ينتظر اللبنانيون زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى لبنان بعد غد وما سيحمله في جعبته من رسائل سياسية للأطراف اللبنانية.
وتأتي زيارة تيلرسون بعد زيارة قام بها مساعده دايفيد ساترفيلد ، الخبير في تفاصيل الشؤون اللبنانية ، حيث جال ساترفيلد على القوى اللبنانية وقام بجولة جوية في الناقورة لمراقبة الوضع عن كثب عند منطقة الحدود مع فلسطين المحتلة.
ولا شك أن تكثيف الزيارات الأميركية إلى لبنان ذات دلالات كبيرة ومرتبطة بشكل أساسي بملف حزب الله.
فالقضايا التي سيتمحور حولها نقاشات تيلرسون في بيروت هي حزب الله وبلوكات النفط والوضع الأمني بين لبنان وإسرائيل.
وهو سيركز على تدخلات حزب الله في حروب الإقليم ، حيث سيضغط على المسؤولين اللبنانيين للإلتزام حرفيا بسياسة النأي بالنفس ومنع حزب الله من التدخل في قضايا خارج حدود لبنان.
إقرأ أيضا : تيلرسون سيزور الأردن وتركيا ولبنان ومصر والكويت من 11 وحتى 16 شباط
وحول هذه القضية بالذات ، أصدرت إدارة الرئيس دونالد ترمب في الأشهر الأخيرة العديد من القوانين التي فرض بموجبها عقوبات إقتصادية على شخصيات وكيانات تابعة للحزب داخل وخارج لبنان خصوصا في أفريقيا.
حيث تعتبر إدارة ترمب حزب الله أحد أقوى أذرع إيران في المنطقة ، وهي وضعت إستراتيجية خاصة لتقليم أظافر إيران ، وبالتالي فإن حزب الله سيطاله الحصة الأكبر من هذه العقوبات كونه الأقوى في محور إيران.
ومن المرجح أن يطلب تيلرسون من القطاع المصرفي أن يلتزم بالسياسات الدولية لناحية التعامل مع العقوبات المفروضة على الحزب .
وموضوع العقوبات سيكون المحور الأساسي في حديث تيلرسون مع اللبنانيين ، كون الزيارة كانت مقررة قبل شروع إسرائيل ببناء الجدار الحدودي، لذلك تأتي زيارته في سياق الإستراتيجية الأميركية لمحاربة إيران وحلفائها في المنطقة ومن ضمنهم حزب الله.
وإنطلاقا من حملة الضغوطات التي سيمارسها تيلرسون على حزب الله ، سيتم التطرق إلى موضوع التهديدات الإسرائيلية والإدعاءات الصهيونية بحق تملك البلوك النفطي رقم ٩ في الجنوب ومسألة بناء الجدار في منطقة متنازع عليها بالناقورة .
ولا شك أن تيلرسون وهو الممثل الرسمي للسياسة الخارجية الأميركية ، سيكون أقرب إلى وجهة النظر الإسرائيلية لكنه في الوقت نفسه سيقدم نفسه كوسيط وضامن لعدم إنجرار الأمور إلى حرب حقيقية بين لبنان وإسرائيل والمنطقة ككل، خصوصا بعد التوتر الذي حصل في سوريا أخيرا بعد إسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية.
وتبدو مهمة تيلرسون صعبة في إقناع اللبنانيين أنه وسيط نزيه على الرغم من الإشارات الإيجابية التي أطلقها رئيس مجلس النواب نبيه بري عن القبول بدور أميركي ضامن في المنطقة الإقتصادية.
إقرأ أيضا : برِّي: لا حرب بل توازنات جديدة
ومكمن الصعوبة في مهمة تيلرسون إضافة إلى ما تقدم ، أن وضع حزب الله في لبنان قوي جدا وهو متحكم بتفاصيل اللعبة السياسية ككل ، وبالتالي أقصى ما يمكن أن يحصل عليه تيلرسون من الحزب هو ضمان أمن جبهة الجنوب وعدم القيام بأي عمل عسكري .
بالمقابل ، سيطمئن تيلرسون اللبنانيين أن لا حرب مع إسرائيل ، لكن مسألة الجدار والبلوك من غير المتوقع أن تشهد حلا جذريا وقريبا ، وهي ستحافظ على وضعها القائم إلى وقت غير معلوم لكنه مرتبط بما قد يحصل من تطورات في سوريا بعد حادثة الطائرة.
وتبقى زيارة تيلرسون بالشكل ، رسالة إنذار لمن يعنيهم الأمر وبالطليعة حزب الله ، أن أميركا عائدة للعب دورها الطبيعي في الساحة اللبنانية ، بعد شبه قطيعة في فترة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.