تحت عنوان "The Voice Kids... ختام أقلّ من التوقّعات!" كتب جوزف طوق في صحيفة "الجمهورية": "مِثل محلّ المجوهرات الذي قرّر أن يبيع نحاسيات وشوَك وملاعق وسكاكين، كذلك برنامج "The Voice Kids" (أحلى صوت)، غفلَ عنه أنّ المواهب المشاركة في الموسم خامات ماسيّة توضَع بسهولة على تيجان الفنّ، فتساهلَ بتظهيرها وإخراجها وأمعنَ باستهلاكها حتى باتت الحلقات الأخيرة من البرنامج خفيفةً وسريعة.
وكأنّ لعنة الكراسي الحمراء تلاحق البرنامج، فما إن تنتهي مرحلة "الصوت وبَس" حتى يبدأ البرنامج بالانزلاق حلقةً بعد حلقة في التكرار، وكأنّه لا يقوى على استمالة المشاهدين، ولا يمكن أن ينقذه من هذه المعضلة سوى التفنّن بالإخراج والتقارير والابتكارات، وهذا الذي لم نشاهده في الحلقة الختامية.
أخطاء الكبار نافسَت مواهبَ الصغار على مسرح "The Voice" في حلقة الختام، أخطاء كان يمكن تفاديها بسهولة وبقليل من الاهتمام، مِثل هفوات المقدّمَين ناردين فرج وبدر آل زيدان اللذين قدّما جُملاً اختاراها من على رفوف المعلّبات في سوبرماركت إعلامية، وتسمّرَت عيونهما على الـPrompter فأفرغا حديثيهما من كلّ تشويق ودلعٍ وتحفيز يمكن أن يضيف حياةً إلى الفقرات، فطمرا الحماسَ مع كلّ ظهور لهما وأثّرا سلباً على بهجة الأطفال التي ضاعت في التصنّع أمام الكاميرا.
الأطفال في الحلقة الأخيرة من البرنامج كانوا يلمعون بأصواتهم على المسرح قبل أن يرتكب أحدٌ خطأً جديداً ليظلمهم ويظلمَ أحلامهم، مثل سوء اختيار الأزياء للبنات والصبيان على حدٍّ سواء، فلم تكن ثيابهم تليق بمواهبهم، وكانوا يستحقّون أزياء تليق بحجم مواهبهم وكبرِ أحلامهم.
وحتى إنْ لم نكن نفهَم بالأزياء، إلّا أنّ اللعبة الإخراجية وحركة الكاميرا طوال مدّة العرض لم تُسهّل علينا الدخولَ أكثر في جوّ الحلقة الأخيرة، فكانت معظم الكادرات بعيدة وواسعة، وكأنّها تقول لنا أنْ نشاهد بالصوت وبَس. فخلفية المسرح لم تكن غنيّة باللوحات والغرافيكس والأضواء المبهرة، ولم يكن هناك حاجة لتظهيرها في كلّ كادر مع أنّ التركيز على الوجوه وانفعالات الحكّام والأهل والجمهور كان كفيلاً بإغراقنا أكثر في جوّ الحلقة.
كلّ هذا في ميلٍ وأخطاء تامر حسني في ميلٍ آخر، فعدا عن ظهوره الغنائي إلى جانب الموهبتين في فريقه وعجزِه عن الغناء بطريقة صحيحة تقنِعنا بأنه يستحقّ أن يكون حكماً على أجيال المستقبل، إلّا أنّه ارتكبَ الخطيئة المميتة بإفساده اللحظة الأهمّ في برنامج "The Voice" بعدما تفَّه لحظة التتويج، وتحمَّس لإعلان الرابح ببعضِ الحركات غيرِ الضرورية من خلال الإشارة بإصبعِه إلى الفائز حمزة لبيض، التي دمّرَت اللحظة التي انتظرَها المنتج والمخرج وفريق العمل والمشاهدين طوال مدّة البرنامج، "يعطيك العافية".
وبما أنّ العالم العربي بأكمله يعتمد على برنامج «The Voice» لاكتشاف أجمل الأصوات، إلّا أنّ مرور بطلةِ الموسم الأوّل لين الحايك لم يقنِعنا بمدى اهتمام البرنامج بالمواهب التي يكتشفها، خصوصاً بعد أن قدَّمت أغنيتها الخاصة «عم بكبر»، والتي لم تكن بكلماتها ولحنِها وتوزيعها على قدر حجم لين ولقبِها كأجمل صوت عربي، وكانت نظرات لجنة التحكيم أكبرَ دليل على عدم رضاهم عن الأغنية والأداء.
يقولون إنّ العتب على قدر المحبّة، تماماً مثلما جاءت الخيبة في الحلقة الأخيرة بعد موجات الانبهار والافتتان التي عشناها مع هذه الأصوات الصغيرة في مرحلة «الصوت وبَس»، التي زادت إيماننا بأنّ العالم العربي بخير طالما إنّ أطفاله بخير.
أطفال الموسم الثاني من برنامج «The Voice Kids» نسَّونا همومنا ومخاوفَنا، وعِشنا معهم لحظات محَت الكثيرَ من البشاعة في أذهاننا، قبل أن يَخذلنا الكبار فيه.