على وقع الاتهامات الدولية المتصاعدة لدمشق باستخدام السلاح الكيماوي في هجمات عدة، شهدت الساعات الأخيرة تصعيداً لغارات النظام السوري على الغوطة الشرقية أدى إلى مقتل 47 شخصاً على الأقل، في حصيلة هي الأعلى للضحايا في يوم واحد منذ بدء التصعيد قبل نحو 45 يوماً، ما أحبط مساعٍ دولية للتوصل إلى «هدنة إنسانية» في البلاد. وفيما أعلنت روسيا وإيران سعيهما إلى «تطوير» صيغة محادثات آستانة للتسوية، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الولايات المتحدة بالعمل «ضد مصالح تركيا وإيران، وربما روسيا» في شمال سورية.
ووّجه تصعيد قصف القوات النظامية السورية على الغوطة، إضافة إلى استهداف إدلب، ضربة الى دعوة ممثلي منظمات الأمم المتحدة العاملة في سورية إلى «وقفٍ فوري للأعمال العدائية لشهر على الأقلّ في أنحاء البلاد من أجل السماح بإيصال المساعدات الإنسانية، وإجلاء الحالات الحرجة».
في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الروسية تعرض مبنى ملحقيتها التجارية في دمشق إلى «قصف نفذته الجماعات المسلحة» لم يؤدّ إلى سقوط إصابات، فيما قتل 5 أشخاص بقذائف سقطت على أحياء في العاصمة، حسب وكالة أنباء «سانا» الرسمية.
وفي استمرار للتصعيد السياسي بين الأطراف الدولية المعنية بالأزمة السورية، كثّف إردوغان انتقاداته لدور واشنطن في سورية، مطالباً بـ»رحيل القوات الأميركية» من منبج، ومتعهداً إعادة المدينة «الى أصحابها». كما اتهم الولايات المتحدة بالعمل «ضد مصالح تركيا وإيران، وربما روسيا، في شمال سورية».
وفي مساعٍ لاحتواء الخلاف المتصاعد بين واشنطن وأنقرة على خلفية عملية «غصن الزيتون»، أعلن مسؤول تركي أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون سيزور أنقرة الأسبوع المقبل، فيما انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني العملية التركية، مؤكداً خلال مؤتمر صحافي أمس أنها «يجب أن تنتهي لأن القوات التركية تعمل من دون موافقة الحكومة السورية»، كما هاجم الوجود الأميركي في سورية، متهماً واشنطن بالسعي إلى تقسيم البلاد. وشدد على أن «الحل السياسي هو السبيل الوحيد لتسوية مشاكل المنطقة»، مشيراً الى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد خلال اتصال هاتفي بينهما أمس، ضرورة عقد قمة ثلاثية تجمعهما مع إردوغان.
وخلال الاتصال، أعرب بوتين وروحاني عن استعدادهما لمواصلة العمل على تطوير مسار آستانة للتسوية السورية، وأشارا إلى «أهمية التعاون بين روسيا وتركيا وإيران ضمن صيغة آستانة»، فيما اعتبرا أن «قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي يجب أن تعطي دفعة جدية لتسوية سياسية للأزمة»
في غضون ذلك، أعلنت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في وضع حقوق الإنسان في سورية أمس، أنها «تتحرى عن تقارير استخدام غاز الكلور في مدينتي دوما قرب دمشق، وسراقب في إدلب»، في وقت كشف موقع «شبيغل» الألماني الإلكتروني أمس وجود أدلة تشير إلى أن صاروخاً واحداً على الأقلّ يحمل مادة سامة ألمانية الصنع، استُخدم في سورية. وذكر أنه استقى معلوماته من تحقيقات أجراها الموقع الإلكتروني البريطاني للصحافة الاستقصائية «bellingcat.com» إضافة إلى شبكة «سوريون من أجل الحقيقة والعدالة».
وأشار التقرير إلى استخدام صاروخ واحد على الأقل من انتاج إيراني في الهجوم أخيراً على دوما يُشتبه في أنّه كان يحتوي على غاز سام. ولفت الموقع الألماني إلى أن الصاروخ الذي أُطلِق في 22 كانون الثاني (يناير) الماضي، احتوى كذلك على جزء صُنع في ألمانيا. وانتشرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر الصاروخ الذي يحتوي على قطعة دائرية تبدو كأنها قطعة من ورق الكرتون تحمل علامة «صُنع في ألمانيا» وكلمة «بريسشبان»، وهي شركة ألمانية مصنّعة لمواد عازلة. ونقلت صحيفة «بيلد» عن الشركة المصنعة قولها إنها باعت مواد مصنعة كقطع عازلة للإلكترونيات إلى شركتين تجاريتين إيرانيتين. وأضافت الشركة أن هذه الموادّ تُستخدم أيضاً في المحركات الصغيرة في المنازل وفي المركبات.