هل يكون الصراع على الغاز والنفط في البحر المتوسط هو عنوان الحرب القادمة بين لبنان حزب الله من جهة؛ والكيان الصهيوني من جهة أخرى؟ هذا السؤال طرح بقوة في بيروت في الأيام القليلة الماضية بعد التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الصهيوني أفيغدور ليبرمان بشأن "البلوك 9" للغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، والتي اعتبر فيها أن هذا البلوك يقع ضمن السيطرة الإسرائيلية. وقد هدد ليبرمان الشركات التي ستبدأ بالتنقيب عن الغاز والنفط في هذا البلوك؛ بأنها ستواجه معارضة إسرائيلية.
ويعود تاريخ "البلوك 9" إلى العام 2009، حين اكتشفت الشركة الأمريكية "نوبل للطاقة" كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، الذي تبلغ مساحته 83 ألف كم مربع، في منطقة المياه الإقليمية لكل من سوريا ولبنان وقبرص وفلسطين المحتلة.
وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، أطلقت الحكومة اللبنانية أول جولة تراخيص للنفط والغاز، بعدما تقرر فتح خمسة بلوكات بحرية، (وهي 1 و4 و8 و9 و10)، للمنافسة أمام المستثمرين بطريقة المناقصة لتقديم عروضهم، ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد.
السؤال طرح بقوة في بيروت في الأيام الماضية بعد التصريحات التي أطلقها وزير الدفاع الصهيوني أفيغدور ليبرمان بشأن "البلوك 9" للغاز في المياه الإقليمية اللبنانية
وأعلنت هيئة إدارة قطاع البترول اللبنانية أنه من المتوقع أن يتم التوقيع رسميا على العقود في التاسع من شباط/ فبراير الجاري، وهو ما يسمح ببدء أعمال التنقيب.
وفي كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، أقرت الحكومة اللبنانية منح رخصتين للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9 من حصة لبنان في البحر المتوسط، للشركات "توتال" الفرنسية و"إيني" الإيطالية و"نوفاتك" الروسية على أن تشمل المناطق (البلوكات) التالية:
- بلوك 4 بعمق يتراوح بين 686 و1845م تحت سطح البحر (شمالا).
- بلوك 9 بعمق يتراوح بين 1211 و1909م تحت سطح البحر (جنوبا).
وطرح لبنان مناقصة عامة أمام الشركات العالمية للاستثمار في البلوك 9، ما أثار غضب الكيان الصهيوني، بسبب حساسية موقع هذا البلوك الذي يحاذي حدود المياه الإقليمية لفلسطين المحتلة، وخاصة أن بيروت تخوض نزاعا مع تل أبيب لم يُحل حتى الآن حول منطقة في البحر تبلغ مساحتها نحو 860 كيلومترا مربعا، تمتد بمحاذاة ثلاث من مناطق الامتياز، إحداها "البلوك 9".
وقد رد المسؤولون اللبنانيون وكل القوى الحزبية والسياسية على تهديدات المسؤولين الصهاينة حول البلوك التاسع وأكدوا "أحقية لبنان في هذا البلوك واللجوء إلى كل الخيارات للدفاع عن حقوق اللبنانيين في النفط والغاز".
وكان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، قد أعلن وقوف الحزب إلى جانب الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.
رد المسؤولون اللبنانيون وكل القوى الحزبية والسياسية على تهديدات المسؤولين الصهاينة حول البلوك التاسع
وتزامنت التهديدات الإسرائيلية للبنان بشأن استخراج النفط والغاز من البلوك التاسع، مع نشر مقال للكاتب الأمريكي توماس فريدمان في جريدة "نيويورك تايمز" الأمريكية بعنوان: "لماذا قد تكون 2018 عام الحرب بين إسرائيل وإيران؟"، أشار فيه إلى احتمال اندلاع المواجهة بين الكيان الصهيوني وحزب الله وإيران في العام الحالي، لأسباب متعددة، وخصوصا التطورات في سوريا وتعاظم قدرات الحزب وإيران.
ومع أن فيردمان قد اعتبر أن "الحرب ليست حتمية، فعلى مدى الـ12 عاما الماضية، أدار الإسرائيليون والإيرانيون وحزب الله ما أسماه ضابط إسرائيلي "حوارا حركيا"، يقوم فيه كل طرف باحتواء النزاع، لا إهانة الطرف الآخر. وعندما قتلت إسرائيل في كانون الثاني/ يناير 2015 جنرالا إيرانيا وعددا من مقاتلي حزب الله في سوريا، فإن الحزب رد بإطلاق صاروخ على عربة إسرائيلية قرب الحدود وقتل جنديين، وكان هذا أكبر تصعيد منذ عام 2006".
فريدمان: "إسرائيل وحزب الله وإيران أقوى اليوم من عام 2006، وكلهم سيخسرون في حرب الصواريخ، حيث أصبح لدى إسرائيل وادي سيلكون"
ويقول فريدمان: "إسرائيل قررت بعد تفكير طويل ألا تنتقم، فقد وصلت رسالة حزب الله وإيران، وهذا هو الحوار الحركي، لكن إلى متى سيظل؟".
ويذهب الكاتب إلى أن "إسرائيل وحزب الله وإيران أقوى اليوم من عام 2006، وكلهم سيخسرون في حرب الصواريخ، حيث أصبح لدى إسرائيل وادي سيلكون؛ يضم شركات تقنية عملاقة على الشاطئ، ويعد آلة نمو. أما حزب الله وإيران فيسيطران على الدولتين اللبنانية والسورية، ولا أحد يريد الخسارة مرة ثانية".
ويختم فريدمان مقاله بالقول: "ربما كان هذا مصدرا للتفاؤل، لكن للأسف، فإن هناك العديد من الفرص تتم فيها إساءة التقدير في مباراة الشطرنج ذات الأبعاد الثلاثة، حيث ستكون الأعوام الـ12 المقبلة كالتي سبقتها تماما".
على ضوء كل ذلك، وفي ظل التطورات المتسارعة في لبنان والمنطقة والتحضيرات الأمريكية - الصهيونية لإطلاق ما سمي "صفقة القرن"، لإنهاء القضية الفلسطينية. ومع تزايد التوترات في فلسطين المحتلة، وإعلان السيد نصر الله دعم قوى المقاومة في فلسطين في مواجهة الخطط الأمريكية والصهيونية، يعود السؤال بقوة: هل يكون النفط والغاز عنوان الحرب المقبلة؟ الجواب لدى جميع المعنيين بملف الصراع مع العدو الصهيوني، وكل الاحتمالات ورادة.