أقل من ثلاثة أشهر تفصلنا عن الانتخابات النيابية في 6 أيار المقبل، انتخابات يُجمع قارؤوا الطالع الانتخابي أنها ستحمل مفاجآت تمنع تعليب النتائج، وتجعل من الاستحقاق الانتخابي معركة غير معروفة الحصيلة بالنسبة للقوى السياسية التقليدية التي تناوبت على اغتصاب السلطة التشريعية طوال السنوات الماضية.
تخلط مجموعة من المتغيرات في مقدمتها قانون الانتخاب الجديد أوراق التحالفات، وتعبث بالنتائج التي يصعُب معرفتها في بعض الدوائر قبل الوصول للساعات الأخيرة من يوم الانتخابات.
للمرة الأولى يخوض اللبنانيون الانتخابات وفق قانون جديد يعتمد النسبية على 15 دائرة والصوت التفصيلي على مستوى القضاء. وهو القانون الذي يحمل مجموعة من المتغيرات. طريقة الاقتراع لم تعد كما كانت عليه، إذ سيكون هناك ورقة اقتراع مطبوعة مسبقاً موجودة فقط لدى الجهة التي تدير العملية الانتخابية، يسلمها رئيس القلم للمقترع فور دخوله، وهي قسيمة تضم كل اللوائح الموجودة في الدائرة، وكل لائحة تضم أسماء المرشحين.
وعلى الناخب أن يصوّت للوائح ولا إمكانية لديه لاختيار أفراد من اللائحة أو تفضيل أفراد لائحة على أفراد لائحة أخرى، كما كان يقترع في القانون القديم. وأي شيء إضافي يمكن أن يتركه الناخب على قسيمة الاقتراع، كالتشطيب وذكر أسماء وغيره، يُعتبر إشارة أو علامة تؤدي إلى إلغاء الصوت.
وكذلك الأمر بالنسبة للفرز الذي لم يعد يدوياً كما جرت العادة بل سيكون على مرحلتين الأولى يدوية بأقلام الاقتراع، وهي المرحلة التي يتم فيها احتساب عدد الأصوات التي تحصل عليه كل لائحة، وعدد الأصوات التفضيلية التي يحصل عليها كل مرشح للنيابة، وحساب الحاصل الانتخابي.
بعد المرحلة الأولى تأتي الثانية، وهي الكترونية، إذ يتم إعادة احتساب اللوائح والأصوات التفضيلة مرة ثانية. وتتزامن عملية الاحتساب ودرس المحاضر بإدخال المعلومات بواسطة حاسوب على نظام الكتروني موصول بشاشة عرض النتائج، وهو النظام الذي سيكون عبارة عن "سوفت وير" يتم إدخال المعلومات عليه.
علماً أن هذا القانون لا يمكّن المرشحين المستقلين من خوض الانتخابات النيابية إلا في حال الانتظام في لوائح، كما أنه يُلزم المرشحين بالإنضمام للائحة واحدة ولا يمكّنهم من الإنضمام للائحة أخرى.
ومن متغيرات الانتخابات المقبلة أنه لا وجود لقوى 8 و14 آذار، والتي اعتادت القوى السياسية أن تبني تحالفاتها بناء لاصطفافاتها الثنائية. وإن كانت هذه القوى بدأت في مرحلة سابقة ببناء تحالفاتها تبعاً للتسوية الرئاسية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيسا للجمهورية وبرئيس تيار المستقبل سعد الحريري رئيساً للحكومة، ها هي، أخيراً بنت تحالفاتها الشبه نهائيةعلى أساس استقالة الحريري من الرياض وأبعادها التي صبغت الحياة السياسية في لبنان. ولا يعلم أحد ما إن كان سيحصل متغير جديد يوسِم التحالفات بأبعاده الجديدة.
نرى في تحالفات هذا العام افتراق حزب الله عن حليفه الاستراتيجي التيار الوطني الحر بسبب أزمة بعبدا ـ عين التينة التي أرخت ثقلها أيضاً على الاصطفافات، وتيار المستقبل للمرة الاولى جنبا لجنب في لوائح مشتركة مع الوطني الحر. كما يخوض التيار الازرق الانتخابات وجهاً لوجه ضد رفيق دربه في ثورة الأرز حزب القوات اللبنانية.
أما أفضل المتغيرات في انتخابات 2018، هو حضور ملفت للمجتمع المدني الذي بدأ يظهر للعلن على الساحة اللبنانية بشكل واضح مع اندلاع شبه ثورة شعبية جاءت على أنقاض أزمة النفايات صيف 2015.
وهو الجهة التي تُلقى على عاتقها مهمة انتشال اللبناني من مستنقع الأمر الواقع. ولكن يجمع أهل الاختصاص الانتخابي أن هذا المتغير سيكون مجرد متغير شكلي في استحقاق أيار المقبل، إذا خاض المعركة بلوائح متفرقة. ما يعني أن أمام هؤلاء فرصة حقيقية للتغيير لن تتحقق إلا في حال اتحدت القوى المستقلة والمعترضة على أداء الطبقة الحاكمة وشكلت ائتلافاً موحداً على مستوى الدوائر في كل لبنان.