الذكرى لا سيما منها «القوات اللبنانية» التي انتدبت النائب فادي كرم، على ان يعود لرئيس حزب «القوات» سمير جعجع قرار حضور الاحتفال أو عدمه انطلاقاً من الاعتبارات الأمنية، وسط ترجيح جدي بحضوره شخصياً، وكذلك التيار «الوطني الحر» وتيار «المردة» وحزب الكتائب، حيث رجحت معلومات ان يغيب رئيسه النائب سامي الجميل على ان يمثله الوزير السابق آلان حكيم، فيما الرئيس أمين الجميل خارج لبنان.
حلف الحريري - جنبلاط
وعشية هذه الذكرى، كان لافتاً للانتباه تأكيد كل من الرئيس الحريري ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، على متانة العلاقة التاريخية بينهما وبين العائلتين، إذ حرص الرئيس الحريري قبل ان يزوره جنبلاط مساء في «بيت الوسط» على ان تيّار «المستقبل» سيكمل المشوار مع جنبلاط، لأن العلاقة السياسية والاهم العائلية بيننا وبينه هي علاقة تاريخية بدأها الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسيكملها سعد الحريري، وان شاء الله مع وليد بك واخي تيمور.
اما جنبلاط الذي كان زار أيضاً قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة، فقد تعمد ان تكون زيارته لـ«بيت الوسط» عشية اليوم المشؤوم 14 شباط الذي اغتيل فيه الشهيد الكبير رفيق الحريري، ولاحقاً كانت دوّامة العنف التي ذهب ضحيتها خيرة السياسة والصحافيين والنواب ورجال الفكر.
وقال انه استعرض مع الرئيس الحريري هذا الماضي المخيف ووجدنا اننا صمدنا بشكل او بآخر، رغم حجم القوى المعادية لكن المنطقة تغيرت، وتغلب الشعار الذي رفعه الشيخ سعد وهو الاستقرار على شعارات الفوضى وعدم الاستقرار.
وشدّد على ان العلاقة مع الشيخ سعد ومع آل الحريري ومع «المستقبل» وان مرّت ببعض التموجات تبقى علاقة ثابتة باساسها، مبنية على أرض صلبة، أرض الحرية والتنوع والاستقرار، وفي يوم ما لا بدّ ان يصل لبنان إلى السيادة الكاملة والاستقلال الكامل».
ولوحظ ان جنبلاط الذي رافقه نجله تيمور والنائب وائل أبو فاعور، تجنّب الحديث عن موضوع التحالفات الانتخابية في الجبل، لكن تأكيد الحريري على متانة العلاقة معه، جاء خلال تسلمه «شعلة الوفاء» لرفيق الحريري التي قدمها له عداؤون من تيّار المستقبل من منطقة إقليم الخروب، في حضور النائب محمّد الحجار الذي يتردد انه سيبقى مرشّح التيار عن الاقليم بالتحالف مع جنبلاط.
مجلس الوزراء
وخلافاً للتوقعات أو الأجواء التي كان يعيشها الوزراء، تقرر ان ينعقد مجلس الوزراء في الرابعة من بعد ظهر غد الخميس في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، وعلى جدول أعماله 66 بنداً ادارياً ومالياً عاماً، وليس من بينها مواضيع مهمة أو خلافية، باستثناء البند المتعلق بالمطامر العشوائية للنفايات، والمخطط التوجيهي للكسارات، وطلب وزارة الخارجية انتداب سفراء معتمدين في دول معينة بصفة سفير غير مقيم، وطلب وزارة التربية تعيين ناجحين في مباراة مجلس الخدمة المدنية على سبيل التسوية بعد ما جرى تعيينهم مسبقاً، وطلب المديرية العامة لأمن الدولة سلفة مالية لتغطية نفقات موظفين لديها، وطلبات لمجلس الإنماء والاعمار.
وأوضحت مصادر رسمية لـ«اللواء» ان أهمية الجلسة التي ارتأى الرئيس سعد الحريري عقدها بعد التشاور مع الرئيس عون، تكمن في ضرورة اطلاع الوزراء على نتائج محادثات وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي يصل بيروت صباح الخميس، مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة سعد الحريري، اللذين يكون قد التقاهما نهاراً (اعتباراً من العاشرة في بعبدا أولا) قبل ان يتوجه ظهراً للقاء رئيس المجلس نبيه بري، ومعرفة الموقف الاميركي من القضايا الاقليمية المطروحة ومن مسألة الخلاف اللبناني- الاسرائيلي حول اقامة الجدار الاسمنتي العازل عند الحدود الجنوبية، وادعاء العدو الاسرائيلي ملكية اجزاء من بلوك النفط رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية الجنوبية.
  واوضحت المصادر ان اعمال بناء الجدار متوقفة الان بانتظار المسعى الاميركي، لأن لبنان سيتمسك برفض اقامته عند نقطة الناقورة ونقطة العديسة المتحفظ عليهما، خاصة ان اقامة رأس الجدار عند الناقورة يعني حكما امتداده في المياه الاقليمية اللبنانية ما يعني سطواً اسرائيلياً على قسم من حصة لبنان في البلوك 9.
  ورجحت المصادر ان يثير تيلرسون مسألة العقوبات الاميركية المالية المفروضة على «حزب الله»، وهو امر لن يشكّل مشكلة للبنان طالما ان المصارف والشركات المالية ملتزمة كل القوانين والتشريعات اللبنانية والدولية لمكافحة الارهاب، لكن لم يتأكد ما اذا كان تيلرسون سيطلب من لبنان اموراً تتعلق بسلاح الحزب ودوره في سوريا والتسريبات عن نقل صواريخ من ايران الى لبنان عبر سوريا، وهو امر لو طرح سيتسبب بنقاش وربما سجال إن لم يكن خلاف بين لبنان والادارة الاميركية.
وقالت المصادر ان الموقف اللبناني الذي سيتبلغه الوزير تيلرسون من موضوع البلوك رقم 9 هو رفض الخط الذي سبق ان اقترحه المبعوث الأميركي فيديريك هوف، واقترن باسمه لأنه يقتطع نحو 40 في المائة من مساحة البلوك 9 التي تقدر بـ860 كليومترا مربعا، والاصرار على المساحة كاملة، لكنه في الوقت نفسه لا يرفض المبادرة الأميركية ويطالب باستمرار التفاوض لحماية حقوقه في ثروته النفطية وسيادته على أراضيه.
وعلمت «اللواء» ان تيلرسون سيعقد مؤتمرا صحفيا في نهاية محادثاته مع الرئيس الحريري في السراي الكبير وسيؤكد الوزير الأميركي، حسبما صرّح قبل وصوله إلى بيروت ان بلاده مستمرة بدعم الاستقرار ودعم حكومة الرئيس الحريري.
تحضيرات خجولة للانتخابات
وعلى سيرة هذه الانتخابات، فقد لوحظ انه رغم ان الوقت الفاصل عن موعدها أصبح ضاغطاً ولم يعد يفصلنا عن هذا الاستحقاق سوى ثمانين يوما، أي أقل من ثلاثة أشهر، فإن التحضيرات له ما زالت خجولة حتى الآن، في ظل عدم إعلان معظم الأحزاب والتيارات السياسية الكبيرة عن لوائحها وأسماء مرشحيها بشكل واضح وصريح، وما زالت قياداتها تتخبط في تفسير وشرح القانون الانتخابي من أجل تطبيقه، مع ان هذه القيادات التي ستخوض الانتخابات لأول مرة على أساس هذا القانون هي التي وضعته والموصوف من قبل البعض «بالهجين».
وفي تقدير مصادر مطلعة، ان ترجمة القانون الجديد تفرض ان لا تكون هناك تحالفات ثابتة بين القوى السياسية في الانتخابات المقبلة، بل ان هذه التحالفات ستقوم فقط على مصالح انتخابية، أي على «القطعة»، كما يصفها معظم السياسيين، مما يعني ان التحالف في منطقة معينة قد لا يصلح في منطقة أخرى، ولذلك فإن صورة التحالفات تأخرت بانتظار بلورة مصالح كل فريق، وهذا الأمر انعكس بطبيعة الحال خجلاً على اعداد المرشحين الرسميين الذين لم يتجاوز عددهم 19 مرشحا، مع ان فتح باب الترشيح بدأ منذ أكثر من عشرة أيام.
ورست بورصة الترشيحات في وزارة الداخلية أمس على خمسة مرشحين هم: وجيه البعريني عن المقعد السنّي في عكار، ايلي عيسى رزق عن المقعد الماروني في الجنوب الثانية، شوقي طنوس فخري عن المقعد الماروني في دائرة بعلبك - الهرمل، علي أحمد أسعد عن المقعد السنّي في عكار، واسعد رامز درغام عن المقعد السني في عكار.
وفي السياق، أكّد مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» ان معظم نواب التيار جهزوا أوراق ترشحهم بانتظار القرار الذي سيتخذه الرئيس الحريري حول مرشحي «المستقبل»، وهو أكّد أمس لوفد اتحاد جمعيات العائلات البيروتية الذي زاره برئاسة رئيس الاتحاد محمّد عفيف يموت، عزمه على اختيار مرشحين في لوائحه الانتخابية يتحلون بالنزاهة والشفافية والقدرة على التشريع والمراقبة، كما الاهتمام بحاجات المواطنين ومعالجة شؤونهم.
لكن مصادر أخرى نقلت عن الرئيس الحريري توقعه ان تتبلور صورة لوائح التيار نهاية الأسبوع الحالي، بانتظار نتائج الاتصالات والمشاورات التي تتواصل بعيدا عن الإعلام مع كافة القوى السياسية والحزبية.
وبحسب زوّار الحريري فإنه من المتوقع ان تتفعل الحركة الانتخابية بشكل كبير فور الإعلان عن اللوائح الانتخابية في الدوائر كافة.
لا إضراب غداً
نقابياً، تعهد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق لوفد اتحاد النقل البري «تنفيذ كل المطالب والقرارات المتعلقة بصلاحية وزارة الداخلية»، مشيرة إلى ان 90٪ من المطالب محقة، داعياً إلى التمهل باتخاذ قرار بالإضراب إلى ما بعد يوم الجمعة المقبل، تاريخ انعقاد اجتماع اللجنة الوزارية المخصصة لبحث هذه المطالب.
واثنى رئيس الاتحاد بسّام طليس على طلب التأجيل، بعد تمنٍ من الرئيس عون والوزير المشنوق