احتفل لبنان أمس، بتوقيع رخصتي استكشاف الغاز والنفط وإنتاجهما في البلوكين 4 و9 من المنطقة الاقتصادية الخالصة في مياهه الإقليمية، وذلك في حضور رئيس الجمهورية ميشال عون وعدد كبير من الوزراء والمسؤولين عن قطاع البترول، متجاوزاً الادعاءات الإسرائيلية بملكية البلوك 9. في الوقت ذاته واصل مساعد وزير الخارجية الأميركي دايفيد ساترفيلد لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين عارضاً مقترحاته لمعالجة النزاع اللبناني- الإسرائيلي حول بناء الدولة العبرية الجدار الاسمنتي على الحدود، والذي يشمل نقاطاً تعود ملكيتها إلى لبنان، إضافة إلى النزاع على الحدود البحرية.
وخرج غير مسؤول لبناني بانطباع من لقاء ساترفيلد يستبعد مواجهة مع الجانب الإسرائيلي في الملفين، نتيجة المسعى الأميركي، فيما أعطى احتفال أمس بتسليم عقود تلزيم البلوكين في البحر لممثلي كونسورسيوم الشركات العالمية الثلاث التي وُقِّع العقد معها، «توتال» الفرنسية، و «إيني» الإيطالية و «نوفاتيك» الروسية، نوعاً من الغطاء الدولي لاستثمار لبنان ثروته النفطية والغازية.
وأعلن عون في نهاية الاحتفال الذي شارك فيه عدد من سفراء الدول الكبرى والسفراء العرب، أن لبنان «دخل التاريخ إلى مرحلة جديدة».
وأكدت شركة «توتال» بعد الاحتفال أنها «تعزز وجودها في منطقة شرق المتوسط عبر دخول منطقتي امتياز للتنقيب البحري في لبنان». وأشارت إلى أن الكونسورسيوم الدولي تقوده «توتال» وستتولى تشغيل المشروع الذي تبلغ حصتها فيه 40 في المئة في مقابل 40 لـ «إيني» و20 في المئة لـ «نوفاتيك». وذكرت «توتال» أنها وشركاءها على دراية كاملة بالنزاع الحدودي بين إسرائيل ولبنان في الجزء الجنوبي الذي لا يغطي سوى منطقة محدودة جداً من الامتياز رقم 9، وأن البئر الاستكشافية في المنطقة رقم 9 لن تتداخل على الإطلاق مع أي حقول أو مكامن محتملة تقع جنوب المنطقة الحدودية.
وأوضحت «توتال» إن الاتفاق يشمل منطقتي الامتياز 4 و9 الواقعتين قبالة سواحل لبنان في الجزء الشرقي من البحر المتوسط، مضيفة أن أولوية الكونسورسيوم تتمثل في حفر أول بئر استكشافية في المنطقة رقم 4 عام 2019.
وكان ساترفيلد التقى أمس، رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ثم وزير الداخلية نهاد المشنوق. وقال جعجع: «علينا جميعاً الحفاظ على كل حقوقنا الوطنية إن كان على اليابسة أو في المياه، من دون أن نترك لأي طرف خارجي فرصة استخدام القضية في قضايا لا علاقة للبنان بها». ودعا الحكومة إلى تداول الحلول المطروحة من الموفد الأميركي وصولاً إلى أفضل مخرج. وناقش ساترفيلد مع المشنوق، الذي رحب بالوساطة الأميركية، مضمونها وأكد تمسك لبنان بحقوقه في البرّ والبحر. واستبعد الوزير مواجهة عسكرية بسبب الخلاف.
وعلمت «الحياة» أن من الأفكار التي يعمل عليها ساترفيلد أن يترك الجيش الإسرائيلي النقاط الحدودية البرية المتنازع عليها مع لبنان من دون إقفالها بالكتل الإسمنتية، أو أن يُبعد الجدار بضعة أمتار داخل فلسطين المحتلة. وذكرت مصادر رسمية أن الجانب الأميركي لا يعتبر الخلاف الحدودي البري ذا أهمية. أما بخصوص ترسيم الحدود البحرية لحسم الموقف من ادعاء إسرائيل ملكية جزء من البلوك النفطي الرقم 9، فإن مصادر رسمية أبلغت «الحياة» أن ساترفيلد اقترح على المسؤولين اللبنانيين العودة إلى ما توصل إليه الوسيط الأميركي السابق فريدريك هوف الذي اقترح عام 2012 اقتسام الرقعة المتنازع عليها في البحر وتبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً (تلامس البلوك 9 بجزء صغير منه) فيحصل لبنان على 60 في المئة منها وإسرائيل على 40 في المئة. وهو ما سمي بـ «خط هوف». وكان لبنان رفض هذا الاقتراح، وطلب عام 2016 أن تتولى الأمم المتحدة ترسيم الحدود البحرية، لكن تل أبيب لم تستجب. وأعاد طرح الاقتراح في اجتماع اللجنة الثلاثية التي تضم الجيشين اللبناني والإسرائيلي وقيادة قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) الإثنين الماضي.
وتناول وزير الطاقة سيزار أبي خليل خلال احتفال تسليم نصوص العقود «محاولة العدو الإسرائيلي الاعتداء على حقوقنا النفطية في مياهنا البحرية زاعماً حقوقاً له في الرقعة الرقم 9، ونؤكد أن هذه الرقعة خاضعة في شكل ناجز لسيادة الدولة اللبنانية وأن نشاطات الاستشكاف فيها ستتم في صورة كاملة، كما ستتم في الرقعة الرقم 4».