تستقبل بيروت، بعد غد، وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في زيارة تستمر يوماً واحداً، ينتظر أن تتمحور خلالها محادثاته حول ما بدأه مساعده دافيد ساتيرفيلد (الملف الحدودي بين لبنان وإسرائيل)، بالإضافة إلى ملف الانتخابات ومسار المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان في روما وبروكسيل وباريس.
وبانتظار ما سيحمله الخطاب المُرتقب لرئيس الحكومة سعد الحريري، غداً، في الذكرى الـ 13 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، علِمت «الأخبار» أن واشنطن دخلت على خط الوساطة بين رئيس «المستقبل» والقيادة السعودية، عبر جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ورغم نفي مقربين من الحريري، علم أن «كوشنير طلب إلى الحريري السفر إلى لندن، لأن الأمير محمد بن سلمان سيكون هناك، ويُمكن ترتيب لقاء معه». وبالفعل، سافر الحريري ليل الخميس إلى لندن، بحجّة أنه يريد لقاء نجله، مع أنه كان ينبغي له المُشاركة في مناسبتين أساسيتين، هما قدّاس مار مارون وحفل توقيع اتفاقية النفط والغاز في البيال. غير أن لقاء الحريري - ابن سلمان لم يحصل، إذ إن الأخير أجّل زيارته لبريطانيا إلى آذار المقبل.
وعلمت «الأخبار» أن موفداً سعودياً سيزور بيروت هذا الأسبوع (نزار العلولا على الأرجح)، وذلك في مهمة تتصل بعلاقة الحريري بولي العهد محمد بن سلمان والمقاربة السعودية للملف الانتخابي اللبناني.
من جهة أخرى، شكل الاجتماع الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا، استكمالاً للقاء السابق، وبمبادرة من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي بادر، قبل يومين، إلى الاتصال بالرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري، في ضوء تطوّرات المنطقة، وأبرزها إسقاط الجيش العربي السوري لطائرة الـ أف 16 الإسرائيلية. وتمحور اجتماع الرؤساء الثلاثة، حول «المياه البحرية والجدار الإسمنتي الذي تنوي إسرائيل بناءه، إضافة إلى الاقتراحات التي جاء بها ساتيرفيلد وقدّمها إلى المسؤولين اللبنانيين، كذلك الزيارة المُرتقبة لتيليرسون». وأكد عون خلال الاجتماع وجوب الدفاع عن أرضنا والتمسك بحدودنا البرية والبحرية، دون أن نقفل الأبواب أمام التفاوض للوصول الى نتائج ايجابية، وأيده في هذا الاتجاه الرئيسان برّي والحريري.
بالنسبة إلى الخطّ الأزرق، وبحسب المعلومات، فإن منسّق الحكومة في اللجنة الثلاثية التي انعقدت صباح أمس في الناقورة العميد الركن مالك شمص، الذي حضر إلى القصر الجمهوري وأطلع الرؤساء الثلاثة على نتائج الاجتماع، بحضور المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، نقل جوّاً سلبياً مفاده أنه «لا يوجد تجاوب من قِبل الإسرائيليين مع الطرح اللبناني بتصحيح النقاط الـ 13 المتحفّظ عنها لبنانياً»، وأن «الجانب الإسرائيلي لا يزال مُصرّاً على الاستمرار في بناء الجدار الإسمنتي». أما الردّ اللبناني، فقد جاء موحّداً وواضحاً بأنه «إذا أرادوا بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهذا شأنهم، شرط عدم المساس بالأراضي اللبنانية، خصوصاً في النقاط المذكورة، ولا سيما منطقة الناقورة. لأن النقطة التي يريد الإسرائيلي أن ينطلق منها في بناء الجدار، ستنسحب على ترسيم الحدود المائية، ويعني ذلك السيطرة على أجزاء من الرقعتين الـ 8 و9». وأُبلِغ الموقف اللبناني إلى الجانب الإسرائيلي عبر الأمم المتحدة، ومضمونه «فلتصحّح الحدود وفق التحفّظ اللبناني، ومن ثمّ شأنكم بناء جدار أو لا». واتُّفق على استكمال البحث إلى 22 من الشهر الجاري، حيث سيُعقد اجتماع للجنة الثلاثية للاستماع إلى جواب نهائي من الجانب الإسرائيلي، في ضوء الملاحظات اللبنانية، خصوصاً أن الإسرائيليين يرون أن حدود لبنان الدولية لم تعد محددة وفق خط الهدنة، بل وفق الخط الأزرق، فيما يعدّه لبنان خطاً مؤقتاً من أجل تسهيل متابعة الانسحاب الإسرائيلي في عام 2000.
من جهة أخرى، فُتح على هامش الاجتماع الرئاسي حديث حول مشروع قانون موازنة عام 2018، إذ كرّر الرئيس برّي تمنّياته بالإسراع في إقرارها قبل الانتخابات، لأن تأخيرها إلى ما بعد الانتخابات سيؤدّي إلى عرقلة مناقشتها وإقرارها مع وجود مجلس جديد وحكومة جديدة يُمكن أن تستردّها، ما سيعقّد الأمور، ويدفعنا إلى الاستمرار في الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية. وكان برّي قد أشار أمام زوّاره أمس إلى أنه شدّد على هذا الموضوع خلال الغداء الذي جمعه بالحريري أمس في عين التينة بعد لقاء بعبدا مباشرة.
في سياق آخر، لفت وزير الداخلية نهاد المشنوق من السرايا الحكومية بعد الاجتماع التحضيري لمؤتمر روما 2، إلى أن «تحديد موعد 15 آذار لعقد المؤتمر، تأكيد على أنه فرصة تاريخية لوضع قواعد عمليّة للأمن في لبنان»، موضحاً أن «تأخير تأكيد الحضور هو الذي أخّر تحديد الموعد الرسمي». وجزم بأن «أي دولة عربية لم ترفض المشاركة فيه».