أولاً: روحاني بين فكي الكماشة...
ما يزال الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني واقعاً بين فكّي الكماشة: الاضطرابات والاحتجاجات والمظاهرات من جهة، وضغوط المحافظين والمتشددين بقيادة الحرس الثوري ومن ورائهما الولي الفقيه من جهةٍ ثانية، فقد حذّر حسام الدين آشنا، مستشار الرئيس روحاني من تجاهل الاحتجاجات الشعبية والمطالب التي تصدر عنها، فقد بيّنت استطلاعات الرأي أنّ أكثر من ثلاثين بالمائة من الإيرانيّين فقدوا الثقة بإمكانية إصلاح النظام، ويجزمون بأنّ الاحتجاجات ستستمر، وهذا قد يقود إلى بروز أقلّية متطرفة ضد الوضع القائم، كما يرى آشنا.
إلاّ أنّ الخطر الأبرز الذي يُحذّر منه رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية، السيد آشنا، هو سعي المحافظين لإسقاط حكومة روحاني، عندها يصبح النظام برُمّته في عين العاصفة، كون الرئيس روحاني هو حلقة الوصل الوحيدة المتبقية بين الشعب والنظام.
إقرأ ايضًا: مرسوم الأقدمية بعد تطريز توقيع وزير المال... البلطجة في أبهى صورها
ثانياً: القرد واليراعة...
من كليلة ودمنة..قال كليلة: زعموا أنّ جماعةً من القردة كانوا سكاناً في جبلٍ، فالتمسوا في ليلةٍ باردة ذات رياحٍ وأمطارٍ ناراً، فرأوا يراعةً تطير كأنّها شرارةُ نارٍ، فظنّوها ناراً، (واليراعة حشرة تلتمع وتطير ليلاً) ، فجمعوا حطباً كثيراً فألقوه عليها، وجعلوا ينفخون طمعاً أن يوقدوا ناراً يصطلون بها من البرد. وكان قريباً منهم طائرٌ على شجرة، ينظرون إليه وينظر إليهم، وقد رأى ما صنعوا، فجعل يناديهم ويقول: لا تتعبوا فإنّ الذي رأيتموهُ ليس بنارٍ، فلمّا طال ذلك عليه عزم على القرب منهم لينهاهم عمّا هم فيه، فمرّ به رجلٌ فعرف ما عزم عليه، فقال له: لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم، فإنّ الحجر المانع الذي لا ينقطع، لا تُجرّب عليه السّيوف، والعود الذي لا ينحني لا يُعمل منه القوس، فلا تتعب، فأبى الطائر أن يُطيعه، وتقدم إلى القردة ليُعرّفهم أنّ اليراعة ليست بنار، فتناوله بعض القردة فضرب به الأرض فمات.
الخشية كلّ الخشية، أن يحاول الشيخ الرئيس تقويم ما لا يستقيم، أو يُجرّب سيفه على الحجارة التي لا تنقطع، حتى يتقدم أحد المتشددين في يومٍ من الأيام ليُطيح به، مع ما حاول إصلاحه وترميمه، ليستمر النفخ في نار الحروب العربية، والتي لن تعود على الشعب الإيراني بفائدة ترتجى في ليالٍ باردة وأمطارٍ غزيرة.