قلّل دبلوماسيون في الأمم المتحدة أمس الخميس من احتمال إحداث اختراق في الكارثة الإنسانية التي تشهدها سوريا حالياً، بسبب تجدد الخلافات بين غالبية أعضاء مجلس الأمن من جهة وروسيا من الجهة الأخرى، على طريقة التعامل مع تصعيد القوات النظامية وحلفائها من الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» اللبناني الحملة العسكرية بدعم من سلاح الجو الروسي في محاولة لإخضاع مناطق رئيسية للمعارضة في الغوطة الشرقية ومحافظة إدلب.
وبطلب من الكويت والسويد، عقد مجلس الأمن جلسة مشاورات مغلقة من خارج جدول أعماله واستمع إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك. وقال دبلوماسيون حضروا الجلسة المغلقة لـ«الشرق الأوسط»، إنه «عرض للتطورات العسكرية الميدانية المتسارعة على الأرض وتردي الأوضاع الإنسانية بدرجات خطيرة في العديد من المناطق». وطالب أعضاء المجلس بالاستجابة لدعوة المنسق المقيم للأمم المتحدة في سوريا ومنسق الشؤون الإنسانية وممثلو وكالات الأمم المتحدة في سوريا من أجل «وقف فوري للأعمال العدائية لمدة شهر كامل على الأقل في كل أنحاء البلاد، للسماح بإيصال المساعدات والخدمات الإنسانية، وإجلاء الحالات الحرجة من المرضى والجرحى، والتخفيف من معاناة الناس إلى أقصى حد ممكن حيثما وجدوا».
وعلم أن «أجواء المشاورات بعد الإحاطة كانت ساخنة في الجلسة بسبب الخلافات الواضحة بين روسيا والعديد من الدول الأخرى حول التصعيد العسكري الأخير، وما يجب القيام به لتخفيف المعاناة الإنسانية المتفاقمة». وكشف دبلوماسي آخر أن «هناك مشاورات جارية حالياً على مستويات ثنائية وبين العواصم لدرس إمكان إعداد مشروع قرار يستجيب لمطالب المنظمات الإنسانية»، علما بأن روسيا يمكنها أن تستخدم حق النقض مجدداً لتعطيل أي توجه كهذا. وسئل المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا عن موقف بلاده من طلب المنظمات الإنسانية الدولية هدنة إنسانية لمدة شهر في سوريا، فأجاب: «هذا غير واقعي. نحن نرغب في رؤية وقف للنار في سوريا ولكن أتساءل عما إذا كان الإرهابيون يوافقون على ذلك»، مضيفاً أنه «لا يفترض أن تكون هناك أي نتيجة» من الجلسة المغلقة. وعبر عن «الأسف» لاستهداف غارات التحالف بقيادة الولايات المتحدة للقوات الحكومية وحلفائها، مشيراً إلى أن الدول الغربية «رفضت أيضاً أخيراً إصدار بيان في شأن الهجمات الإرهابية الأخيرة ضد بعثتنا في دمشق».
ورداً على أسئلة «الشرق الأوسط»، قال المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر إن «الوضع في سوريا يعود الآن إلى أحلك فترة من هذا النزاع»، موضحاً أن «الوضع يتدهور يوماً بعد يوم، في إدلب والغوطة الشرقية بشكل خاص». وأضاف أن «إدلب تتحول اليوم إلى حلب جديدة»، بينما «تشهد الغوطة الشرقية حصاراً على غرار ما كان يحصل في القرون الوسطى». وطالب مجلس الأمن بـ«رد فعل قوي» يستجيب للتوصيات الخمس التي طلبها وكيل الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارك لوكوك، و«الموافقة على وقف فوري للنار في سوريا وإتاحة إيصال المساعدات الإنسانية بشكل كامل ومن دون معوقات إلى جميع المحتاجين». وقال إن «استقرار الوضع في إدلب والغوطة الشرقية يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من جهودنا لإعطاء دفعة لعملية سياسية تقودها الأمم المتحدة في سوريا»، داعياً إلى «تهيئة بيئة محايدة ضرورية للتوصل إلى حل سياسي»، لأنه «من دونها ومن دون استقرار حقيقي في إدلب والغوطة الشرقية، نعتقد أن التقدم السياسي محكوم بالفشل».