هذا المقال موجه للسياسيين وأهل الحكم في لبنان لأخذ عبرة من بلد اوروبي عدد سكانه يوازي عدد سكان لبنان، واكتشف النفط في بحره نسبيًا متأخرًا عن باقي الدول، واليوم يمتلك "أكبر صندوق سيادي في العالم" وعائدات هذا الصندوق تضمن الإكتفاء الذاتي لشعبه مدى الحياة، حتى لو بعد نضوب نفطه بالكامل ،واحببت تدعيم رؤيتي بفيلم قصير عن وزارة "المالية والعدل" في النرويج التي تمتلك كل الثروات بالنيابة عن الشعب، وتقوم بادارة المال العام بشفافية مطلقة.
لو يعي أهل السياسة في لبنان والقيمين على الحكم "الفاسد" لتلك الفرصة الذهبية في احتياطي الغاز اللبناني المرتقب، لاستطعنا بظرف سنوات قليلة لم تتعد اصابع اليد بسد الدين العام، وتدعيم الاقتصاد اللبناني، وخلق فرص عمل لابنائنا، وجذب العقول اللبنانية المهاجرة للاستفادة منها لانها خلاقة ومبدعة ومبتكرة ،والسعي لتأسيس صندوق سيادي لبناني بدعم مصرف لبنان وادارة وحكمة حاكم مصرف لبنان ،وتحويل الدين العام المقسم على كل فرد في هذا البلد الى باقة استثمارية تتضمن الحياة الرغيدة لكل افراد المجتمع .
النرويج هي الدولة الوحيدة من دول اوروبا الغربية التي تنتج وتصدّر البترول وفقا للتقرير الصادر من ادارة معلومات الطاقة الأمريكية EIA بتاريخ 5 / 8 / 2011 بعنوان: Norway Country Analysis فأن النرويج تمد الدول الأوروبية المتقدمة بمقدار 12% ممّا تحتاجه من البترول وبمقدار 18% ممّا تحتاجه من الغاز الطبيعي.
أسست الدولة صندوقاً سيادياً أصبح اليوم الأكبر في العالم.وتعود نشأة الصندوق النرويجي إلى ستينيات القرن الماضي، عندما رأت الحكومة النرويجية ضرورة إدارة العائدات النفطية بكفاءة وحكمة.
إقرأ أيضًا: سامي الجّميّل... الخطاب اليساري من عرين اليمين في زمن اليسار المُحتضر
وبعد الطفرة التي عاشتها البلاد، بات الهدف هو المحافظة على مستويات النموّ وتحصين الاقتصاد في المستقبل، فكان تأسيس صندوق النفط عام 1990 لدعم الإقتصاد على المدى الطويل، عندما تشّح الإيرادات النفطية، وفي عام 1996، جرى أوّل تحويل مالي إلى الصندوق، ثمّ في عام 2006 تمّ تغيير إسمه ليصبح الصندوق التقاعدي الحكومي النرويجي.
وتقوم وحدة الاستثمار في المركزي النرويجي، بإدارة الصندوق نيابة عن وزارة المالية، التي تمتلكه باسم الشعب.واليوم، يبلغ عدد سكان النرويج نحو 5.5 مليون نسمة، ما يعني أن ثروة كلّ مواطن تصل إلى نحو مليون كرونة! ولتفادي آثار تقلبات النفط على اقتصاد البلاد، يركز الصندوق استثماراته في الخارج، في نحو تسعة آلاف شركة تعمل في قطاعات مختلفة، في 75 دولة، حيث ترتكز 40% من استثماراته في أميركا الشمالية، و38% في أوروبا، و18% في آسيا وأوقيانيا، و4% في باقي دول العالم. وتشكّل 1.3% من الشركات المدرجة عالمياً، و2.4% من الشركات المدرجة في أوروبا.
ينوّع البنك باقته الاستثمارية، فيستثمر في ثلاث فئات من الأصول: 60% في الأسهم و35% في السندات و5% في العقارات، وذلك لتحصيل أعلى عائد ممكن، ضمن الأطر المحددة من وزارة المالية.
وأحد المبادئ الأساسية للسياسة المالية النرويجية، هو ما تسمى بقاعدة الميزانية، حيث لا يسمح للإنفاق الحكومي بتخطي سقف العائدات الحقيقية المتوقعة للصندوق، والتي تقدّر عادة بنحو 4%.
وسجّل الصندوق عائدات سنوية بين عامي 1998 و2015، بنحو 5.8%، قبل احتساب التضخم و تكاليف إدارته.
وقد تصدّر الصندوق السيادي النرويجي مؤشر لينابورج مادويل للشفافية، الذي يقيس شفافية الصناديق السيادية العالمية، حيث حصل على كامل النقاط العشر على سلم المؤشر.
إقرأ أيضًا: فلسطين ضاعــــت وأنتم نيــــام ومات الضمير وحل الســـــلام
الموضوع في لبنان بحاجة الى وقفة عز من كل ابناء شعبه العقلاء ،لوقف تلك النزيف المدمر وعلى كل وزير ان يقتنع بانه موظف حكومي من جهة ،ومن جهة اخرى يتعامل مع وزارته على أنها شركة لديها ميزانية، وهو بمثابة مدير تنفيذي لتلك الشركة يقوم باداة الكادر المتخصص التابع لها وأن تحقق في نهاية العام ارباح تحول الى الصندوق "السيادي اللبناني" الذي بدوره يقوم باستثماره الآمن في عدة مجالات لتفادي الخسائر وضمان عدم الاهتزاز أمام أي ضربة مالية عالمية.
على رئيس الحكومة الشيخ "سعد الحريري" ان يكون "رئيس مجلس ادارة لشركة قابضة" وتكون كل الوزارات بمثابة "شركات شقيقة" والوزارء هم "مدراء تنفيذيين" تابعين للشركة الأم أي "الحكومة" ولرئيس مجلس الإدارة أي "رئيس الحكومة" وعلى كل مدير تنفيذي ان يقوم بادارة "شركته / وزارته" بأمانة ويكون لديه الخبرة والشهادات التي تؤهله لذلك وأن يكون في المكان المناسب طبقًا لوظيفة الوزارة التي يشغلها وأن لا تحكم الطائفية القذرة والمذهبية الحقيرة اختيار "مدراء/وزراء"من غير اهل الاختصاص.
الرؤية هي ان نتعامل مع ادارة "المال العام" كما نتعامل مع ادارة "المال الخاص" وأن يقتنع كل وزير انه موظف دولة ،يتلقى راتبه ومخصصاته من "الدولة / الشركة الام"، وأن يقوم بعمله بشجاعة ونزاهة لإيصال "وزارته / شركته" الى أعلى المراتب والانجازات وعلينا ان نتذكر دائمًا نحن اللبنانيين حاملين الجينات الفينيقية "فينا قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ" ولدينا القدرة من تحويل "الغضب والذل الى فرحة وعز" وأن الامل والطاقة الايجابية موجودة في داخلنا للتغيير لأن الحياة "صراع من أجل تحقيق الافضل".