علمت «الأخبار» أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون سيصل إلى بيروت منتصف هذا الشهر في زيارة تستمر يوماً واحداً، يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية جبران باسيل. إلا أن زيارة تيليرسون لن يكون جدول أعمالها متصلاً بزيارة نائب مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد الذي وصل أمس إلى بيروت، ومن المقرر أن يلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري وقيادات سياسية وأمنية معنية بملف زيارته المقررة منذ مطلع هذه السنة إلى بيروت.

وتأتي زيارة تيلرسون لبيروت في سياق جولة إقليمية تشمل مصر والأردن وتركيا، إضافة إلى المشاركة في الاجتماع الوزاري لـ«التحالف الدولي ضد الإرهاب» المقرر عقده في العاصمة الكويتية في 13 من شباط الحالي.
واللافت للانتباه في زيارة تيلرسون، بحسب أوساط ديبلوماسية غربية في بيروت، أنها ستركز على الاستحقاق النيابي المقرر في أيار المقبل، من دون أن تجزم بما إذا كان سيؤكد على الموقف التقليدي لبلاده على إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري. وقالت الأوساط نفسها إن الملفات الإقليمية ستكون جزءاً من جدول أعمال تيلرسون، فضلاً عن متابعة المواضيع التي تمت مناقشتها خلال آخر زيارة قام بها الحريري إلى العاصمة الأميركية، بالإضافة إلى التحضيرات لمؤتمرات باريس وبروكسل وروما.


وفي ما يخصّ زيارة ساترفيلد، قالت الأوساط نفسها لـ«الأخبار» إن المسؤول الأميركي سيركز في محادثاته على قضية ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وصولاً إلى محاولة احتواء مناخات التوتر التي تصاعدت مؤخراً بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي على خلفية إقدام قوات الاحتلال على بناء جدار بين لبنان وفلسطين المحتلة، فضلاً عن تهديدات وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، التي تناولت البلوك النفطي رقم 9.
وتتزامن زيارة ساترفيلد مع التئام متأخر للمجلس الأعلى للدفاع لمناقشة قضية الجدار الإسمنتي، بعدما كان مقرراً أن يُعقد قبل نهاية كانون الثاني المنصرم. لكن حال دون ذلك الخلاف الذي اندلع حول مرسوم الأقدمية وتسريب كلام وزير الخارجية جبران باسيل المسيء بحق رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ومن المقرر أن يطلع المجتمعون في اجتماع بعبدا، الذي سيترأسه رئيس الجمهورية، على نتائج الاجتماعات الثلاثية في الناقورة، خصوصاً في ضوء المهمة التي أوكلت رئاسة الجمهورية المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بها، لمتابعة قضية الجدار الإسمنتي العازل.
وكان موضوعا الجدار والبلوك 9 أمس محور مناقشة في الاجتماع الثلاثي الذي عقد في القصر الجمهوري وشارك فيه الرؤساء الثلاثة. وأشاعت أوساط المجتمعين أجواءً إيجابية، قائلة إن الاجتماع سادته أجواء من المودة والحوار البنّاء، وتم خلاله التوصل إلى صيغة «تضمن معالجة موضوع مرسوم الأقدمية بما يحفظ حقوق ضباط دورة 1994، ويُسهّل في الوقت نفسه صدور مرسوم الترقيات للأسلاك العسكرية». وأشارت إلى أنّ من المُفترض أن تظهر النتائج الإيجابية للاتفاق في الأيام القليلة المُقبلة.
واتفق عون وبرّي والحريري على تعديل المادة 84 في القانون الانتخابي، المُتعلقة بالبطاقة الممغنطة (ولو أنها لن تستخدم في انتخابات 2018)، وذلك من أجل نزع أي إمكانية للطعن فيها مُستقبلاً. وعلى رغم اقتناع برّي بعدم وجود حاجة لتعديل المادة، إلا أنّه لن يُخالف الإجماع على تعديلها.
وأكد المجتمعون ضرورة الاسراع في إقرار مشروع موازنة 2018 قبل نهاية ولاية المجلس الحالي وتحريك بعض مشاريع القوانين العالقة والمحالة على اللجان في مجلس النواب.
كذلك تمت مناقشة استحقاق المؤتمرات الدولية التي ستعقد في العواصم الفرنسية والبلجيكية والإيطالية في الأسابيع المقبلة. وجرى الاتفاق على السير بمؤتمر روما 2، فيما يتمّ عرض مؤتمر باريس 4 على مجلس الوزراء، ومن ثمّ على مجلس النواب، لاستصدار القوانين اللازمة بهذا الشأن.
ووفق معلومات المطّلعين على اجتماع بعبدا، فإن المناقشات لم تتطرق إلى مواقف وزير الخارجية الأخيرة، وتمحور معظمها على قضيتي الجدار والبلوك 9، حيث قدم بري مطالعة عرض فيها لمسار المفاوضات اللبنانية ــ الأميركية، منذ أن تولى الموفد الأميركي فريدريك هوف ملف ترسيم الحدود البحرية، وصولاً إلى يومنا هذا، مشددين على أهمية أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها في منع أيّ تعدّ إسرائيلي على الحقوق اللبنانية. وتم التفاهم على إجراءات سيتخذها المجلس الأعلى للدفاع.

 

من جهته، أكّد برّي أمام زوّاره أمس أن «تقييم الاجتماع هو عشرة على عشرة»، مشيراً إلى أن وجهات النظر حول مسألة البلوك 9 والجدار كانت متطابقة. وسئل برّي إن كان جرى التطرّق خلال اللقاء إلى كلام باسيل، فأكّد أنه لم يتطرّق إلى الأمر أبداً، مكرّراً قوله «أنا لم أطلب من باسيل الاعتذار مني بل من الشعب اللبناني»، وأضاف أن باسيل «هو وزير خارجية وصورته أمام الدول الأخرى مهمة لكل اللبنانيين، ولا يجوز أن تهتزّ هذه الصورة في الداخل». وبحسب البيان الذي صدر عن المجتمعين، فإن الرؤساء الثلاثة «اتفقوا على معالجة ما شهدته الساحة اللبنانية من أحداث خلال الايام العشرة الماضية وأسبابها، وتم الاتفاق على معالجة ما حصل من خلال المؤسسات الدستورية وفقاً للدستور والانظمة والقوانين المرعية الاجراء، والتزام وثيقة الوفاق الوطني، وعدم السماح لأي خلاف سياسي بأن يهدد السلم الاهلي والاستقرار الذي تنعم به البلاد».
على صعيد آخر، صدر في الجريدة الرسمية أمس مرسوم إنشاء لجان القيد القضائية التي تتولى إدارة جزء أساسي من الانتخابات النيابية، لجهة فرز أصوات المقترعين في كل دائرة من الدوائر الـ15، وإبلاغ النتائج بعد المصادقة عليها إلى وزارة الداخلية. وتضم كل لجنة قاضيين ومفتشاً، إضافة إلى مقرّر.