إعتراضُ طائرةٍ إيرانية بلا طيّار فوق بيسان، وتدمير مقاتلة F-16 الإسرائيلية بانفجار صاروخ أرض-جو وقصفُ 12 موقعاً عسكرياً على الأراضي السورية في إطار ردٍّ «واسع النطاق»:
يصف الجنرالات الإسرائيليون تبادُلَ إطلاق النار صباح السبت بين الدولة العِبرية والقوات الموالية لبشّار الأسد بالأكثر خطورةً منذ 35 عاماً. دعَت روسيا، التي تُعتبَر الآن القوّة الرئيسية العظمى المشاركة في المنطقة، الطرفَين إلى «التحلّي بضبطِ النفس».
وأشار الملازم - الكولونيل كونريكوس، المتحدّث باسمِ «جيش الدفاع الإسرائيلي»، إلى أنّ «إسرائيل لا تبحث عن التصعيد ولكنّها مستعدّة لمواجهة أيّ تطوّر»، موضحاً أنّه «تمّ إرسال البطاريات المضادة للطائرات وتعزيزات عسكرية إلى شمال البلاد».
من سيخرج منتصراً في هذا الاشتباك؟ إعتبَرت السلطات السوريّة على الفور أنّ فقدانَ طائرةٍ مقاتلة إسرائيلية، أمرٌ غيرُ مسبوق منذ عام 1982، وهو بمثابة انتصار.
كان الجهاز جزءاً من 8 طائرات F-16 ، تمَّ إرسالها بعد اعتراض طائرة بلا طيّار إيرانية تُحلّق فوق الأراضي الإسرائيلية، حوالي الساعة 4:35 صباحاً، من أجل ضربِ الوحدة المتنقّلة التي كانت تتحكّم بهذا الجهاز من قاعدة قرب تدمر.
ويقول جوناثان كونريكوس إنّ بعض الطائرات قد دخلت الأراضي السورية ولكنّ الطائرة التي أصيبَت كانت تُحلّق فوق الجولان عندما أجبَر أحدُ الصواريخ الـ 25 S-5 وS-17 التي أطلقَتها البطاريات السورية طاقمَها على الخروج.
وفي دمشق، تعتقد صحيفة «الوطن» الموالية للحكومة أنّ هذه الحادثة «تُدمّر أسطورةَ التفوّق الجوّي الإسرائيلي في المنطقة». ومِن جهته، يقول عاموس يدلين، وهو رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق ومدير معهد دراسات الأمن القومي، إنّ «فقدان طائرة ليس بأمرٍ يدعو للفرح، إلّا أنّه قد يحصل عندما نستخدم القوّات الجوّية»، وهو يصرّ على أهمّية الردّ الإسرائيلي. وفي المحصّلة، أُصيبَت 8 بطاريات مضادة للطائرات، يتحكّم بها جيش بشّار الأسد، فضلاً عن 4 أهداف إيرانية. وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وقد أسفرَت هذه الضربات عن مقتل 6 أشخاص على الأقل- ليسوا جميعم سوريين.
هل فَقد الطيران الإسرائيلي حرّية التصرّف في سوريا؟ منذ 30 كانون الثاني 2013، نفّذت الدولة العبرية مئات الضربات في سوريا لمنع نقلِ الأسلحة المتطوّرة إلى الميليشيا الشيعية اللبنانية، «حزب الله». إنخفضَ مدى تحرّكِها الذي كان غيرَ محدود تقريباً في البداية، عندما نشَرت روسيا، في أيلول 2015، طائراتها وبطارياتها المضادة للصواريخ دفاعاً عن نظام بشّار الأسد.
وبحسب أوفر زالزبرغ، المحلّل في خلية التفكير «مجموعة الأزمات الدولية» والمؤلّف المشارك في تقرير نُشِر الأسبوع الماضي عن خطر اندلاع صراع بين الدولة العِبرية وسوريا وإيران، فإنّ الطيران الإسرائيلي قد حدَّ منذ ذلك الحين من وتيرةِ ضرباته، ثمّ ركّز على العمليات المنفّذة من مجاله الجوّي أو مجالِ لبنان الجوّي.
ويشرَح زالزبرغ: «إنّ حاجز الصواريخ المضادة للطائرات التي أُطلقت صباح يوم السبت يمثّل مرحلةً جديدة، ويبدو أنّه يُبيّن أنّ بشّار الأسد، الذي شجّعَته نجاحاتُه العسكرية ضدّ المتمرّدين، لن يتحمّلَ الهجمات الإسرائيلية على أراضيه بعد الآن».
ويعتقد «حزب الله» الذي حذّرَ مؤخّراً من متابعة الضربات الإسرائيلية، أنّ تدميرَ الطائرة الإسرائيلية F-16 يُمهّد لـ«مرحلة استراتيجية جديدة».
وحذّرَ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس بأنّه: «مِن خلال شَنِّ ضرباتٍ قاسية على القوات الإيرانية والسورية، أفهَمنا كليهما أنّ سياستنا لم تتغيّر قيد أنملة وسوف نستمرّ في الرد كلَّ مرّة يحاولون ضربَنا». ويبدو أنّه لا مفرَّ من مواجهات أخرى من هذا النوع.
هل يُمكن لروسيا منعُ اندلاع صراع؟ يَعتقد بنيامين نتنياهو، الذي التقى ليل السبت فلاديمير بوتين، أنّ خوفَه من رؤية إيران تترسّخ بصورة دائمة في سوريا لم يؤخَذ في الاعتبار حتى الآن من قبَل موسكو بما فيه الكفاية. وترفض الدولة العِبرية أن تبنيَ الجمهورية الإسلامية في سوريا مرفأً ومطاراً وقواعدَ عسكرية دائمة، فضلاً عن مواقعَ تسمح بتصنيعِ صواريخ عالية الدقّة.
وتُهدّد إسرائيل بالدفاع عن مصالحها بالقوّة إذا لزمَ الأمر. ويشير أوفر زالزبرغ إلى أنّ «موسكو تعتقد أنّ هذه الخطوط الحمراء تتجاوز احتياجات إسرائيل الأمنية المشروعة، ورَفضت على ما يبدو جعلها موضوعاً للمواجهة مع إيران».
وفي تقريره، يُذكّر الخبير أنّ روسيا هي القوّة الوحيدة التي تبدو في وضعٍ يُمكّنها من فرضِ حدودٍ للأطراف المختلفة المعنية، ويؤكّد أنّها ستَخسر الكثير في حال اندلاع صراع. ويضيف عاموس يدلين: «يريد الروس استقرارَ سوريا وإعادةَ إعمارها، وإسرائيل هي القوّة الوحيدة القادرة على عرقلة مساعيهم بإنقاذ الأسد. لذلك، علينا أن نُفهمهم أنّ التصعيد لا يَخدم مصلحتهم».
لوفيغارو - ترجمة جريدة الجمهورية