غرد أمس وزير المالية علي حسن خليل ليزفّ إلى اللبنانيين خبر توقيع وزارته على المرسوم المعلق منذ أسابيع للأقدميات والترقيات، واعتبر خليل أن التوقيع كان لمصلحة لبنان والمؤسسة العسكرية والجميع حسب تعبيره، وسلك المرسوم طريقه إلى بعبدا فوقعه اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتنتهي أزمة شغلت البلاد على مدى أسابيع هي أكثر سخافة مما انتهت إليه.
شغلت هذه القضية الرأي العام السياسي واللبناني على مدى أسابيع واعتُبر تخطّي توقيع وزير المال مُخالفة دستورية، في نظر عدد من القوى السياسية الممثلة في مجلس الوزراء،فيما رأى المدافعون عن المرسوم أنه لا يرتّب أيّ أعباء مالية، وبالتالي، لا حاجة إلى توقيع وزير المال.بيد أن القضية ليست دستورية وقانونية صرف.
تجاوزت القضية فيما بعد حيثياتها لتنقلب لاحقا إلى التوازنات الطائفية التي تحكم العمل السياسي في البلاد، إذ لم يوقع "الشيعة" على هذا المرسوم ولم تحصل الطائفة الشيعية على حقوقها المكتسبة في النظام الطائفي.
إقرا أيضا : مرسوم الأقدمية بعد تطريز توقيع وزير المال... البلطجة في أبهى صورها
على كل حال تجاوز اللبنانيون هذه الأزمة ونبارك للمستفيدين من المرسوم، إلا أن السؤال هل تنحصر حقوق الطائفة الشيعية في توقيع وزير المال على المراسيم؟ بالتأكيد لا . فوزير المال يعرف جيدا ومن وراءه أن حقوق أبناء الطائفة المهدورة وهي كحقوق أي مواطن لبناني ولأي طائفة انتمى هذه الحقوق تتعدى أي توقيع رسمي وتتعدى كل التسويات السياسية كونها حقوق طبيعية هي أدت وتؤدي إلى مزيد من الإنهيار المعيشي على كافة المستويات .
إن حقوق الطائفة الشيعية وكأي مواطن لبنان هي العيش الكريم ومعالجة الفقر والعوز، ومعالجة الإهمال والحرمان، ومعالجة قضايا التعليم والطبابة وأن لا يموت الناس والأطفال وكبار السن أمام عتبات المستشفيات وكذلك ضمان الشيخوخة، وأن التوقيع لن يقدم ولن يؤخر وما هو إلا محاصصة لضمان استمرار الزعامات وسلطتها على مقدرات ومصير الوطن بأكمله واستمرارها للمحسوبيات والحاشيات على حساب أي مواطن شيعي آخر.
إن المشكلة الأساسية التي تعاني منها الطائفة "أي طائفة" هي المحاصصة والتسويات التي تأتي على حسابها وحساب مواطنيتها وولائها للوطن وما زال الشيعي في لبنان في كل مناطقه محروما من أبسط الخدمات التي يحتاجها أي إنسان، بالله عليكم ماذا يستفيد الشيعي من منظومة التوقيع على المراسيم والقرارات وماذا يستفيد المسيحي من ذلك أو السني أو غيرهم؟
إقرأ أيضا : هل لديكم كرامة ؟
إن حقوق الطائفة أكبر من أي توقيع لا يسمن ولا يغن من جوع، إن حقوق الطائفة بتقصي شؤون الناس في قراهم ومنازلهم والنظر إلى حاجاتهم ومعالجة قضاياهم وشؤونهم الحياتية والمعيشية.
الرجاء أن يكون هؤلاء السياسيين على قدر من المسؤولية والواقعية وأن لا يلعبوا بعواطف الناس وببراءة الناس من خلال تكريس المنظومة الطائفية التي لم تؤد إلا إلى مزيد من الحرمان والفقر والعوز .