تقدّم التفاهم «القوّاتي» ـ «المستقبَلي» في اتّجاه الاتفاق على التعاون الانتخابي في دوائر رئيسة في الشمال وبيروت وجبل لبنان وربما الجنوب، وهذا التفاهم الذي يُفترض أن تظهر معالمُه خلال فترة قصيرة، يسير على إيقاع تشجيع سعودي، تحت عنوان استعادة تحالفات 14 آذار.
وتفيد المعلومات انّ اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري بالوزير ملحم رياشي دخل في بحث التفاصيل والترشيحات، من دون معرفة الصورة النهائية، خصوصاً أنّ تيار «المستقبل» ملتزم التحالف من جهة ثانية مع «التيار الوطني الحر»، ولهذا سيكون «المستقبل» موضعياً، في تحالفاته المسيحية، مع مراعاة مصالح «القوات اللبنانية»، و«التيار الوطني الحر» والنائب سليمان فرنجية، والصيَغ تتحدث عن سناريوهات عدة قابلة للتطبيق في اكثر من دائرة.
وكانت العلاقة بين «المستقبل» و«القوات» قد وصلت الى مستويات متدنّية من الحرارة العاطفية، إثر استقالة الحريري، حيث اتّهم «المستقبل» حزب «القوات»، بالمشاركة في مؤامرة الاستقالة، ووصل الأمر بالحريري الى الاعلان عن «بقّ البحصة»، قاصداً «القوات اللبنانية» واللواء أشرف ريفي والدكتور فارس سعيد والدكتور رضوان السيد وغيرهم من القوى.
وبناءً عليه لم يحصل ايُّ لقاء منذ العودة عن الاستقالة بين الحريري وجعجع، واقتصر الأمر على اتّهامات وردود، وعلى استمرارٍ في الحدّ الأدنى لقناة التواصل بين الوزيرَين ملحم رياشي وغطاس خوري، إلّا انّ الاجواء عادت تميل الى الإيجابية، ويُتوقع أن يحصل اختراق في اعلان التحالفات الموضعية في عدد مهم من الدوائر، وأن يتوَّج هذا المنحى الإيجابي بين الطرفين، بمشاركة جعجع في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط.
أما على خط «التيار الوطني الحر»، فالاتّصالات بينه وبين «القوات» مستمرة، ويمكن ايضاً أن تؤدّي الى ولادة تحالفات موضعيّة، في اكثر من دائرة يحتاج الطرفان الى التحالف فيها، خصوصاً في زحلة والأشرفية.
وتشير المعلومات الى انّ خلطة التحالفات الموضعية هذه، يحاول طابخوها تظهيرها على أنها صمّام لمرحلة ما بعد الانتخابات في اعتبارها تؤمّن استمراراً لسحب جزء من «التيار الوطني الوطني» من أحضان «حزب الله»، واستكمالاً لما قام به الوزير جبران باسيل الذي اطلق بمواقفه رسائل في اتّجاهات عدة داخلية وخارجية، كما أنها تعتبر مصلحة تبادلية بين هذه القوى، تسمح بالتعامل مع الدوائر الانتخابية كل على حدة تبعاً لموازين القوى.
الواضح انّ هذا التقدّم في الكلام عن التحالفات بين القوى المشاركة في الحكومة، يؤسّس لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، ولخريطة التوازنات الجديدة، وهو سيلجم أيَّ تفكير لدى «القوات» في تقديم استقالة وزرائها قبل فترة قصيرة من إجراء الانتخابات، كما أنه سيعيد احياء العلاقة بين «المستقبل» و«القوات» بعدما تعرّضت لكثير من الرضوض في المرحلة الماضية، وسيساهم بنيل البركة السعودية، علماً أنّ التواصل بين دوائر المملكة وكل من «القوات» و«المستقبل» لم يتوقف في أيّ لحظة.
في الجانب الآخر من 14 آذار، سيؤدّي هذا التسارع المتوقَّع في اعلان التحالفات الى تسارع آخر في العلاقة بين رافضي التسوية، وخصوصاً حزب الكتائب وريفي والنائب دوري شمعون، وثنائي سعيد والسيد، وهؤلاء ينتظرون المسار على الضفة الأُخرى ليحدّدوا الاتّجاه، فقبل اسابيع كانت القنوات قد فُتحت بين «القوات» وكل من النائب الجميل وريفي، لكنها عادت الى مربّعها الأول بعد أن تقدّمت «القوات» في مفاوضاتها مع «المستقبل»، واستمرّت في التفاوض مع «التيار الوطني الحر»، وتطرح القوى المعارضة للتسوية صيغاً عدة قد تؤدّي الى الإلتقاء في إطار واحد تُخاض عبره الانتخابات، بغض النظر عن طبيعة التحالفات والدوائر، واسماء المرشحين.