انتشرت برامج المواهب بشكل كبير، وخُصص بعض منها للأطفال، حيث يقوم الطفل بعرض موهبته على لجنة من الحكام وهم يقررون بقاءه من عدمه.
وتنوعت هذه البرامج، فبعضها غنائي، وبعضها يهتم بالمواهب بأي مجال، سواء كانت فني أو ألعاب خفة أو موسيقي، وتعتمد نتائجها على تصويت الحكام في بدايتها، ومن ثم على تصويت المشاهدين في مراحلها النهائية.
السلبيات والإيجابيات
انتقد البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي برامج المواهب المخصصة للأطفال، واعتبروا أنها تؤثر على حالتهم النفسية بشكل سلبي، وتسلبهم طفولتهم. بالمقابل يراها البعض مفيدة للطفل ولها بعض الأثر الإيجابي عليه.
ويرى أخصائي الطبي النفسي، زهير الدباغ، أن الجالب الإيجابي بها هو التنافس، فهو جيد للطفل في أي مجال يتعلم منه أشياء جديدة، وهو ما يحفز لديه الرغبة بالتقدم والنجاح، بحسب قوله.
وعن الجانب السلبي في هذه البرامج، قال الدباغ: "لكن للأسف غالبية هذه البرامج يكون الطفل فيها هدفه ليس التنافس، بل الفوز، ولا شيء غير ذلك".
وتابع: "يتم تقديمه هذه البرامج بقدر من الهالة التي تؤكد أن الخاسر سيفقد كل شيء، خاصة عندما لا يكون هذا القرار مرتبطا بأدائه وإنجازه، ولكن بآراء الآخرين".
وأشار إلى أن اعتماد نتيجة هذه البرامج على آراء الآخرين تفقد الطفل الرغبة بعمل المزيد ما دام جهده لا يُقدر ألا من خلال أهواء الغير أو ما يسمى الحظ، وهذه الحالة تُعرف بعلم النفس بـ"تعلم العجز".
وأكد على أن هذه البرامج يجب أن تكون معدة للتنافس، وتركز على إنجاز المتنافسين، وليس حظوظهم، خاصة أنهم أطفال ومفهوم الخسارة لديهم جسيم.
من جهتها، قالت أخصائية علم الاجتماع عطاء عطا الله: "يختلف تأثير المشاركة ببرامج المواهب المخصصة للأطفال عليهم، فبعضهم يتأثر إيجابا، وبعضهم سلبا".
وأشارت إلى أن مشاركة الطفل الموهوب في هذه البرامج تمنحه زيادة بثقته بنفسه، نتيجة للفرصة التي سنحت له لتحقيق حلمه والتعبير عن موهبته، خاصة أنه يمكنه إثبات ذاته أمام الملايين من الناس.
وتابعت: "ينعكس حب ودعم المشاهدين للطفل المشارك عليه بصورة إيجابيه في زيادة إبداعه وتنميق قدراته الاجتماعية، وذلك ليسعى بشكل جدي لتقديم أفضل ما يمتلك من مواهب وقدرات، وبالتالي هذه الحوافز المقدمة له من البيئة المحيطة تجعله طفلا قياديا واثقا من نفسه قادرا على التحدث بطلاقة، مدركا وواعيا لما يجري حوله".
وعن الجانب السلبي لهذه البرامج، قالت عطاء: "يجب ألّا نغفل عن السلبيات التي ممكن أن يواجهها بعض الأطفال، نتيجة لاختلاف بيئاتهم وظروفهم المحيطة، فالشهرة ليست بالأمر السهل على النجوم الكبار، فما بالك الطفل الذي لم يكتمل نموه الجسدي والعقلي والانفعالي".
وتابعت: "قد تؤدي بالطفل أيضا لأن يُهمل الجانب الدراسي في مرحلته الأساسية المهمة نتيجة انخراطه بأضواء الشهرة، التي من الممكن أن تخلق طفلا أنانيا مغرورا بموهبته، لذلك يجب على الوالدين أن يتابعوا بدقة تطورات الطفل المشارك؛ حتى لا يقع ضحية لموهبته".
وتؤثر هذه البرامج على الطفل المشاهد أيضا، ويعتمد تعريفنا لهذا التأثير بالسلبي أو الإيجابي على نوعية البرنامج، بحسب أخصائي الطب النفسي زهير الدباغ.
وتابع: "مثلا هل يقدم هذا البرنامج ما هو مفيد ومشوق ليطور مهارات وشخصية الطفل من خلال التقليد والاقتداء، أم هل سيسبب له الأذى من ناحية التطرق لمسائل غير مقبولة لوعي الطفل".
وأشار إلى أن مشاهدة الطفل ما يعتبره من المحظورات تُقدم وكأنها هي عكس ذلك تماما، يضعه بحيرة من أمره، وماذا يصدق وما هو الصحيح، ما يفقده البوصلة للمضي للأمام.
من جهتها، أشارت أخصائية علم الاجتماع عطاء عطا الله إلى أن بعض سلبيات هذه البرامج على الطفل المشاهد، هو شعوره بالغيرة والدونية والانتقاص، خصوصا إذا كان من الأطفال الذين لا يستطيعون المشاركة في مثل هذه البرامج لظروف بيئية معينة، وحصر الطفل في محاولة البحث عن موهبة معينة واحدة كالغناء نتيجة التقليد وليس الإبداع.
واستدركت قائلة: "لكن لهذه البرامج أيضا تأثير إيجابي على الطفل المشاهد مثل الشعور بالتسلية والمرح في تشجيع الأطفال المشاركين، وتمضية بعض الوقت للتعرف على ثقافات البلدان الأخرى في جو عائلي مفعم بالمودة والألفة، وعلى أي حال أنصح بأن يتم مراقبة الطفل ومتابعته جيدا أثناء مشاهدته لها".