طالما أنّنا نعيش في عصر البلطجة (لن نضعها منذ الآن بين مزدوجين)، فقد تمّ "تطعيم" مرسوم أقدمية الضباط بمرسوم "ترقية"، كما يلجأ المهندسون الزراعيون إلى تطعيم شجرة بُطم برّية مثلاً بمطعوم إجّاص، حتى يرضى الجميع، ويا دار ما دخلك شرّ، ولا غالب ولا مغلوب.
إقرأ أيضًا: سامي الجّميّل... الخطاب اليساري من عرين اليمين في زمن اليسار المُحتضر
هكذا ذهبت أدراج الرياح كلّ التّبجحات و"العنتريات" التي ساقها رئيس الجمهورية وفريقه، ورئيس مجلس النواب وفريقه، كلٌّ على حدة، وبقدرة قادر، "يمرُّ" المرسوم من فوق مجلس النواب، الذي سبق له أن ردّهُ وأحالهُ على اللجان، وزالت تحفّظات رئيس المجلس النيابي بغضّ النظر عن توقيع وزير المال، وسقطت كل تأكيدات رئيس الجمهورية بأنّ المرسوم دستوري وقانوني وأصبح نافذاً، حتى لو لم يُنشر، ولا حاجة لتوقيع وزير المال، وسقطت دفوع الوزير السابق ألبير منصور باعتبار المرسوم مخالف لأنظمة الدفاع الوطني، كما أصبحت فتوى هيئة الاستشارات والقضايا في وزارة العدل والتي قضت بقانونية المرسوم بلا فائدة أو معنى. إلاّ أنّ المضحك المبكي دائماً، فهي "فذلكات" وزير العدل، والأصحّ أن يقال وزير العهد، والذي يُصرّ على لغة التّبجّح والتعالي، فيؤكد في حديث تلفزيوني بأن لا دمج للمرسوم أو تسوية سياسية، هكذا، كل ما حصل، وبلسان الوزير إياه، أنّه تمّت إعادة "صياغة المرسوم وقوننتُه" بعد توافق كلّ من رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، هكذا، أيها اللبنانيون المغفلون، إعادة الصياغة ليست دمجاً، وتوافق الرئيسين ليس تسوية سياسية.
إقرأ أيضًا: باسيل في منزلة بين المنزلتين ... بين السُّنية السياسية والشيعية السياسية
ما علينا.. مبارك للضباط، ومبارك لوزير المال توقيعه (توقيع طائفة بأُمّها وأبيها)، ومبارك لرئيس الجمهورية، ومبارك لرئيس المجلس النيابي، خاصّةً أنّه في هذه الأيام "همّه على قدّه" ،عليه أن يباشر إعداد توليفة لوائح انتخابات الثنائية الشيعية، بحيث لا يتسرّب منها أيّ نائب معارض أو مشاكس، أو طامح لشغل كرسي رئاسة المجلس، كان الله بعونه هذه الأيام، الانتخابات هي الجهاد الأكبر، والصراعات هي الجهاد الأصغر، أمّا اللبنانيين، فكان الله بعونهم دائماً، فالبلطجة مستمرّة، وآخر تجلّياتها مرسوم الأقدمية والترقية، بلطجة علنية بتخريجات فقهية لوزير العدل.