يبدو أن حكام ونواب وأحزاب السلطة والذاكرة الملعونة، قد باتوا يشعرون بالنجاح الكامل، بالرغم من نجاحهم في جرِّ الناس إليهم ورهن حاجاتهم بيدهم،وبالرغم من أغلبيتهم القسرية وبكل مفردات وجودهم العرضي، وما يحملون من وعودٍ تجري على ألسنتهم المالحة والكالحة،وبمسحهم على لحاهم الكثة،الغليظة منها والخفيفة، وصعد هاروت وماروت وقاروت إلى السلطة والزعامة لكي يطلوا على الله في صلاة ميتٍ غادرهم بعد أن أكله البؤس والفقر، ويصطف صفا، كلٌ يطأطئ رأسه إحتراماً لنعش الفقير،لأنهم نجحوا بسرقة نجاح الفقراء الطيبين الذين تعاطوا معهم بطيبةٍ عفويةٍ، وبصدقٍ لا يعتريه كذبٌ سياسي، لقد نجحوا على سرقة عقولهم والزج بهم في الطاعة العمياء، يصح أن نطلق عليهم بأنهم حرَّاس الوقت الضائع للفقراء والمحتاجين في بلد يسوده آكلٌ ومأكول، وسيدٌ ومسودٌ.
فليعلم من كذب على الناس واستغل طيبتهم أنه إن كان من عدلٍ في الموت هو أنه لا يحمل شهادات ولا ألقاباً ولا وظائف في عالم التراب.
إقرأ ايضا : الناخب الجنوبي بين الخوف والفقر
فبعد أن سرقوا تعبنا وجهدنا وسرقوا أصواتنا وبعد أن سرقوا المناصب وسرقوا المجد في سنوات التعب والجمر والسهر،لينعموا مع أبنائهم وعائلاتهم وزوجاتهم وزمرتهم والحاشية المقربة، فليعلم السرَّاق أنهم يتمتعون بصراحة الشياطين الذين يغنون في المآتم ويدعوننا إلى مآدب فاخرة في المقابر المفتوحة.
أيها الفقير فلتكف عن فقرك وعن حاجتك، وأيها المسكين فلتكف عن مسكنتك وفاقتك، وأيها الطيب الأبله فلتكف عن طيبتك البلهاء، فليس لكم في قائمتهم ولوائحهم المشطوبة والشاطبة، فهم لم يقبلوا بكم بعد فوزهم ونجاحهم الذي بهر الكوكب الأرضي، لأنكم لستم في قائمة المهاجرين إلى الكرامة، وحتى إن متم جميعاً لم يكن هذا دليلاً كافياً على جوعكم وبرائتكم.
فالحذر أيها المخادعون من سخرية أحلام الناس البسطاء والفقراء الذين لا سماء لهم، فلتكفوا عن تعبهم وعرقهم وجوعهم ولتتذكروا قول الله في الحديث القدسي على لسان نبيه الكريم : " يا محمد إني لم أستعمل الحكام على سفك الدماء واتخاذ الأموال،ولكني إستعملتهم ليكفوا عني أصوات المظلومين، فإني أرعى ظلامتهم وإن كانوا كفاراً."