استحقاقان يرتبطان على نحو مباشر بنجاح الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم: الأوّل يتعلق بجلسة مجلس الوزراء، التي سيدعو إليها الرئيس سعد الحريري، ويقال انها ستعقد في بعبدا بجدول أعمال عادي، بعد ان غابت الجلسة الأسبوع الماضي، على الرغم من ان جدول الأعمال، الذي يوزّع اليوم كان قيد الإنجاز..
والثاني، يتعلق بتأخير عقود تلزيم البلوك 9 لاستخراج الغاز والنفط، وهو البلوك، الذي يزعم الجانب الإسرائيلي، ان ملكيته تعود له، داعياً الشركات، لعدم توقيع أية عقود مع لبنان، حيث أعلنت بعض الشركات انسحابها.
ولعل هذا الزعم، الذي وصفه كبار المسؤولين، بالاعتداء، هو الذي يشكّل السبب الفعلي وراء عقد الاجتماع الثلاثي، الذي بادر الرئيس ميشال عون بالدعوة إليه، فاتصل بالرئيسين نبيه برّي والحريري لهذه الغاية.
وتعوّل مصادر مطلعة على ترطيب الأجواء الداخلية، مع إطلاق السباق الانتخابي، إذ ترشح اثنان، أحدهما في بيروت الأولى، عن أحد المقاعد السنية، والثاني عن أحد المقاعد السنية أيضاً في طرابلس، وذلك في اليوم الأوّل لفتح باب الترشيحات، والذي رأى فيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مناسبة للردّ البليغ على المشككين بحصول الانتخابات.
ولا تخفي المصادر قلقها من الأجواء غير الصحية، التي أصابت البلاد في الأيام الماضية، على خلفية «فيديو باسيل» الذي أصاب الرئيس برّي، وأحدث ما أحدث من ردّات فعل في شوارع العاصمة، وتعتبر ان الفرصة متاحة الآن لاحتواء الخلافات، خصوصاً وأن الاجتماع الثلاثي مفتوح على «العناوين والمستجدات الحاصلة على الساحة الداخلية»، وأن توحيد الموقف اللبناني حول الأمن والاستقرار، مسألة مطلوبة لإنجاح المؤتمرات الدولية الخاصة بمساعدة الجيش اللبناني والاقتصاد سواء في باريس أو روما أو بروكسيل على حدّ تعبير الرئيس الحريري امام أعضاء السلك القنصلي..
ولم يستبعد مصدر نيابي ان تكون النقاط السلبية التي عصفت بالساحة السياسية على طاولة اللقاء الثنائي، المرشح ان يتحوّل ثلاثياً، من زاوية ان المصارحة هي الطريق الأقصر لتبريد الأجواء، ومعالجة الملفات السلبية المتراكمة.
برودة انتخابية
وإذا كان اليوم الأوّل لبدء السباق الانتخابي قد اتسم ببرودة ظاهرة، حيث انتهى على مرشحين اثنين، الأوّل وهو عبد الناصر المصري عن المقعد السني في دائرة الشمال الثانية (طرابلس والضنية والمنية) والثاني المهندس فؤاد مخزومي عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية، فإن هذه البرودة ليست مجرّد قلة حماسة انتخابية، تشهدها عادة الأيام الأولى على فتح باب الترشيح، بل لأن المعنيين في هذا السباق ما زالوا في طور درس خياراتهم وتقييم فرص الفوز والخسارة، في ظل قانون جديد ما يزال في طور مرحلة التجارب، لا سيما وانه يفرض خوض المرشحين للانتخابات ضمن لوائح معلنة، بما يعنيه ذلك من خيارات التحالف والائتلاف المرحلي والتي ستتحكم في ما بعد بصورة المجلس النيابي العتيد.
عدا عن ذلك، فإن البلاد ما زالت منخرطة في أجواء الأزمات السياسية التي تضغط عادة على التحركات والتطلعات ما يشغل السياسيين والطامحين إلى استعادة احجامهم واوزانهم، عن التفكير بشكل سوي، تحت وطأة استمرار الصراعات السياسية مما يحول دون وضوح صورة البحث في التحالفات، قبل ان ترسو عليه ما يمكن ان ينتج من محاولات كسر الخلافات أو رأب الصدع بين الرئاسات.
وبحسب مصادر سياسية، فإن «لقاء بعبدا» الذي سيجمع اليوم الرؤساء الثلاثة، سيكون بمثابة لقاء مفصلي بسبب تشعب الملفات التي يمكن ان تطرح خلاله، خصوصاً وأنه يجب ان يتسم بالمصارحة للوصول إلى المصالحة الضرورية في هذه المرحلة، كما ان من شانه ان يرسم ايضا ملامح المرحلة المقبلة الفاصلة عن موعد الانتخابات المقررة في السادس من ايار القادم بين اركان الدولة ، مع العلم ان هذا الاجتماع يعقد عشية اجتماع مجلس الدفاع الاعلى غداً والذي لا يقل اهمية لا بالشكل و لا بالمضمون عن لقاء اليوم، خصوصا وان على جدول اعماله الكثير من الملفات الاساسية الساخنة والمتعلقة ايضا بالازمة المستجدة مع اسرائيل على اثر التصاريح الاخيرة لمسؤولين اسرائيلين. كما انه من المتوقع ايضا ان تنعكس اجواء لقاء اليوم على اجواء جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو لعقدها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يوم الخميس المقبل في القصر الجمهوري كما علمت «اللواء» بعد ان غابت هذه الجلسة الاسبوع الماضي رغم تحضير جدول اعمالها، بسبب ما شهدته الساحتان السياسية والامنية من تطورات دراماتيكية ساخنة كادت تطيح بالحكومة والبلد في آن معا.
وإذ رفضت مصادر وزارية متابعة، عبر «اللواء» الخوض في توقعاتها حول الأجواء التي ستسود جلسة الخميس، على إيقاع ما حصل من تطورات في الأسبوع الماضي، والتي تجاوزت كل المحظورات، فإن المصادر نفسه استبعدت ان يتضمن جدول الأعمال الذي سيوزع اليوم على الوزراء أي بنود هامة أو خلافية، مشيرة إلى ان اهمية الجلسة هي بانعقادها برئاسة رئيس الجمهورية، خصوصاً وان لبنان امام استحقاقات مهمة وكبيرة، وفي مقدمها الأطماع الإسرائيلية بالثروة النفطية اللبنانية في مياهه البحرية، وعلى الحكومة اليوم إدارة الأزمة السياسية الراهنة حتى موعد اجراء الانتخابات.
ونقلت هذه المصادر عن الرئيس سعد الحريري ارتياحه لعودة التوافق والحوار بين اللبنانيين من خلال عودة لغة العقل التي سادت في اليومين الماضيين، آملاً باستمرار هذا التوافق السياسي لأنه يبقى السبيل الوحيد للحفاظ على أمن واستقرار البلد، مشدداً على أهمية تحييد الحكومة والتمسك بالطائف وباجراء الانتخابات عن أي خلافات سياسية قد تطرأ، باعتبار هذه الثوابت الثلاث أولوية في هذه الظروف الدقيقة والمفصلية.
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان لقاء بعبدا قد يكون مفتوحا في مناقشة سلسلة مواضيع رئيسية خصوصا ان ما من بنود محددة للبحث حتى وإن كان البلوك رقم 9 والتهديدات الإسرائيلية في مقدمها.
ولفتت إلى أن أجواء اللقاء قد تسمح بأن يتشعب النقاش لعدد من الملفات التي شكلت محور تباين بين المعنيين.
وأكدت أن هذا اللقاء من شأنه أن يحدد التوجه بالنسبة إلى عودة عمل المؤسسات الدستورية ولاسيما مجلس الوزراء. ورأت أن أي أمر مرهون بهذا اللقاء، وهو يأتي في ظل التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية ولذلك سيكون هذا الملف في صلب المحادثات على أن يكون التركيز على أهمية الأستقرار. ولم تستبعد أن يصدر بيان بعد الاجتماع الذي حدد قبل الظهر.
وأشارت إلى أن مجرد انعقاده مؤشر إيجابي للمرحلة المقبلة سواء اتخذ عنوان ربط النزاع أم لا.
وأكدت أن اجتماع اليوم سيؤسس لمرحلة جديدة يفترض بها أن تكون مرحلة هدوء سياسي، لا سيما بعد أن وصلت كل من بعبدا وعين التينة إلى الدرجة الأخيرة من السلم. حيث لا يستطيع أحد ان يتقدّم مخافة السقوط ولا أحد يرغب بالتراجع للاخر لكي لا يحسب ذلك انكساراً.
اما مصادر عين التينة، فقد أكدت ان لقاء اليوم سيركز على التهديدات الإسرائيلية للبنان من باب الثروة النفطية والبلوك 9 إضافة إلى الجدار الفاصل جنوباً، إضافة إلى الوضع الأمني وضرورة تحصينه، خصوصاً بعد إصرار الرئيس نبيه برّي على ان هناك طابوراً خامساً يسعى لتخريب الوضع في لبنان، كما انه يطمح إلى ان يُصار إلى مناقشة مرسوم اقدمية ضباط دورة العام 1994 وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، رغم ان الرئيس عون يعتبر المرسوم ناجزاً، وغير قابل للبحث.
اجتماع الناقورة
وكان موضوع الجدار الإسرائيلي والتهديدات الإسرائيلية للبلوك 9 البند الأوّل على جدول أعمال الاجتماع العسكري الثلاثي الأوّل لهذا العام، اللبناني والإسرائيلي برعاية قائد قوات «اليونيفل» في الجنوب الجنرال مايكل بيري الذي انعقد أمس في مقر اليونيفل في رأس الناقورة، وحضره وفد من ضباط الجيش اللبناني برئاسة مُنسّق الحكومة لدى قوات «اليونيفل» العميد الركن مالك شمص.
وبحسب البيان الذي صدر عن قيادة الجيش، فانه تمت في هذا الاجتماع مناقشة المواضيع المتعلقة بتطبيق القرار 1701 والحوادث الحاصلة في الفترة الأخيرة في منطقة جنوب الليطاني.
وأوضح البيان ان الجانب اللبناني عرض مسألة الجدار الذي ينوي العدو الإسرائيلي اقامته على الحدود اللبنانية - الفلسطينية مؤكدا موقف الحكومة اللبنانية الرافض لإنشاء هذا الجدار كونه يمس السيادة اللبنانية، خصوصا وان هناك أراضي على الخط الأزرق يتحفظ عليها لبنان، كما عبر عن شجب الحكومة لتهديدات بعض قادة العدو (وزير الدفاع افيغدور ليبرمان) ومزاعمهم حول عدم أحقية لبنان باستغلال البلوك البحري النفطي رقم 9، مشددا على ان هذا البلوك يقع بكامله ضمن المياه الإقليمية والاقتصادية اللبنانية، كذلك عرض لخروقات العدو الجوية والبحرية والبرية لأراضي لبنان وطالب بوقفها فوراً».
ومن جهته، ركّز الجنرال بيري بحسب بيان قيادة الجيش على ضرورة الالتزام الدقيق بمندرجات القرار 1701 وبترتيبات التنسيق والارتباط، مؤكدا ان المحافظة على الاستقرار هي مسؤولية الجانبين، وان القوات الدولية جاهزة لمساعدتهما على ذلك».
وفيما لم يعط الجانب الإسرائيلي أي جواب حول ما طرحه الجانب اللبناني، بحجة انه يريد مراجعة قيادته، أوضح بيان «لليونيفل» ان المناقشات ترتكزت على ترتيبات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها «اليونيفل» والآيلة إلى تفادي حدوث أي سوء تفاهم أو سوء تقدير على طول الخط الأزرق من أجل ضمان استمرار مناخ الهدوء والاستقرار.
ولفت البيان إلى ان موقف «اليونيفل» من أعمال البناء التي اقترحها الجيش الإسرائيلي هو ان أي نشاط بالقرب من الخط الأزرق ينبغي الا يكون مفاجئاً، بحيث يتم الإخطار عنه بشكل مسبق وكاف لاتاحة المجال للتنسيق من جانب الأطراف، وتم الاتفاق على مواصلة استخدام «المنتدى الثلاثي» لمعالجة هذه المسألة.
وأكّد الجانبان ايضا التزامهما بمواصلة استخدام الآليات التي تضطلع بها «اليونيفل» من اجتماع ثلاثي وارتباط لمعالجة أي مسائل يُمكن ان تؤدي إلى امكانية حدوث توترات الى جانب تقليل نطاق أي سوء فهم بين الأطراف، كما أكدوا مجددا دعمهم لتنفيذ ولاية «اليونيفل» بموجب قرار مجلس الأمن 1701 (2006) والفقرات العملياتية لقرار مجلس الأمن الدولي 2373 (2017).
عون
من جهته، شدد الرئيس عون، خلال استقباله وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس الذي زار ايضا الرئيسين برّي والحريري وأجرى محادثات مع نظيره اللبناني يعقوب الصرّاف، على أهمية التعاون بين الدول لمكافحة الإرهاب وملاحقة خلاياه السرية لوضع حدّ للأضرار التي احدثها أو يُمكن ان يحدثها في الدول والشعوب. وقال ان لبنان يُشجّع كل تعاون مع اليونان وقبرص في سبيل تعزيز السلامة البحرية والأمن البحري، لا سيما وان الدول الثلاث تواجه تحديات مشتركة لعل أهمها الإرهاب الذي يتفشى في المنطقة ويتوسع، إضافة إلى تداعياته السلبية الكثيرة المتمثلة خصوصا بالنزوح الكثيف وتهريب البشر عبر البحر المتوسط.
أمنياً، أعلن الجيش اللبناني امس استشهاد جندي بالاضافة إلى مقتل أحد المطلوبين نتيجة تبادل لاطلاق النار خلال مداهمة أمنية في مدينة طرابلس.
وأوضح أنه أثناء قيام وحداته بمداهمة في منطقة باب التبانة في طرابلس الأحد بحثاً عن «عدد من المطلوبين»، تعرضت قواته «لإطلاق نار ورمي رمانات يدوية، ما أدى إلى استشهاد أحد العسكريين وجرح عدد آخر».
وأعلن في بيان ثان أن وحداته لاحقت «الإرهابي مطلق النار المدعو هاجر العبدالله واشتبكت معه ما أدّى إلى مقتله»، مشيراً إلى أنه أوقف شقيقه كما «تمّ ضبط كمية من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية والمبالغ المالية».
اضراب الخاصة
تربوياً، تلبية لدعوة من نقابة معلمي المدارس الخاصة في لبنان، نفذ الاساتذة إضرابا عاما، يستمر لثلاثة ايام، للمطالبة بتطبيق القانون رقم 46 ودفع الدرجات الست، وتفاوتت نسب الالتزام بالاضراب في المدارس، حيث بلغت 40 في المئة.
وأبدى نقيب المعلمين رودولف عبود إستغرابه لعدم البحث في موازنات المدارس، مؤكدا عدم التراجع عن الاضراب المحدد من قبل النقابة الا في حال حصول مبادرة ايجابية، مشيرا الى ان المطلوب من المعلمين الالتزام بقرار النقابة بالرغم من الضغوط التي يتعرضون لها من قبل بعض المدارس.
وشدّد عبود على أنه تم تحييد بعض المدارس التي دفعت مستحقات المعلمين بحسب القانون، لافتا الى ان نسبة الالتزام في الاضراب امس كانت جيدة.
هذا، ومن المقرر ان يعقد عبود مؤتمرا صحافيا اليوم عند الواحدة ظهرا اليوم امام مبنى وزارة التربية.