أولاً: اليسار المحتضر...
منذ أن أضاع الحزب الشيوعي اللبناني "بوصلة" نضالاته بعد انهيار المنظومة الشيوعية بداية تسعينيات القرن الماضي، وهو يتخبّط في صياغة برامج وطنية نضالية محلّية، في ظلّ انشقاقاتٍ إيديولوجية هامة في صفوف كوادره العليا والوسطى، حتى وصل الأمر في الآونة الأخيرة إلى وصم الحزب بتهمة الإلتحاق بالقوى المذهبية تحت ذرائع مقاومة إسرائيل ومجابهة الامبريالية الأميركية.
أمّا منظمة العمل الشيوعي فكانت قد اضطرت للانكفاء والانسحاب من ساحة النشاط السياسي اليساري في لبنان، تحت ضغط الوصاية السورية وانطلاق عصر الطوائف وحكمها. أمّا حزب البعث فقد أصبح بلا حولٍ ولا فعالية منذ الإنسحاب السوري قبل اثني عشر عاماً. أمّا الحزب القومي السوري فهو ملحق بالنظام السوري وحلفائه في جبهة المقاومة والممانعة منذ أمدٍ بعيد، وهكذا لم نعد نشهد في خطابات ونضالات أحزاب اليسار نبضاً يسارياً معهوداً في تبنّي هموم الناس ومعاشهم وحاجاتهم وتطلُّعاتهم الديمقراطية والوطنية.
إقرأ أيضًا: باسيل في منزلة بين المنزلتين ... بين السُّنية السياسية والشيعية السياسية
ثانياً: اليمين المُتجلبب بلباس اليسار...
يحمل حزب الكتائب "اليميني" خطاباً يسارياً رائداً في حمل هموم المواطن المعيشية والحياتية، وحقوقه المحفوظة في مواجهة الفساد والفاسدين، والحكام المتغطرسين والقابضين على زمام السلطة منذ أكثر من ربع قرنٍ من الزمن، ويحمل هذا الخطّ المتنامي والمتصاعد مع الكتائب حزب القوات اللبنانية مع عددٍ لا يُستهان به من القوى المُناهضة لاستمرار الطبقة السياسية في سياسة النهب والاستئثار بالمناصب الوزارية والهيئات التّمثيلية.
يقود هذا الخطّ في هذه الأيام رئيس حزب الكتائب الشاب النائب سامي الجميّل، إذ دعا في مهرجان الحزب الانتخابي إلى إعادة الروح للعملية الديمقراطية الانتخابية، وإحياء نبض التغيير الذي غيّبتهُ القوى الطوائفية والاستبدادية عبر تحالفاتٍ ثنائية وتشابكات مصلحية وفئوية متآمرة على سيادة البلد واستقلاله ونهوضه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي
أيها اللبنانيون، يقول الجميل: عليكم يتوقف نهج الإصلاح ونبض التغيير..لبنان سيتغيّر، ساهموا باختيار أفضل طرح، لأنّ من ستنتخبون سيُحسّنون حياتكم أو يُعيدونها للوراء، لحظة الانتخاب، وحدها تقودنا إلى حياةٍ أفضل إذا اتّبعنا الخيار الأصح لتحويل الحلم إلى حقيقة.
أحلام "يسارية" طموحة مجبولة بهموم المواطنين المعيشية، من الحزب الذي لم يكن ليطمح يوماً بأن يتسلّم راية "الاشتراكية" من خصومه اليساريين بعد استقالاتهم المبكرة.