أكثر من تعويل يعقد على اللقاء الثلاثي الذي سيجمع رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري. المسعى التهدوي الذي انطلق باتصال عون ببري لتبريد الأجواء، انسحب على ما بين بري والحريري. فرئيس المجلس كان يرفض مشاركة اللقاء مع الحريري بسبب إنقطاع التواصل بينهما منذ فترة، وبسبب موقف الحريري الذي أدى إلى إندلاع أزمة المرسوم. لكن، وفق مصادر متابعة، فإن وسطاء دخلوا على خطّ تبريد الأجواء بين الرجلين، من بينهم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، الذي عمل على اقناع بري بتليين موقفه تجاه الحريري.
أكثر من ملف على طاولة البحث، مع إيلاء أهمية خاصة للوضع على الحدود الجنوبية، لا سيما بعد الاجتماع الثلاثي في النقاورة، الذي شهد مطالبة لبنان واليونيفيل العدو الإسرائيلي بوقف بناء الجدار. وهذا أكثر ما يثير اهتمام المسؤولين اللبنانيين، لأن الجدار البَرّي سيكون غطاء لإقامة جدار بحري ولسرقة إسرائيل النفط اللبناني. عليه، فإن الاجتماع يُعقد وسط تطورات ذات أهمية استراتيجية تتخطى البحث في الإشكال الحاصل بين الرئيسين عون وبري على خلفية مرسوم الأقدمية. وسيتخذ النقاش طابعاً أكثر استراتيجية للبحث في صورة النظام اللبناني ككل، وفي التصور لإنتاج آلية لإدارة شؤون البلاد طوال سنوات العهد. ما يعني أن اتفاق الطائف سيكون على الطاولة، ومعه البحث في كيفية تثبيته في بعض الجوانب، مقابل الاتفاق على تفسيرات واضحة في جوانب أخرى.
وتفيد المعلومات بأن عون سيطرح مسالة المداورة في الحقائب وأهمية تكريسها. لكن ذلك لن يرضي بري، الذي قد يفهم الأمر محاولة لتطويقه أو للحصول منه على تنازل مسبق، في مسألة وزارة المال التي يتمسّك بها. لذلك، فإن بري سيأخذ النقاش إلى زوايا أوسع، لجهة التشديد على مفهوم الشراكة والالتزام بتطبيقها بما يحفظ الوحدة اللبنانية ويصون مسيرة العهد. بالتالي، الابتعاد عن أي خيارات ثنائية على مستوى اتخاذ القرار. ولذلك، تستبعد المصادر إمكانية التوصل إلى إتفاق سياسي نهائي وشامل، سواء أكان في شأن أزمة مرسوم الأقدمية أم في ما ارتبط بها من تداعيات. وتعتبر المصادر أن ذلك يحتاج إلى مسار سياسي طويل وأكثر من جلسة للولوج في الحلّ المناسب. فيما التركيز سيكون على إعلان الاتفاق بشأن جملة أمور عامة في البلد، والدفاع عن حقوق لبنان وثرواته. بالتالي، مواجهة التحديات التي تهبّ من الجنوب، والتشديد على ضرورة التعاضد للحفاظ على الاستقرار ومواجهة أي تهديد أمني، وإعادة الروح إلى الحكومة.
وسيركز اللقاء على إعادة تفعيل عمل المجلس الأعلى للدفاع، إذ سيجتمع الأربعاء بعد تأجيل اجتماعه الأسبوع الفائت بسبب الخلاف بين عون وبري. وتكمن أهمية الاجتماع، في موازاة التهديدات الإسرائيلية للبنان، عسكرياً ونفطياً. ويأتي ذلك بعد اجتماع الناقورة الذي طلب فيه الجيش من اليونيفيل إجبار إسرائيل على وقف بناء الجدار، ومعالجة خروقات النقاط الـ13، بالإضافة إلى التأكيد على ملكية لبنان البلوك 9 النفطي. وقد وجه الوفد العسكري اللبناني تحذيرات عدة، بأنه جاهز للتصدي العسكري، ولمواجهة أي محاولة إسرائيلية لاستئناف بناء الجدار، أو الاقتراب من النفط اللبناني.
وتكشف المصادر عن أن الطلب اللبناني يرتكز على دعم دولي لاستقرار لبنان، وفي ضوء معلومات تفيد بأن هناك رسائل تحذير اميركية وأوروبية للإسرائيليين، بعدم تعريض الاستقرار اللبناني لأي اهتزاز. ولكن، وفق مصادر متابعة، فإن التعهّد بحماية الاستقرار اللبناني دولياً، تقابله مطالب دولية، أبرزها التزام لبنان بالضغوط المالية والعقوبات الأميركية على حزب الله، ومراقبة التحويلات المالية وضمان نظافتها من أي نشاط غير مشروع، لأن أي التفاف على هذه العقوبات وعدم الالتزام بها، أو الرد عليها بشكل عنيف من جانب أي طرف، سيؤدي إلى تدهور الأوضاع على أكثر من صعيد. لذلك، لا تتوانى هذه الدول عن التلويح بأنها بصدد إعداد رؤية دولية لوضع حد للسلاح المتفلّت في لبنان، تحت شعار حماية لبنان من أي مخاطر أو تطورات. لكن ذلك يبقى في إطار الكلام غير القابل للتطبيق.