تشي المواجهات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل داخل العمق السوري بمحاولة طهران لتوريط تل أبيب في الحرب السورية، فيما طالب السفير الإسرائيلي لدى موسكو بانسحاب ميليشيا حزب الله والمقاتلين الشيعة المدعومين من إيران من جنوب سوريا.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن السفير هاري كورين قوله إن «نفضل التحدث عن تنفيذ الاتفاقات
المختلفة بشأن مناطق خفض التصعيد، وفي حالتنا هذه، في الجنوب على الحدود مع إسرائيل».
وتابع «على وجه التحديد، يجب على الفور تقليص وجود أي وحدات إيرانية وقوات حزب الله والمقاتلين الشيعة».
وهذه هي المرة الأولى التي تتواجه فيها إيران وإسرائيل بطريقة مباشرة، وعلى ما يبدو أن هذا التصعيد لم ينته بعد، حيث يجري رئيس الوزراء الإسرائيلي مشاورات أمنية، ومن غير المستبعد أن تنفذ إسرائيل غارات إضافية الليلة في العمق السوري حيث تتواجد قوات الحرس الثوري الإيراني.
واعتبر الجيش الإسرائيلي أن ما حدث يعد هجوماً إيرانياً على سيادة إسرائيل، وأن إيران تجر المنطقة نحو مغامرة لا تعلم كيف تنتهي.
وأردف عبر بيان صدر اليوم: «ننظر ببالغ الخطورة إلى إطلاق النيران باتجاه طائراتنا. وكل من تورط في إطلاق الطائرة دون طيار قد جرى استهدافه».
وقال متحدث باسم الجيش في بيان لاحق أن إسرائيل لا تسعى للتصعيد في المنطقة. وأضاف «نحن مستعدون ومتأهبون وقادرون على تكليف من يهاجمنا ثمنا باهظا ولكننا لا نسعى لتصعيد الموقف. كان هذا عملا دفاعيا
أثاره تصرف عدواني إيراني ونحن ندافع عن مجالنا الجوي وسيادتنا والمدنيين» في إسرائيل.
وتأتي هذه التطورات بعد يومين من تحذير خبراء دوليين من خطر تفجر حرب إقليمية على نطاق واسع، تكون سوريا ميدانها، في حال تجاوزت الأطراف المعنية الخطوط الحمراء المتفاهم حولها بصفة مباشرة أو غير مباشرة برعاية روسيا.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قال رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو إن إيران تعمل ليل نهار لتحويل سوريا إلى قاعدة عسكرية تتمركز فيها بغية «استخدام سوريا ولبنان كجبهات حرب لإزالة إسرائيل من الوجود»، مؤكداً أن طهران تبني مصانع لإنتاج صواريخ دقيقة في البلدين، وهذا الأمر لن تسمح به إسرائيل.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان في وقت سابق أن إيران تستمر في محاولاتها تهريب أسلحة إلى لبنان، مضيفاً أن إسرائيل «مصممة على التصدي لجميع المخاطر التي تهدد أمن مواطنيها».
وأوضح أن إيران تحاول عبر «الحرس الثوري الإيراني خلق واقع جديد حول إسرائيل عن طريق إقامة قواعد بحرية وجوية إيرانية في سوريا والإشراف على الآلاف من الميليشيات والمرتزقة».
مبعث قلق إسرائيل هو تصاعد نفوذ طهران في سوريا مع التغييرات الميدانية التي تشهدها لأن «داعش في طريقه إلى الزوال وهذا محل ترحيب المجتمع الدولي، لكن ذلك يخلق مشكلة أخرى إذ أن إيران تبسط سيطرتها على المناطق التي يتم استعادتها» حسب قول ليبرمان.
وأعلن ليبرمان أن إسرائيل لا تعترض على الهدن واتفاقيات وقف إطلاق النار التي يتم التوصل إليها في سوريا شريطة ألا تكون إيران أو حزب الله أطرافا فيها.
وكان نتنياهو التقى بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي بروسيا، وأعلن في نهاية اللقاء الذي استمر لمدة ثلاث ساعات أن إيران تسعى إلى لبننة سوريا.
وأضاف في لقاء مع الصحافيين الإسرائيليين الذين كانوا برفقته «استولت إيران على لبنان بواسطة حزب الله تحاول تكرار التجربة في سوريا عبر عشرات الآلاف من المسلحين الموجودين حاليا في سوريا».
كما نقلت بعض وسائل الإعلام أن الإسرائيليين أبلغوا الروس خلال لقاء نتنياهو ببوتين أنهم سيقصفون قصور رئيس النظام السوري بشار الأسد إذا لم يلجم التوسع الإيراني في سوريا.
كما هددت إسرائيل بوقف العمل باتفاقية «منطقة وقف التصعيد» التي تم التوصل إليها مؤخرا في جنوب سوريا بين الولايات المتحدة والأردن وروسيا، التي تشمل محافظات درعا والقنيطرة والسويداء إذا لم تتوقف طهران عن توسيع نفوذها في سوريا.
ومنذ التدخل الروسي في سوريا أواسط 2015 استطاعت قوات النظام السوري مدعومة بميليشيات تشرف عليها إيران وبغطاء جوي روسي من استعادة مساحات هائلة كانت تحت سيطرة المعارضة وتنظيم داعش وتمكنت في اندفاعها شرقي سوريا من الوصول إلى حدود سوريا مع العراق.
وأقامت موسكو وتل أبيب خطا عسكريا ساخنا بين الجيش الإسرائيلي وقاعدة «حميميم» الجوية الروسية في سوريا منذ وصول القوات الروسية إلى سوريا لتفادي إمكانية وقوع أخطاء غير مقصودة أثناء قيام الطائرات الإسرائيلية بشن غارات على شحنات الأسلحة التي تنقل إلى حزب الله اللبناني.