تقدمت التطورات الأخيرة على جبهة الحدود السورية ـ الاسرائيلية واجهة الاحداث السياسية والعسكرية، وسط تساؤلات عمّا اذا كان المشهد الجديد سيغيّر قواعد الاشتباك في المنطقة، او انّ الاتصالات الدولية ومساعي التهدئة نجحت في لجم التصعيد واحتواء تردداته؟ فإسقاط صاروخ سوري للمرة الاولى منذ العام 1978 طائرة اف 16 إسرائيلية كانت تغير في الداخل السوري على مواقع عسكرية سورية وإيرانية، بعدما أسقطت اسرائيل طائرة إيرانية بلا طيّار تسلّلت إلى مجالها الجوي، ووصف ايران كلامها بـ«مجرد أكاذيب»، وحديث «حزب الله» عن «تغيير المعادلات السياسية والعسكرية» و»وقوفه الثابت والقوي إلى جانب الشعب السوري في الدفاع عن أرضه وسيادته»، كلها أحداث استبقَت جولة وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون الى الشرق الاوسط، والتي ستشمل مصر والاردن ولبنان والكويت وتركيا. وستكون مواضيع مكافحة الإرهاب، ودعم مؤسسات لبنان وأجهزته الامنية والعسكرية، ومسألة «حزب الله» محور محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين.

يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا اليوم، رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي يعود من زيارة عائلية الى لندن، لمواكبة إجراءات لبنان الرسمية السياسية والديبلوماسية بما فيها تقديم شكوى ضد اسرائيل الى مجلس الأمن الدولي لاستباحتها الأجواء اللبنانية في تنفيذ ضرباتها في سوريا، وتقييم نتائج زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد تمهيداً لزيارة تيلرسون ومناقشته في ملف اعتداءات إسرائيلية وادّعائها ملكية «البلوك 9» الغازي في البحر.

بري

ورداً على سؤال حول إسقاط الطائرة الاسرائيلية وهل يمكن ان تتطور الاوضاع بعده، قال بري امام زوّاره امس: «ما حصل هو اكبر من معركة وأصغر من حرب، وسيخلق توازنات وقواعد اشتباك جديدة في المنطقة، فهذا الحدث هو الاول من نوعه من عشرات السنين». وأكد ان «لا تصعيد متوقعاً وسينتهي ما حصل عند حدوده، ولن يتطور الى حرب شاملة».

وعن العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية، قال بري انّ هذه العلاقة «على ما يرام»، وانهما سيلتقيان قريباً والاتصالات بينهما متواصلة مواكبة للتطورات الجارية والتهديدات الاسرائيلية.

وأشار بري الى انّ اجتماعاً سيعقد اليوم في الناقورة للجنة الثلاثية اللبنانية - الدولية - الاسرائيلية للاطلاع على الرد الاسرائيلي على الموقف اللبناني في شأن الجدار، والذي كان لبنان أبلغه الى الاسرائيليين في اجتماع الاثنين الماضي.

واضاف: «في هذا المجال سيتمسّك لبنان بخط الهدنة لعام 1949، وانّ الخط الازرق الذي فرضه القرار 1701 ليس هو حدود لبنان الجنوبية، وما يسري حدودياً على البر ينبغي ان يسري في البحر، وهذا الموقف أتمَسّك به منذ سنين طويلة وأبلغته الى الجميع».

وعن موضوع النفط والغاز، قال بري: «لا خوف على حقوقنا النفطية وقد أبلغنا رئيس شركة «توتال» الذي التقيته قبل يومين انّ تحالف الشركات النفطية التي ستُنقّب على النفط والغاز لن تتأثر بالتهديدات الاسرائيلية، وانها مستمرة في التحضير للبدء بالتنقيب». واضاف: «أهمية إقرار تلزيم التنقيب في البلوك 9 تكمن في اننا حافظنا على حقوقنا النفطية في مواجهة الاطماع الاسرائيلية، وموقف لبنان في هذا الصدد موحّد».

واستبعد بري إقرار قانون العفو العام المرتقب قبل إجراء الانتخابات النيابية، وكذلك تخوّف من تأخّر إقرار موازنة الدولة للسنة الجارية 2018 قبل الانتخابات المقررة في 6 ايار المقبل.

طبارة

وفي السياق، أكد سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة لـ«الجمهورية»: «إنّ الهجوم الإسرئيلي الأخير على سوريا كان بضوء أميركي، حيث سارعت وزارة الدفاع الأميركية إلى تأكيد حق إسرائيل «بالدفاع عن نفسها ضد أي تهديدات لأراضيها وشعبها»، بمعنى أنها تَبنّت روايتها بأنّ طائرة ايرانية من دون طيّار خرقت مجالها الجوي بداية، وذلك على رغم نَفي ايران هذا الإدّعاء بشدة».

وأضاف: «يعتبر كثيرون أنّ هذا الإعتداء هو أيضاً رسالة أميركية الى روسيا وإيران بأنّ أميركا جَادّة في رفع سقف الضغوطات عليهما حتى ميدانياً. وجاء الجواب الروسي ـ الإيراني على هذه الرسالة من خلال استعمال المضادات الأرضية بكثافة وبنحو غير مسبوق وإسقاط طائرة إف 16 إسرائيلية. وقد تكون هذه الرسائل المتبادلة بداية لرسائل مماثلة عسكرية وديبلوماسية مقبلة».

ورأى طبارة انّ «إيران لن تتجاوب مع ما تريده الولايات المتحدة منها بلا مقابل. ولكنّ تصريحات الرئيس حسن روحاني الأخيرة فتحت الباب لبعض الليونة في ما يخصّ ملفات المنطقة.

فبعدما أكد أنّ إيران ترفض تغيير أي كلمة في الإتفاق النووي، أصرّ على أن لا علاقة لملفات المنطقة بهذا الإتفاق والحديث فيها مُمكن. ولكنّ الوصول إلى الحديث في الملفات وإيجاد الحلول لها سيستغرق وقتاً طويلاً. انّ الرسائل المتبادلة ستوتّر الأجواء بين الحين والآخر من دون الوصول إلى حرب إقليمية لا يريدها أيّ من الأفرقاء».

وقال: «أمّا لبنان، فقد يكون من الصدفة أن يكون ساترفيلد في زيارة فيه ليطمئنّ الجميع، كما فعل كل من سبقه من الإدارة الأميركية، بأنّ لبنان سيبقى بألف خير».

طائرة روسية

وبعيداً من الأحداث السياسية والعسكرية، وبعدما تحطّمت طائرة ركاب روسية بعد إقلاعها أمس من موسكو وعلى متنها 71 شخصاً، أكّد سفير لبنان في روسيا شوقي بونصّار لـ«الجمهورية» انه «لم تَرد الى السفارة اللبنانية في موسكو أي معلومات عن وجود ضحايا لبنانيين بين ركّاب الطائرة الروسيّة»، لافتاً الى أنّ «هذه الطائرة كانت تقلع من موسكو وهي تعمل ضمن الأراضي الروسيّة، أي في الرحلات الداخلية».

لا مجلس وزراء

في هذه الأجواء، أنجزت الدوائر المختصة في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والأمانة العامة لمجلس الوزراء الترتيبات النهائية لزيارتين مهمتين سيشهدهما لبنان هذا الأسبوع، واولاهما وصول رئيس الحكومة البولندية ماتيوش مورافيتسكي في زيارة رسمية الى بيروت غداً، وثانيهما تيلرسون الذي يصل الخميس المقبل.

وسيلتقي المسؤولان الدوليان كلّاً من عون وبري والحريري ووزير الخارجية جبران باسيل لعرض العلاقات بين لبنان وكل من الدولتين، وملف القدس والأزمة السورية في ضوء التطورات العسكرية الاخيرة.

وتِبعاً لترتيبات هاتين الزيارتين، ونظراً الى عطلة 14 شباط الرسمية إحياء للذكرى الثالثة عشرة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أرجئت جلسة مجلس الوزراء التي كان من المقرّر عقدها الخميس الى الأسبوع المقبل.

14 شباط

ويحيي تيار «المستقبل» ذكرى استشهاد الحريري ورفاقه، في احتفال حاشد، عند الرابعة من عصر الأربعاء 14 الجاري، في «البيال».

ودعت مصادر التيار الى «تَرقّب ما ستتضَمّنه كلمة الرئيس سعد الحريري من رسائل سياسية وانتخابية في كل الاتجاهات، مؤكدة انها ستكون كلمة شاملة يضع فيها الحريري النقاط على الحروف، ويرسم خريطة طريق «المستقبل» نحو الاستحقاقات، وفي مقدمها الاستحقاق الانتخابي». وأوضحت انّ «كل الاحزاب الصديقة مدعوّة الى الاحتفال باستثناء «حزب الله» كما درجت العادة كل عام، لأنّ الحزب متهم باغتيال الرئيس الحريري ولا يتعاون مع المحكمة الدولية، وبالتالي غير مرحّب به».

وعلمت «الجمهورية» أنّ فلسطين والقدس ستكونان في صلب برنامج إحياء الذكرى، عبر فقرة شعرية يقدّمها أحد كوادر «المستقبل»، بالإضافة إلى معزوفة من الأغاني الوطنية، ووصلتين فنيتين يقدّمهما الفنان رامي عياش مع أوركسترا، الأولى بعنوان «وطني الشعب اللي ما بيموت»، والثانية استعادة لأغنية «لا ما خلصِت الحكاية». كذلك يتضمن البرنامج فيلماً وثائقياً عن الرئيس الشهيد ومسيرته المستمرة مع الرئيس سعد الحريري، الذي سيختتم الذكرى بكلمة مهمة.

وعلى المقلب الآخر، يحيي «حزب الله» الذكرى السنوية لقادته الشهداء: السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب والحاج عماد مغنية، وذلك في مهرجان يتحدث خلاله الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله عند الثالثة والنصف بعد ظهر الجمعة 16 شباط في «مجمع سيد الشهداء».

مؤتمر روما

وعلى رغم الحديث عن احتمال تاجيل مؤتمر «روما 2» لدعم الجيش اللبناني في 28 شباط، علمت «الجمهورية» انّ اللجنة التي شكّلها رئيس الحكومة، والمكلّفة التحضير للمؤتمر بالتنسيق مع الوزارات المختصة، ستعقد اليوم في السراي الحكومي جلسة ماراتونية من العاشرة صباحاً حتى الأولى بعد الظهر، بمشاركة وزير الداخلية نهاد المشنوق وقادة الأجهزة التابعة للوزارة في المرحلة الأولى، على أن تخصّص المرحلة الثانية لسفراء الدول المانحة التي تشارك في التحضير للمؤتمر، وهم سفراء مجموعة الدعم الدولية من اجل لبنان وممثلون عن الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والجامعة العربية، وسيكون الإجتماع الأخير لوزير الدفاع الوطني وقيادة الجيش.