يترقّب لبنان الرسمي والسياسي مجيء وزير الخارجية الأميركي ركس تيلرسون الذي بدأ جولة عربية - شرق أوسطية إلى بيروت، ليس فقط، لقبول وساطته في ما خص البلوك رقم 9، حيث تلقت الشركات الدولية (الفرنسية - الروسية - الايطالية) تهديدات إسرائيلية، بسبب توقيعها عقوداً مع الحكومة اللبنانية بشأن استخراج النفط والغاز من البلوكات اللبنانية في مياه لبنان الإقليمية.. بل لمعرفة مسار التهديدات الإسرائيلية، بعد إسقاط طائرة إسرائيلية من نوع أف16 بالمضادات السورية، الأمر الذي حمل صحيفة «نيويورك تايمز» للإعراب عن مخاوفها من «أن العديد من القوى التي تتصارع فوق الأراضي السورية يمكن ان تتقاطع وتسهم في اندلاع مواجهة كبيرة».
وفتحت عودة الرئيس سعد الحريري من زيارة قصيرة وخاصة إلى باريس المجال امام استئناف الاجتماعات التحضيرية، بدءاً من اليوم، من أجل مؤتمر روما 2، الأوّل يعقد عند العاشرة من قبل ظهر اليوم، ويحضره وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع المسؤولين والخبراء التقنيين، والثاني لسفراء الدول المعنية والثالث يحضره وزير الدفاع يعقوب الصرّاف.
وعليه، استبعد مصدر مطلع انعقاد لقاء ثلاثي في قصر بعبدا اليوم، للتشاور في الموقف الموحّد الذي يتعين ابلاغه للوزير الأميركي، سواء في ما يتعلق بالجدار الاسمنتي، أو البلوك 9، أو الشق المتعلق بالتطورات العسكرية على الجبهة الإسرائيلية - السورية والانتهاك الإسرائيلي المتمادي للسيادة اللبنانية.
لكن المصدر رجح انعقاده غداً، على الرغم من زيارة رئيس وزراء بولندا، حيث يقيم الرئيس الحريري مساء اليوم مأدبة عشاء على شرفه في السراي الكبير..
وكشف المصدر عن اجتماع سيعقد بين الرئيسين نبيه برّي والحريري خلال الساعات المقبلة.
ولم تشأ المصادر السياسية الحديث عن معطيات محددة للزيارة، لكنها اشارت إلى ان المباحثات مع رئيس الدبلوماسية الأميركية ستتناول الجدار الاسمنتي على الحدود والبلوك رقم 9 وتسليح الجيش والإرهاب والقرار 1701.
وإذ أوضحت ان الموقف اللبناني واضح وصريح تجاه المواضيع التي قد تطرح، قالت ان ما من جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس بسبب الانشغال بالزيارة.
واستبعدت ان يعقد تيلرسون لقاءً خاصاً مع نظيره اللبناني جبران باسيل في الخارجية، بل سيكون اللقاء من ضمن زيارة بعبدا ولقاء الرئيس عون.
وكانت معلومات اشارت إلى ان المبعوث الأميركي ساترفيلد اثار مع المسؤولين اللبنانيين مقترحات معينة حول معالجة مشكلة «البلوك 9»، تقوم على مبادئ مقترحات مبعوث الخارجية الاميركية فريديريك هوف القاضية بتقاسم المنطقة المختلف عليها في البلوك 9 بين لبنان واسرائيل والبالغة مساحتها 863 كيلومتراً مربعا، على ان تكون حصة لبنان منها 580 كلم والباقي لإسرائيل، واقترح ساترفيلد إمكانية تحسين حصة لبنان قليلا، لكن الموقف اللبناني الموحد كان التحفظ على المقترح لأنه يعتبر ان هذه المنطقة هي له كاملة من ضمن حدوده البحرية وحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، في حين تدعي اسرائيل ملكية جزء صغير من جنوب غرب الرقعة النفطية. إلا ان لبنان لم يقفل ابواب التفاوض لعدم تصعيد الموقف، وهو ينتظر زيارة الوزير تيلرسون لمعرفة المزيد عن المقترحات الاميركية لمعالجة المشكلة.
لغة لبنانية واحدة
وكانت التطورات الإقليمية الميدانية والسياسية المتسارعة، سواء في ما يتصل بالتهديدات الإسرائيلية أو المواجهة العسكرية السورية - الإسرائيلية التي لا تخفي توتراً ايرانياً - اسرائيلياً، قد أعادت توحيد الموقف اللبناني الرسمي تجاه هذه التطورات، حيث تحدث الرؤساء الثلاثة والمسؤولين السياسيون لغة واحدة حيالها، لا سيما من الطروحات التي قدمها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد خلال زيارته لبنان الأسبوع الماضي، والتي مهد فيها لزيارة وزير الخارجية الأميركية ركس تيلرسون إلى بيروت الخميس المقبل.
وتجلت وحدة الموقف اللبناني في مستويين:
الاول: في المشاورات الهاتفية التي اجراهاالرئيس عون مع بري والحريري الموجود خارج لبنان، حول التطورات التي نتجت عن الاعتداءات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي كادت تنعكس على لبنان مع تبادل الاستنفار العسكري على الحدود الجنوبية بين الجيش اللبناني و«حزب الله» من جهة وقوات الاحتلال من جهة ثانية، خاصة بعدما طاولت شظايا الاعتداءات الإسرائيلية أراضي لبنانية في منطقة البقاع نتيجة سقوط بقايا صواريخ سورية أو إسرائيلية، وايضاً مع تبادل الاتهامات بين إسرائيل وإيران حول تصعيد الموقف العسكري، وهو ما كاد يشعل فتيل مواجهة عسكرية لولا التدخل الأميركي - الروسي بطلب إسرائيلي لاحتواء الموقف ووقف التصعيد.
وتمثل هذا الموقف في ما أبلغه وزير الدفاع يعقوب الصرّاف لقائد قوات «اليونيفل» العاملة في الجنوب الجنرال مايكل بيري، برفض لبنان للخروقات الإسرائيلية المستمرة ولاستخدام إسرائيل الأجواء اللبنانية لتنفيذ غاراتها على سوريا وهو المعنى نفسه للشكوى التي طلبت وزارة الخارجية من البعثة اللبنانية الدائمة لدى الأمم المتحدة تقديمها إلى مجلس لإدانتهاوتحذيرها من مغبة استخدامها الأجواء اللبنانية لشن هجمات على سوريا.
وادانت الخارجية الغارات الإسرائيلية على سوريا، وأكّدت على حقها الدفاع المشروع على أي اعتداء إسرائيلي.
اما المستوى الثاني لوحدة الموقف اللبناني، فقد ظهر بوضوح حيال التهديدات الإسرائيلية من الجدار الحدودي ومن البلوك البحري رقم 9 والذي أبلغ ايضا إلى الموفد الأميركي ساترفيلد، عشية وصول تيلرسون إلى بيروت في ظل وضع إقليمي متوتر على امتداد المنطقة من الخليج إلى سوريا، مرورا بفلسطين المحتلة، ما يفترض انه يحمل مقترحات أو أفكاراً للتهدئة، ولا سيما لجهة إبقاء لبنان بعيدا عن أجواء التوتر والمواجهات العسكرية، والتي دخلت فيها إسرائيل طرفا واضحا سواء في سوريا أو في لبنان بدرجة أقل.
وبحسب وزير بارز معني بالوضع على الحدود، فإن الاتصالات أظهرت ان لبنان بمعزل عن انعكاسات التوتر الإقليمي عليه لسببين: الأوّل هو المسعى الأميركي لمعالجة الخلاف النفطي مع إسرائيل، والثاني المخاوف من انفلات الوضع على الحدود، خاصة وان إسرائيل غير مستعدة لحالة مواجهة مفتوحة وحتى محدودة مع الجيش والمقاومة في لبنان.
وكشفت هذا الوزير المعني لـ«اللواء» ان الموفد الأميركي ساترفيلد تمكن من التوصّل إلى حل ولو مؤقت لمشكلة بناء إسرائيل الجدار الاسمنتي على الحدود في منطقة الناقورة، مشيرا إلى ان اسرائيل ستوقف بناء الجدار في النقاط التي تحفظ عليها لبنان منذ العام 2000 داخل حدوده، وسيتم نقله إلى الخلف داخل أراضي فلسطين المحتلة، خشية ان يتحوّل إلى سبب لمواجهة عسكرية أو توتر مع لبنان لا يريده أحد في هذه المرحلة.
وأوضح ان هذا الموضوع سيكون مدار بحث ايضا بين الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية جبران باسيل وبين الوزير الأميركي الخميس المقبل.
عقود النفط
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس عون كان رعى بحضوره يوم الجمعة الفائت الاحتفال في مجمع «البيال؛ للاعلان عن توقيع لبنان العقود النفطية مع تحالف الشركات الأجنبية الذي يضم «توتال» الفرنسية «وايني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية، في حضور حشد من الوزراء وقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدراء عامين وسفراء وشخصيات سياسية وقضائية ورجال دين وممثلي شركات نفط عالمية ومهتمين.
وكانت العقود وقعت رسمياً بين لبنان ممثلاً بوزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول من جهة وتحالف الشركات الأجنبية في 29 كانون الثاني 2018، بعدما أودع ائتلاف الشركات البترولية، والذي تم منحه رخصتين بتروليتين حصريتين في كل من الرقعة رقم 4 والرقعة رقم 9، وزير الطاقة والمياه اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج الموقعتين أصولا من هذه الشركات مع الكفالات العائدة لتنفيذ الانشطة البترولية ذات الصلة، وإلتزمت الشركات بالمهلة المنصوص عليها في دفتر الشروط لإيداع الاتفاقيتين والكفالات، على ان تباشر الشركات عمليات الاستشكاف في البلوك 4 في العام 2019 ويليها البلوك 9.
وهنأ الرئيس عون اللبنانيين بتوقيع اتفاقيتي التنقيب عن النفط والغاز في الحقلين 4 و9 من المياه اللبنانية، وقال في تغريدة له على حسابه الشخصي على صفحة «تويتر»: مبروك، حلم كبير تحقق، وصار لبنان دولة نفطية.. نأمل ان نتمكن من استخراج النفط بدون عراقيل، ويصبح عنصرا اساسيا في اقتصادنا».
ترشيحات جدية
انتخابيا، تنشط الماكينات الانتخابية باتجاه احداث تغيرات شعبية، ويرتقب ان تسجل في الأسبوع الطالع ابتداء من اليوم ترشيحات جدية، كما من المقرّر ان يعلن حزب الله وحركة «امل» لوائحهما الانتخابية وتحالفاتهما، فيما تتواصل التحضيرات للاحتفال الذي سيقام بعد ظهر الأربعاء المقبل في مركز بيروت للمعارض «البيال»، احياء الذكرى الثالثة عشر لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.
ودعا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اللبنانيين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات، وخص أهالي بيروت بدعوة للالتزام بالتصويت لأن كل صوت بيفرق، وإلى توزيع اصواتهم التفضيلية، مرشحي اللائحة كلهم. تجدر الإشارة إلى ان مهلة انتهاء تقديم تصاريح الترشيح للانتخابات تنتهي بعد 23 يوماً.
إضراب تربوي
تربوياً، ينفذ القطاع التعليمي الرسمي الابتدائي والمتوسط والثانوي اضراباً، استنكاراً لما تعرض له الأساتذة الملحقون بكلية التربية الخميس الماضي، على طريق بعبدا، وذلك بناء على دعوة الروابط في الثانوي والأساسي، فضلاً عن حراك المتعاقدين الثانويين.
اصدرت رابطة الاساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي بيانا دانت فيه ما تعرض له الأساتذة المتمرنون الملحقون بكلية التربية من «إفراط باستعمال القوة، ومن توجيه كلام ناب لهم ما يسيء لكرامة كل أستاذ في لبنان، ويعد خرقا للدستور الذي يكفل حرية التعبير التي تشمل حق الإضراب والتظاهر والاعتصام لكل مواطن لبناني».
 رفض المحارق
بيئياً، نفذ أمس أكثر من 400 متظاهر ومتظاهرة وقفة احتجاجية، دعا إليها ائتلاف ادارة النفايات، أمام السراي الحكومية في رياض الصلح، رفضا لسوء ادارة النفايات، من توسيع المكبات البحرية الى اعتماد المحارق كحل لأزمة النفايات المزمنة.
وحمل المتظاهرون لافتات طالبوا فيها المسؤولين بالعدول عن قراراتهم الأخيرة والعمل على خطة متكاملة ومستدامة لإدارة ملف النفايات.
ثم ألقت الدكتورة في الجامعة الأميركية في بيروت نجاة صليبا كلمة قالت فيها: «ان قرارات الحكومة المتعلقة بإدارة النفايات الصلبة سوف تغرق البلد بالتلوث، وبلدنا لا ينقصه تلوث وأمراض، هناك مريض بالسرطان في كل بيت، الوضع كارثي ولا نريد الموت بالسرطان بسبب المحارق».
وأشارت صليبا الى جملة أسباب للاعتراض والاحتجاج ضد سوء ادارة النفايات «ومنها قرار الحكومة اعتماد المحارق، وفي الوقت عينه قالت انها ستعمل على الفرز من المصدر وإعادة التدوير.