وقت تقفل صحف مكتوبة وينازع بعضها للبقاء على قيد الحياة، استطاعت "النهار"، على رغم الصعاب، حماية تاريخها العريق الذي يعود للعام 1933 حين أسّس جبران الجد الصرح العريق، وأكمل مسيرتها غسان الأب، وصولاً إلى جبران تويني "المشاكس"، الذي أقسم على بقاء لبنان موحّداً بين المسلمين والمسحين، في عبارة خلّدها التاريخ من عمر لبنان الحديث، وأكدت عليها رئيسة التحرير نايلة تويني "المغامرة"، المُستشرفة آفاق المستقبل، بدليل صياح ديك النهار كل يوم في وجه كل مَن يحاول تحطيم لبنان.
تحدّت الجريدة الأعرق واقعاً أليماً تعيشه الصحف الورقية، كما تحدّت الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها المؤسسات الاعلامية عموماً، من خلال نقلة نوعية بدأتها بتحديث موقعها الالكتروني، ليدخل بقوّة وثقة العالم الرقمي، مُقدّماً المادة التثقيفية والتعليمية والرياضية والفنية والسياسية إلى القرّاء اللبنانيين والعرب، ولكل فئات المجتمع من دون استثناء، من المراهق الباحث عن مادة ترفيهية، إلى المثقف والمتعمّق، محافظة رغم الالتحاق بالعالم الرقمي على الجريدة الورقية، وساعية دائماً إلى الإبقاء عليها رغم العواصف.
تجربة
أكثر من 200 شخصية ستخوض تجربة الكتابة على صفحات "النهار" في تحية خاصة للصحافة وتقديراً لدور كل صحافي، لتؤكد من خلال هذه التجربة المميزة أن المهنة ترفض الموت. فهي المتعة والشغف والحياة وصوت المواطن وصرخت الضمير الرافض للواقع الذي نعيشه. تحت سقف النهار سيجتمع الاقتصادي والفنان والسياسي والعامل والاعلامي والمواطن العادي والتاجر جميعهم سيكتبون ما يحلمون لوطنهم وما يفكرون به. وبحسب رئيسة تحرير النهار نايلة تويني "فإن "النهار" بيت كل مواطن... لا بدّ من وقفة موحّدة من أجل رؤية حقيقية للبنان أفضل. الأوطان حلمٌ صعبٌ، لكنّ بلوغه ليس مستحيلاً".
من كل المجالات
مبدعون ومثقفون ومتألقون في مجالاتهم سيحلمون عبر كلماتهم بلبنان المستقبل ولبنان الأمل والحلم، بعيداً عن اليأس الذي نعيشه، جميعهم يرفض موت الصحافة مؤكدين بأن المهنة ليست كما يظن البعض سهلة ومجرد كلمات تكتب في أسطر. بل هي الكلمة الحرة والمعلومة الدقيقة والرسالة الناجحة والمادة التي تعيد تركيز أولويات لبنان لبناء حضارة بلد يرفض الموت والبقاء شامخاً بجهود شبابه الحالمين وخبرات مبدعينه لبناء الوطن الحلم.
محمد شقير الصحافي
شخصيات عبّرت عن رفضها للواقع الذي نعيشه، مواطنون طالبوا بما هو الأفضل. اقتصاديون عبّروا عن رفضهم للضغوطات الاقتصادية. فرئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير. تحوّل في العدد الخاص الى صحافي ينقل الخبر عبر سطور في العدد الخاص. وبحماسة تحدث شقير عن تجربته رافضاً اعتبار الصحافة مهنة سهلة، "فهي مهنة المسؤولية والدقة والموضوعية والمصداقية ومهنة نقل الحدث للمواطن ونقل صرخة المواطن للمعنيين، هي المهنة الكلمة المقاومة الرافضة للموت". تميّز لبنان منذ عقود طويلة بالقلم الحر وكان سباقاً في العالم العربي بالموضوعية ومواجهة الطغات عبر كلماته وكان مركزاً للإعلام. ورغم الضغوطات والصعوبات التي تواجهها المهنة يرفض الكثيرون موت الصحافة لا بل يواجهون التحديات بعزيمة واصرار والتماشي مع المتغيرات الحديثة بواقعية ومثابرة ومغامرة".
السلطة
بدوره، يرى عميد الصناعيين "الصحافي" المشارك في العدد الخاص جاك الصراف، أن "الصحافة هي السلطة التي تصنع الوطن الذي نحلم به. ورغم ان الصحافة حاول البعض اضاعة هويتها بادخالها في عالم السياسة وسيطرة السياسيين على المنابر الاعلامية، إلا انها الصرخة في وجه الديكتاتوريات. ولأن الصحافة هي كلمة الحق في وجه السلطان استشهد من أجلها العديد من الأقلا م الحرة في وطننا. في محاولة من القتلة لاطفاء الشعلة إلا أنها بقيت مستمرة وها هي تجدد نفسها وتصارع التحديات الاقتصادية والاجتماعية".
البحث عن المتاعب
ومن الاقتصاد إلى الاعلام تنتظر السيدة مي شدياق العدد، فالصحافة بالنسبة لها مهنة البحث عن المتاعب لا مهنة كتابة السطور بلا مصدر أو مصداقية. المهنة قدمت شهداء لتبقى حرة بلا قيد أو شرط، وها هي اليوم تواجه تحدياً من نوع اخر عبر البقاء على قيد الحياة. وبثقة تحدثت شدياق عن "انتصار الصحافة على الصعوبات خصوصاً من أهل البيت ممن يروجون للأخبار الكاذبة وغير المدروسة. مؤكدةً بأن الصحافة بامكانها صناعة وطن ناجح ومتكامل".
كذلك يرى الاعلامي نيشان ديرهاروتيونيان أن العدد الخاص من النهار هو "نقلة نوعية واضاءة على ما نواجهه من صعوبات في مجالنا، وقد حان الوقت ان تقلب النهار صفحة الماضي وتواجه الصعوبات بمغامرة، وأن تشرق شمس النهار بعدد خاص يجمع جميع اللبنانيين". وما يميز العدد بحسب نيشان أن هناك حرية ليكتب "الصحافي" في هذا العدد ما يفكر فيه.
وبحسب نيشان، فإن الاخبار هي مسودة الأولى للتاريخ فإذا كانت اخبار ملفقة اذا تاريخ ملفق، ويمكن بناء حضارة كاملة تخاطب العقل والمنطق لا فقط اخبار القتل والغريزة او ما يعرف ما يطلبه المشاهدون.
من خلال الصحافة. وفي رأيه "هناك نوعان من الصحافيين الأول يكتب ما يهم الناس بينما الثاني يدير القارئ نحو الأفضل ويبني وطناً ناجحاً. فنحن بحاجة لدور تنويري و"تثويري" لمواجهة الواقع الذي وصلنا اليه" . ففي السابق كان الصحافي يخاطب الجمهور ولا يسمع ردود الافعال، أما اليوم فهو يواجه عنف مباشر من خلال القمع الحاصل والجمهور المتربص لأي تغريدة او مقال او حتى رأي وهنا التحدي الأكبر من خلال خلق ثقافة وعي لدى المجتمع".
تجربة سابقة
ومن الاعلام الى الفن رأت الممثلة ورد الخال أن التجربة الخاصة في مجال الصحافة ليست الأولى من نوعها لها فقد سبق أن كان لها تجربة خاصة في النهار ايام الراحل غسان تويني، اما اليوم في ظل المعركة التي تخوضها الصاحفة فالوضع مختلف فاليوم "نعبرعن أنفسنا وما نشعر به اتجاه وطننا. فالتجربة في العدد الخاص برئاسة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لها طعم خاص لنكتب عن تطلعنا لمستقبل لبنان".
توجيه الناس
رأي ورد توافق عليه زميلتها ماغي بو غصن والتي أعتبرت ان الاعلام هو المحرك للرأي العام وغياب دوره يعني غياب الوطن، فالمهنة مقدسة وتوجه الناس لما هو أفضل وتحاول إعادة بناء الوطن كما يحلم به ابناؤه ولنزرع الأمل في الوجدان لا زراعة اليأس والهجرة."
مهمة صعبة
اما الفنان مروان حمزة فرأى أن تجربة الصحافة ليوم واحد هو مهمة صعبة وشاقة وليست سهلة كما يظن البعض فالصحافي يضع دمه على كفه في كثير من الاحيان لنقل الحقيقة ويتعرض لتهديدات بالقتل والاعتقال والنفي خارج البلاد، فالمهنة هي فعلاً مهنة البحث عن المتاعب ومهنة الحقيقة التي يجب أن تبقى ساطعة في وجه الظلام.
أولويات
ومن الاعلام الى السياسة حيث يرعى الوزير السابق فادي عبود أن الدور الأساسي للاعلام في المجتمع إعادة تركيز أولويات لبنان وتنوير المجتمع، فلا يمكن أن يبقى اللبناني مقتنع بالاحتكار الاقتصادي والقبول بأنه مجرد مستهلك حيث أصبح عقل اللبناني مبرمج للاحتكار والقبول بما يفرض عليه لا الرفض. فعلى سبيل المثال يقتنع المواطن باحتكار قطاع الخليوي وقطاع الكهرباء، مضيفاً أن دور الاعلام هنا تثقيف المواطن لما هو افضل لمستقبل بلده ومستقبل اولاده بعيداً عن الطريقة التي تصل بها المعلومة فالأهم هي قراءة الحدث عبر صحافيين يستطيعون قلب الرأي العام.
نقلة نوعية
مؤسس مؤتمر arab net عمر كريستيدس يأمل بأن تكون فكرة الكل في جريدة نقلة نوعية في الصحافة الورقية والاضاءة على التحديات التي تواجه الورق من صعوبات اقتصادية ومهنية. وعن تجربته في الكتابة رأى عمر أن المهمة صعبة وليست بالسهلة فلعب دور صحافي في جريدة كالنهار وعدد خاص لها رسالة قوية بأننا جميعاً معنيين بلعب دور أكبر لعدم موت المهنة.
وحتى صدور العدد الخاص تنتظر أكثر من 200 شخصية ردود الأفعال على الخطوة المميزة، متحدّين الظروف الاقتصادية رفضاً لموت مهنة كانت السباقة في صناعة الاوطان والاحداث لا ناقلة للحدث.