استخدمت الإذاعة العامة الأميركية "إن بي آر" تعبير "تساؤلات حول الصحة الاقتصادية للبلاد" في تحليلها لحملة مكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية.
واستهلت "إن بي آر" تقريرها بقول مقدم التقرير، آري شابيرو، إن حملة مكافحة الفساد الأخيرة في المملكة أسفرت عن حصول السعودية على 106 مليار دولار، ووضعت نخبة المملكة من الأمراء والمسؤولين في الفندق الفاخر"ريتز كارلتون"، لكنها تطرح تساؤلات حول ما حققته الحكومة من تلك الحملة، وهل كانت فعليا بحاجة لتلك الأموال.
وتحدثت هنا، جاكي نورثام، مراسلة الإذاعة العامة الأميركية المتخصصة في السياسة الخارجية وعملت مراسلة في السعودية وأفغانستان، أن قصص الفساد المستوطن في السعودية "أسطورية" فالحديث يدور دوما عن مليارات مهدرة، وكان ينبغي من تحرك عاجل من السلطات.
وانتقلت الإذاعة للحديث مع جان فرانسوا سيزنيك، الخبير في مجلس "أتلانتيك" للعلاقات الدولية المتخصص في شؤون دول الخليج، الذي قال إن العقود الحكومية الكبرى كانت تتضخم بشكل روتيني بحيث تتضاعف قيمتها مرتين أو ثلاث مرات، بسبب تقاسم الأمور ما بين المسؤولين الحكوميين الفاسدين ورجال الأعمال، وربما أعضاء في العائلة المالكة.
وتابع: "تجد هذا متجليا في الصفقات الأمنية، فمن التقليدي أن يحصل أمراء على نصيبهم من تلك الصفقات، حتى يتم تمريرها، لكن هذا توقف حاليا".
العلاج بالصدمة
"سياسة العلاج بالصدمة"، هذا ما تطرق له، علي الشهابي، رئيس مؤسسة العربية الذي يقدم استشارات للحكومة السعودية، لمعالجة حجم "الفساد الهائل"، الذي كان يستنزف ميزانية السعودية، وكانت المملكة بحاجة إلى تغيير طريقة عملها في هذا الشأن.
وقال الشهابي: "للقيام بذلك الأمر، كانت المملكة بحاجة إلى شكل من أشكال العلاج بالصدمة". وأردف: "لقد كان اتخاذ إجراء قانوني كامل مفصل مع 300 من نخبة المملكة، يمكن أن يستغرق سنوات طويلة، وستظل خلالها أمور المملكة معلقة، لكن تلك الطريقة كفلت معالجة سريعة وناجزة للأزمة".
خطة سرية
أما حول مدى حاجة المملكة إلى الأموال المستخلصة من نخبة "الريتز كارلتون"، قالت راشيل زيمبا، التي تعمل مستشارة لعدد من رجال الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، إن مبلغ الـ100 مليار دولار المستخلصة ستشكل دعما كبيراً لمملكة.
وأضافت: "السؤال الكبير الذي يطرحه الناس بشأن تلك الحملة، هل السعودية بحاجة إلى ذلك المال على وجه السرعة، خاصة وأن المملكة تمتلك نحو 500 مليار دولار من الاحتياطيات النقدية والأصول النفطية".
واستطردت: "لكن الاقتصاد السعودي يتراجع قليلا، خلال السنوات السابقة، بسبب هبوط أسعار النفط، ما يدفعها إلى حرق 10 مليارات دولار شهريا من احتياطياتها".
وقال: "تحليلي، أنهم ليس بحاجة قوية إلى هذا المال في المدى القريب، لكنهم بحاجة إلى تلك الأموال على المدى الطويل، ما يمكن وصفها بالخطة السرية، التي أدركت السلطات السعودية وولي العهد السعودي يحتاجون إلى المزيد كي يتمكنوا من الاستمرار في إدارة البلاد بالصورة المعتادة".
أما بشأن خوف المستثمرين من عدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة والشفافية المطلوبة في عملية "الريتز"، قال الشهابي: "الخوف لن يدوم طويلا".
وتطرق الشهابي إلى أنه "ينبغي على الحكومة السعودية حاليا أن ترسم خطا أحمر بعد نهاية عملية الريتز، حتى تكون بمثابة جرس إنذار لكل من يحاول القيام بمثل تلك الأفعال، وحتى ينظر الجميع إلى ذلك بأنه كان مجرد حدث استثنائي لا يمكن أن يتكرر، وأن الجميع وضع الماضي من ورائه".
واختتمت "إن بي آر" تقريرها قائلة: "يبدو أن تلك هي الرسالة التي سيحملها ولي العهد، خلال زيارته المرتقبة إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، في الأسابيع القليلة المقبلة".