تقدّم خطر الاحتكاك اللبناني - الإسرائيلي على خلفية اقدام إسرائيل فعلياً على الشروع في بناء الجدار الاسمنتي ضمن الأراضي اللبنانية، في خرق مفضوح للقرار 1701، في وقت يحضر نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد لزيارة وزير خارجية بلاده ريكس تيلرسون إلى بيروت الخميس المقبل، ضمن جولة شرق أوسطية.
على ان المثير للاهتمام كان مسارعة القضاء اللبناني لتلقف دعوى عادية، قدّمت بوجه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، ليضعها بعد أقل من أسبوع، على جدول التحقيقات، من دون الأخذ بعين الاعتبار التداعيات السياسية لمثل هذه الخطوة، ولمصلحة مَن إفتعال أزمة جديدة مع المملكة العربية السعودية؟
وبالتزامن، وفي الوقت الذي كان مجلس الدفاع الأعلى يعطي أوامره لمنع إسرائيل من بناء الجدار الاسمنتي، من زاوية انه «اعتداء على الأراضي اللبنانية» دعت إسرائيل، على لسان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاتيز إلى التفاوض عبر الوسيط الأميركي لمعالجة النزاع دبلوماسياً.
ومع التقدم في لملمة خلافات الأسابيع الماضية، وقع ليل أمس الرئيس سعد الحريري المرسوم الواحد للاقدميات والترقيات لمصلحة لبنان والمؤسسة العسكرية، بعد ان كان وقعه الوزراء يعقوب الصرّاف والداخلية نهاد المشنوق والمال علي حسن خليل، على ان يوقعه الرئيس ميشال عون اليوم، وينشر في الجريدة الرسمية، ليأخذ طريقه إلى التنفيذ.
لا غالب ولا مغلوب
وفيما لم يرصد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد أمس في بعبدا، أي سلام أو كلام أو غيره بين الوزيرين جبران باسيل وخليل، رغم انهما كانا متجاورين في المقاعد، فإن الاجتماع الذي انعقد في أعقاب اجتماع مجلس الدفاع، والذي جمع الرئيس الحريري ووزراء العدل سليم جريصاتي والدفاع الصرّاف والمال خليل والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في قاعة مجلس الوزراء، جاء لترجمة التوافق بين الرؤساء الثلاثة حول معالجة مرسوم الاقدمية لضباط دورة العام 1994.
وأمكن في هذا الاجتماع حل أزمة مرسوم الضباط على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، ووفق الاقتراح التسوية الذي سبق واقترحه الرئيس نبيه برّي، بدمج مرسوم الترقيات مع مرسوم الاقدمية، علماً ان 9 من الضباط الواردة اسماؤهم في مرسوم الاقدمية موجودون في مرسوم الترقيات.
واستناداً إلى هذا الحل، فقد اعد مرسوم جوال واحد للاقدمية والترقيات وقعه وزراء الداخلية والدفاع والمالية ومن ثم الرئيس الحريري، على ان يوقعه اليوم الرئيس عون بحسب ما علمت «اللواء».
وفيما أعلن خليل انه وقع المرسوم الجديد لمصلحة لبنان ومؤسسته العسكرية ولمصلحة الجميع، أوضح الوزير جريصاتي ان أزمة مرسوم الضباط كانت الملف الأوّل الذي اتفق عليه في اجتماع بعبدا بين الرؤساء الثلاثة، وهو نص على «عطف» مراسيم الترقيات على مرسوم الاقدمية الذي سيبقى ساري المفعول، نافياً ان تكون هناك عملية دمج أو تسوية سياسية لمرسوم الاقدمية بل إعادة صياغة وقوننة.
واوضحت مصادر رسمية مسؤولة ان مرسوم الترقيات الذي تم التوقيع عليه تضمن في حيثياته اشارة الى مرسوم الاقدمية، ولم يكن دمجاً للمرسومين بالمعنى الحرفي للكلمة، وبذلك تكون قد طويت صفحة الخلاف بين الرؤساء لتبقى عالقة مشكلة الخلاف بين حركة امل وبين التيار الوطني الحر بعد كلام الوزير باسيل بحق الرئيس بري.
وقالت المصادر ان المشكلة لو بقيت عالقة فلن تشكل ازمة خطيرة تعرقل عمل المؤسسات الدستورية لأنه مشكل بين تيارين سياسيين سبق وشهد لبنان مثله كثيراً بين قيادات وقامات وزعامات سياسية كبيرة عبر تاريخه السياسي واستخدمت فيه عبارات نابية او قاسية ولكنها لم تنعكس سلبا على عمل المؤسسات الدستورية.وهوما يفسر الاتفاق بين الرؤساء الثلاثة قبل يومين على انعقاد مجلس الوزراء اليوم لمناقشة جدول اعمال من 93 بندا فيه العديد من المواضيع المهمة والعادية.
مجلس الدفاع
اما بالنسبة لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع، فهو قرّر الاستمرار في التحرّك على مختلف المستويات الإقليمية والدولية للمحافظة على حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة بمساحة تبلغ 860 كلم2، لاسيما في ما خص الرقعة رقم 9 في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية» وأعطى المجلس توجيهاته للتصدي لهذا التعدي من قبل اسرائيل «لمنعها من بناء ما يسمى الجدار الفاصل على الأراضي اللبنانية»، معتبرا تشييده قبالة الحدود الجنوبية وضمن الأراضي اللبنانية، «اعتداء منها على لبنان سيكون بمثابة خرق واضح للقرار 1701». كما قرر المجلس «رفض التصريحات والادعاءات الاسرائيلية المتعلقة بالثروة النفطية والغازية في المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية اللبنانية».
وفي المعلومات، ان الرئيس عون استهل الاجتماع بالاشارة إلى أهمية انعقاد المجلس في ضوء التطورات الحاصلة، سواء على الأرض بالنسبة للجدار أو بالنسبة للموقف الإسرائيلي من الثروة النفطية اللبنانية، ثم قدم مُنسّق الحكومة لدى القوات الدولية «اليونيفل» العميد الركن مالك شمص عرضا للاجتماعات العسكرية الثلاثية اللبنانية - الدولية -الإسرائيلية في الناقورة حيث أكد لبنان في خلالها موقفه الثابت في موضوع بناء الجدار الاسمنتي في المناطق المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل وهذا الموقف يرفض أي إنشاءات على أي جزء من الأراضي اللبنانية .وهو أبلغ إلى الجانب الإسرائيلي في هذه الاجتماعات من خلال قائد القوات الدولية الذي ترأسها.
كما قدم أن المعاون العملاني في قطاع جنوب الليطاني العميد الركن جورج يوسف عرضا تاريخيا عن الخط الأزرق والنقاط المتنازع عليها وأشار إلى أن لبنان يتحفظ على 13 نقطة ولان مساحة الاراضي التي خسرها لبنان نتيجة هذا الخط تبلغ 485 ألف متر مربع تمتد من الناقورة إلى حدود مزارع شبعا.
وعرض لمواصفات الجدار وان المعطيات حتى الساعة تدل على أن إسرائيل ماضية في بنائه. 
واعتبر الرئيس عون في مداخلة له أن كل ما تبنيه إسرائيل على أرض متنازع عليها على الحدود الجنوبية يعتبر اعتداء على الأرض اللبنانية ككل ولا يمكن القبول به أو تبربره ومن حق لبنان العمل بكل الوسائل المتاحة لاستعادة كل شبر من أرضه المحتلة . أما الرئيس الحريري فقال إن لبنان ليس بوارد أن يتخلى عن أي جزء من أرضه وبناء إسرائيل لهذا الجدار هو اعتداء واضح على لبنان الذي سيواجهه بالطرق المناسبة مشيرا إلى الاتصالات مع الدول الفاعلة التي من شأنها أن تعمد إلى ممارسة الضغط الدولي على إسرائيل.
وعلم ان إجراءات ستتخذها قيادة الجيش لمواجهة كل الاحتمالات على الأرض، لكن لن يعلن عنها وستبقى سرية.
وفي موضوع البلوك 9، أفادت المصادر ان الرئيس عون أكّد أنه يقع ضمن المياه البحرية اللبنانية وهو جزء من ثروتنا الوطنية وسيادتنا وان التهديدات الإسرائيلية مرفوضة. وهذه حالة عدائية. المياه جزء من الأراضي اللبنانية والسيادة عليها واحدة فكما هي واحدة على أرض كذلك على المياه.
 ولفت إلى اتصالات تجري عبر القنوات الديبلوماسية من أجل معالجة الموضوع بالتزامن مع جهوزية لبنان لمواجهة اي عدوان على أرضه. 
وجرى نقاش حول الإجراءات الواجب اتخاذها والتي تعرض على مجلس الوزراء اليوم. 
لقاءات ساترفيلد
وإلى ذلك، كشفت المصادر المطلعة، ان الاتصالات الديبلوماسية، تجري اساسا مع الجانب الأميركي، عبر نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية السفير دافيد ساترفيلد الذي يقوم حاليا بزيارة للبنان تمهيدا للزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون في 15 شباط الحالي ضمن جولة في المنطقة، تشمل إلى بيروت كلا من القاهرة وعمان وانقرة.
وزار ساترفيلد أمس الرئيس برّي في حضور السفيرة الأميركية في لبنان اليزابيث ريتشارد. وتم عرض للتطورات الراهنة في لبنان والمنطقة، وتحديدا ما يتعلق بالحدود البرية وبناء الجدار الفاصل، ومحاولة اسرائيل وضع اليد على الثروات النفطية في بلوك رقم 9 ، حيث اكد بري تمسك لبنان بثرواته الطبيعية، ورفض اي تعد على النقاط المختلف عليها عند الحدود، وتخوف من اندراج اي اعتداء في البر على البحر.
في حين بقي ساترفيلد متكتماً عن أي تصريح، تحدثت المعلومات ان مهمة الموفد الأميركي تتركز على التوصّل لحل المشكلات العالقة حاليا مع إسرائيل على الحدود اللبنانية برا وبحرا، وهو اسمع وزير الخارجية جبران باسيل الذي التقاه ايضا قبل ان يلتقي رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، استعدادا لوساطة أميركية لدى إسرائيل بما يتعلق بموضوع الجدار والبلوك 9.
وأكدت المصادر ان الجانب الأميركي لم يطلب من الجانب اللبناني عدم البدء بالعمل بالاستكشاف في البلوك المذكور، لافتا النظر إلى استعداد تل أبيب لقبول أي وساطة مع لبنان حول حدود مياهه الاقتصادية، بحسب ما أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي.
وشدّد الجانب اللبناني على ان مسألة الحدود البحرية مرتبطة بالحدود البرية التاريخية بين لبنان وفلسطين المحتلة، مما يبقى البلوك 9 داخل المياه الإقليمية اللبنانية، وانه من هذه الزاوية يتم التشديد على ضرورة إزالة النقاط الـ13التي يتحفظ عليها لبنان على الخط الأزرق، مؤكدا على ان الموقف اللبناني موحد تجاه التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية اكان بالنسبة للجدار أو بالنسبة للنفط والغاز، بحسب ما أشار الرئيس بري لنواب الأربعاء.
واليوم، يضع ساترفيلد اكليلا من الزهر على ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسط بيروت.
أزمة جديدة
وفي خطوة من شأنها ان تعيد تأزيم العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وفي قرار يحمل أكثر من علامة استفهام بتوقيته، قرّر قاضي التحقيق الأوّل في بيروت غسّان عويدات قبول الشكوى المقدمة من أحد الأشخاص، بوكالة المحامي حسن بزي، بوجه وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان، بجرم إثارة النعرات الطائفية وحضّ اللبنانيين على القتال في ما بينهم.
وفي المعلومات التي جرى الكشف عنها ان الدعوة التي قدمت بتاريخ 31ك2 لم يمضِ عليها أسبوع، لاقت قبولا من قاضي التحقيق على ان يُحدّد موعد لاستدعاء الوزير السبهان واستجوابه في مضمون الدعوى.
وفي خطوة تضامنية مع السبهان، أكد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة «أن على الدولة اللبنانية ان تكف عن استهداف الدول ومسؤوليها وان يوجه التهم و يقبل الشكوى ضد من يمارس الارهاب ويخرّج الإرهابيين من مدرسته في بيروت». مضيفاًَ: «كلنا ثامر السبهان».
وقال ابن أحمد في تغريدة عبر حسابه الرسمي على موقع التدوين المصغر تويتر، امس الأربعاء: «على القضاء اللبناني أن يوجه التهم ويقبل الشكوى ضد من يمارس الاٍرهاب ويخرّج الإرهابيين من مدرسته في بيروت».
وطالب وزير الخارجية البحريني، لبنان بأن يكف عن استهداف الدول ومسؤوليها، كما أرفق تغريدته بهاشتاج كان قد انتشر مؤخرًا «كلنا ثامر السبهان».
على القضاء اللبناني أن يوجه التهم ويقبل الشكوى ضد من يمارس الاٍرهاب ويخرّج الإرهابيين من مدرسته في بيروت، وأن يكف عن استهداف الدول ومسؤوليها #كلنا_ثامر_السبهان.
وعاد الوزير السبهان، بعد غيبة من 27 كانون الأوّل 2017، إلى التغريد عبر «تويتر» فقال: وأنا التاركون إذا سخطنا وأنا الآخذون إذا رضينا وأنا العاصمون إذا اطعنا وأنا العازمون إذا عصينا ونشرب ان وردنا الماء صفو أو يشرب غيرنا كدراً وطيناً».
فمن قصد السبهان في كلامه بعد طول غياب؟
وتساءلت الأوساط السياسية عن سر التوقيت المشبوه، بفتح الأزمة وقالت لمصلحة من إثارة مشكلة جديدة في وجه العلاقات اللبنانية- السعودية وعشية التحضيرات الجارية للقمة العربية، التي تعقد في الرياض، ويشارك فيها لبنان.