اعتبر المحلل في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عاموس هرئيل، أن الحادث الذي وقع يوم السبت على الحدود الإسرائيلية-السورية، يشير إلى تصعيد خطير في الصراع الدائر بين إسرائيل من جهة، وإيران ونظام الرئيس السوري بشار الأسد من جهة ثانية، إذ بعد تبادل إطلاق النار الذي حصل، على الحدود وفي عمق الأراضي السورية، لا يبدو أن هذه التوترات ستنتهي في الأفق.

يقول الكاتب، وفقاً للجيش الإسرائيلي "في الصباح الباكر (من يوم السبت)، انطلقت طائرة إيرانية بدون طيار من القاعدة الجوية السورية تي-فور بالقرب من تدمر في جنوب سوريا. ودخلت الطائرة بدون طيار إلى الاراضي الاسرائيلية عبر وادي بيت شيعان الشمالي. ورداً على ذلك، هاجمت مقاتلات تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية ودمرت المقطورة الإيرانية في سوريا التي أطلقت منها الطائرات بدون طيار".

وفي أول حادث من نوعه في السنوات الثلاثين الماضية، فتحت أنظمة الدفاع الجوي السورية الثقيلة النار على الطائرات الإسرائيلية، أثناء قيامها بضرب قاعدة "تي-فور" في حمص، فأصيبت طائرة "اف-16" وقفز طياران منها ونقلا إلى المستشفى، حيث يوجد أحدهم فى حالة خطيرة. 


من وجهة نظر هرئيل، فإن الاشتباك الأخير حمل تطوراً غير مسبوق؛ ففي السابق هاجمت إسرائيل مصنع أسلحة سوري-إيراني مشترك في ايلول/ سبتمبر الماضي، تلاه هجوم على قاعدة ميليشيا ايرانية قرب دمشق في كانون الاول/ديسمبر الماضي، غير أن الهدف الذي ضرب يوم السبت، كان أو هدف إيراني مأهول. وحتى الآن، التقارير من سوريا قليلة، لكن إذا ما قتل جنود أو مستشارون إيرانيون في الضربة، فلا شك أنها ستكون قصة مختلفة تماماً.

ماذا تريد إيران من الحدود الإسرائيلية؟ منذ الصيف الماضي، حذرت القيادة الإسرائيلية من محاولة إيرانية للحصول على موطئ قدم لها في سوريا، مستفيدة من نجاح نظام الأسد في الحرب الأهلية. وتشمل هذه المحاولة نشر حوالى 10 آلاف مقاتل شيعي من العراق وباكستان وأفغانستان في جنوب سوريا. يضيف الكاتب، إن إيران تريد أيضاً إنشاء مصنع للأسلحة في سوريا؛ بالإضافة إلى إنشاء قاعدة جوية وبحرية لها في سوريا.

إن التوغل الإيراني الأخير في الأراضي الإسرائيلية، الذي يبدو أنه كان مخططاً له، يشكل انتهاكاً للسيادة واستفزازاً شديداً. ويبدو من التصريحات العسكرية الإسرائيلية أن فتيل الاشتباك لم ينزع تماماً بعد. وتعتبر "هآرتس"، أنه رغم تحذيرات نظام الأسد منذ وقت طويل بالرد على الضربات الإسرائيلية، إلا أن التحذير الشديد واللافت ظهر قبل نحو أسبوع، عندما اتهمت اسرائيل بضرب مرفق لتطوير الأسلحة بالقرب من العاصمة دمشق.

نفّذ الأسد تهديداته أخيراً؛ إنه تعبير عن شعور النظام الجديد بالقوة، وهو الذي بات يسيطر على أكثر من 80 في المئة من الأراضي السورية، وما يزال في طور ضم مساحات جديدة إلى مناطق سيطرته. ففي الأسابيع الأخيرة، شن النظام حملة وحشية ضد معاقل المتمردين، بما في ذلك في جيب قريب من دمشق. وتتجلى الثقة بالنفس السورية أيضاً في استعدادها لتبادل الضربات مع إسرائيل.

ويختم الكاتب بالقول، إن الاشتباك الأخير داخل الأراضي السورية، يجذب القوى الكبرى أكثر من أي وقت مضى. وبالنسبة إلى روسيا، التي ما تزال تمتلك أسراباً مقاتلة وبطاريات صواريخ متطورة مضادة للطيران في الشمال السوري، فإن نظام الأسد -وحتى الإيرانيين- إلى حد ما، هم جزء من معسكر موسكو، صاحبة اليد العليا في الحرب الأهلية السورية. أما إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإنها تكشف عن مواقف أكثر حزماً تجاه الإيرانيين مما كانت تفعل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. فهل يعطى ترامب الضوء الأخضر لنتنياهو للاشتباك مع إيران في الشمال؟ نحن في خضم يوم من القتال على مرتفعات الجولان، ولكن الجانبين يقفان على منحدر زلق جداً.