تسعون يوماً، تزيد أو تقل، يتوجه بعدها الناخبون إلى صناديق الاقتراع لتجديد التمثيل في المجلس النيابي، في ضوء قانون النسبية، الذي يختبره اللبنانيون لأول مرّة، وهو ينطوي على مفاجآت تجعل من الصعب بمكان التنبؤ بالنتائج، التي ستتوقف ربما على صوت واحد، وفقاً لما لاحظه الرئيس سعد الحريري.
وتنطلق الترشيحات اليوم في وزارة الداخلية، وسط سباق محموم إلى الترشيح بانتظار «التحالفات الملونة» واللوائح المقفلة وحسابات الصوت التفضيلي، على ان يكون غداً في بعبدا اجتماع، يفصل بين الخلافات السياسية اليومية، والاستحقاقات النيابية أو الدفاعية أو حتى الاستراتيجية، في ما يتعلق بثروة لبنان النفطية، وردع إسرائيل، العدو الذي يتربص بلبنان واللبنانيين.
ولم يخفِ الرئيس الحريري ان لبنان تجاوز قطوعاً خطيراً جداً، لأن الكلام الذي سمعناه اعادنا 30 سنة إلى الوراء، ولولا حكمة الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي لما تمكنا من الوصول إلى تفاهم.
لقاء المصالحة غداًَ
وفي تقدير مصادر سياسية مطلعة، ان لقاء المصالحة الذي سيجمع الرؤساء الثلاثة في بعبدا غداً، يفترض ان يحسم الملفات الخلافية التي فجرت العلاقات الرئاسية، وكادت ان تطيح بمنجزات أولى سنوات العهد الجديد، وفي مقدمة هذه الملفات مرسوم اقدمية ضباط دورة العام 1994.
وتعتقد هذه المصادر ان مبادرة الرئيس عون بالاتصال بالرئيس برّي، طوت صفحة الخلافات والشحن الطائفي والمذهبي، واوقفت حركة الاحتجاجات في الشارع، ولا سيما بعدما كادت تعيد خطوط التماس الطائفية، الا ان صفحة ما اصطلح على تسميته بـ«فيديو» الوزير جبران ما تزال تحتاج إلى جهود مضاعفة، وهي «لن تطوى قبل الاعتذار من كل اللبنانيين» على حدّ تعبير وزير الزراعة غازي زعيتر.
وبحسب هذه المصادر، فإنه إذا ما سارت المحادثات بين الرؤساء الثلاثة، على نحو إيجابي، وامكن لهم طي صفحة الخلافات في ما بينهم، فإن لقاء الغد يفترض ان يحسم موعد جلسة مجلس الوزراء المؤجلة منذ أسبوعين، والذي يرجح ان تتم الخميس المقبل، بجدول أعمال فضفاض بطبيعة الحال، كما سيحسم فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، حتى موعد الدورة العادية الأولى في آذار، بما في ذلك المواضيع التي ستطرح في هذه الدورة، والتي ستتصدرها موازنة العام 2018، في حال عادت مؤسسات الدولة إلى الانتظام من دون تشجنات وتوتر وخلافات.
الا ان كل ذلك يبقى رهن ما يمكن ان يتداوله الرؤساء الثلاثة، علماً انهم اتفقوا على عقد اجتماعهم من دون تحديد جدول أعمال له، على اعتبار انه سيبقى مفتوحاً لكل الملفات المطروحة، وهم يُدركون ان تفاهمهم واجب وطني لحسن إدارة شؤون الدولة والعباد، خاصة وان البلاد مقبلة على استحقاقات انتخابية، يفترض ان يرسم هذا التفاهم سقف الحملات الانتخابية والعملية برمتها وللعبور بهذا الاستحقاق نحو بر الأمان.
اما اجتماع المجلس الأعلى للدفاع الذي سينعقد الأربعاء، ويخصص لموضوع التهديدات الإسرائيلية للبلوك 9 ولموضوع الجدار، الذي تعتزم إسرائيل اقامته بالقرب من الحدود الجنوبية، فإن لقاء الناقورة العسكري اليوم الذي سيجمع ضباطاً من الجيش اللبناني و«اليونيفل» مع ضباط اسرائيليين، يفترض ان يتبلغ خلاله الجانب الإسرائيلي من الجانب الدولي، الموقف اللبناني بضرورة إزالة هذا الجدار، باعتباره انتهاكاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، علماً ان لبنان سبق ان أبلغ الأمم المتحدة ان البلوك 9 هو جزء من المنطقة الاقتصادية البحرية الخاصة، وليس منطقة متنازع عليها مع إسرائيل، وبالتالي فإن أي كلام بشأن هذا الجزء من المياه الإقليمية اللبنانية، سيعتبر بمثابة اعتداء على السيادة اللبنانية.
الحريري
وعشية لقاء المصالحة غداً، كانت للرئيس الحريري مواقف لم تخل من توجيه رسائل مما حصل في الأسبوع الماضي من تحركات احتجاجية في شوارع بيروت، طاولت قطع طرقات واحراق دواليب وتعطيل لحركة النّاس، مؤكداً انه «من غير المقبول ان تتحمل بيروت كل هذه الأعباء، وان تدفع الثمن عن كل من يخطئ، مشدداً على ان «بيروت ليست مكسر عصا لأي كان، ويجب ان تكون محمية من الجميع ومن أجل الجميع، لأن الجميع يعيش في بيروت».
ولفت الرئيس الحريري إلى ان لبنان تجاوز قطوعاً خطيراً جداً في الأيام الماضية، مشيراً إلى ان الكلام الذي سمعناه خلال هذه الأيام أعادنا ثلاثين سنة إلى الوراء، ولكن الحمد لله، بحكمة الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي تمكنا مجدداً من الوصول إلى هذا التفاهم، الا انه غمز من قناة الكلام العالي النبرة، قائلاً: «هذا لا يعني انك إذا رفعت صوتك فيسمعك النّاس، بل انا برأيي حين ترفع صوتك يتوقف النّاس عن الاستماع إليك، في حين ان علينا جميعاً ان نسمع بعضنا البعض، ولذلك فإن الهدوء هو الذي يوصلنا إلى المكان الصحيح، اما الصراخ فإلى أين أوصلنا؟».
وكان الرئيس الحريري قد شدّد في كلمة ألقاها خلال عشاء أقامه رئيس اتحاد العائلات البيروتية الأسبق محمّد سنو في منزله في حضور شخصيات بيروتية وحشد من أبناء العائلة على ضرورة الاقتراع بكثافة في الانتخابات المقبلة، لأنه «حسب القانون الجديد كلما زاد التصويت واقبل النّاس على الاقتراع كلما زادت حظوظ نجاحنا وعدم خرق لوائحنا». كما شدّد ايضا على التوافق، معتبرا ان البلد لا يدار الا بالتوافق، وقال «نستطيع ان نختلف مع حزب الله في الأمور الاستراتيجية، ولكن علينا ان نتوافق على الأمور الداخلية، ولذلك سرنا في هذا الخط، واتى من يزايد علينا ويقول انني اتخلى عن أهل السنة، أو يدعي ان هناك توظيفات في الدولة تذهب لصالح الفريق أو ذاك، وأنا اقول لهؤلاء في وظائف الفئة الأولى لا أحد يستطيع ان يأخذ حصة الآخر لأنها مقسمة بالقانون والدستور».
برّي
أما الرئيس برّي فقد أكّد من جهته ان لقاء الثلاثاء سيكون تثبيت الاستقرار وللبحث في النقاط الخلافية، وسيصار إلى التأكيد على السلم الأهلي، وجدّد امام زواره التأكيد على ان الانتخابات ستحصل في موعدها، وان لا شيء يعيق ذلك.
وحول ما إذا كان الرئيس الحريري سيحضر اللقاء، اجاب: «لا مشكلة في حضوره».
واسهب الرئيس برّي في الحديث عن الجدار الإسرائيلي على الحدود وعلى البلوك 9، مؤكدا التمسك بحق لبنان في استثمار ثرواته البحرية، في هذا البلوك، داعيا إلى مواجهة الأطماع الإسرائيلية من خلال الموقف اللبناني الموحّد.
وفي حين لم يتطرق برّي إلى تصريحات الوزير باسيل المسيئة بحقه، ولا إلى تصريحاته في «الماغازين»، الفرنسية حول «حزب الله»، فإن مصادر سياسية في فريق 8 آذار اعتبرت ان صمت الحزب على هذه التصريحات الخاطئة والمتسرعة، أبلغ تعبير عن استيائه من أداء شخص يفترض انه حليفه ومعه في الخط الاستراتيجي ذاته.
وقالت هذه المصادر انه أصبحت عند الحزب قناعة بأن حليفه العوني يعتمد سياسة العصا والجزرة في علاقاته مع الثنائي الشيعي تحديدا، وهو ما يرفضه الحزب رفضا تاما ويعتبره استفزازياً مقصودا للتملص من تفاهم مار مخايل.
الا ان المصادر نفسها استدركت بالاشارة إلى ان الحزب منذ البداية وقبل هفوات باسيل المتكررة يفصل بين علاقاته برئيس الجمهورية ميشال عون الذي يعتبره اشرف الحلفاء والمسؤول الأوّل عن التفاهم وبين باسيل الحليف السياسي الذي لا يلتزم معه الا اخلاقياً، وبالتالي فإن إيجاد عذر للرئيس مسموح في حال اخطأ، كما ان صون التفاهم هو التزام ثابت معه، اما مع باسيل فالقصة مختلفة».
فتح باب الترشيحات
في غضون ذلك، يفتح اليوم باب الترشيح للانتخابات النيابية المقبلة المقرّر ان تجري في 6 أيار المقبل، مع بدء الحملة الانتخابية، بحسب ما أعلنت الهيئة المشرفة على الانتخابات.
ودعا رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل خلال احتفال اطلاق الماكينة الانتخابية للحزب في «فوروم دو بيروت» اللبنانيين إلى ان يكونوا «نبض لتغيير في 6 أيار»، وقال «نحن مقبلون على انتخابات هي بالنسبة إلينا فرصة لكل اللبنانيين من أجل بناء لبنان جديد، غيرنا سيخوض المعركة بالمال والسلاح والخدمات ونحن سنخوضها من قلبنا لأننا نؤمن بالطيبة وبأن القلب أقوى من كل الحدود الموجودة بيننا وبين التغيير وحلمنا بلبنان، مشيراً ان منطق مرقلي لمرقلك يجب أن يتغيّر في 6 أيار (راجع ص 3)
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فأعلن خلال حفل إطلاق المصالح والأجهزة الانتخابية لماكينة «القوات في معراب، أن «الإنتخابات هذه السنة ليست مجرد ممارسة ديمقراطية عادية، وإنما يجب أن تكون ثورة بيضاء على كل السياسات التقليدية التي نعيش»، مشددا على أن «مصيرنا بأيدينا، فلنتصرف تبعا لأحلامنا ولكل ما نتمناه ونعبر عنه كل يوم، بدل أن نتصرف انطلاقا من اعتبارات ضيقة صغيرة عائلية أو عشائرية أو شخصية أو منفعية».
وقال: «مصيرنا جميعاً للسنوات الأربع القادمة موجود في هذه الورقة التي سيسقطها كل مفرد منا في صندوق الاقتراع في 6 أيار القادم. فلنتحمل مسؤولياتنا ونرمي الواقع المزري الحالي وراءنا ونقترع للشفافية، للسياسات العامة، للإستقامة، للوطنية الفعلية، فنقترع للدولة الفعلية اللبنانية القوية. فنقترع قوات لبنانية». (ص 3)
إضراب
تربوياً، وعلى وقع رفض تلامذة المدارس تمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع الخاص، والتربية بوقف دفع الاقساط، ينفذ معلمو المدارس، بدءا من اليوم، ولمدة ثلاثة أيام اضرابا احتجاجاً على عدم تطبيق القانون 46 الخاص بالسلسلة.
وردت لجان الأهل بتعليق التوقيع على الموازنات المدرسية والطلب إلى الأهالي وقف دفع أقساط كل مدرسة تقفل ابوابها في وجه تلامذتها أيام الإضراب ومطالبة إدارات المدارس محاسبة الأساتذة عن كل يوم تعطيل.
امنياً، استشهد عسكري في الجيش اللبناني متأثرا باصابته خلال مداهمات لمطلوب في التبانة.
فقد نفذ الجيش مداهمة في التبانة، وتمكن من توقيف أحد المطلوبين «هـ.د»، ومحاصرة المطلوب الثاني، الذي فتح النار باتجاه الدورية ورمى 4 قنابل، ما أدى إلى سقوط شهيد وجريح للجيش، الذي ردّ على مصادر النيران.
وأغلق الجيش عددا من الطرقات المؤدية إلى مكان المداهمات، فيما وصلت سيّارات إسعاف الطبابة العسكرية إلى المكان وعملت على نقل المصابين.
وكان الجيش استقدم وحدة من مغاوير الجيش، وقطع الطريق المؤدي إلى شارع الحموي، حيث يتحصن هاجر العبد الله، وكان اعتقل شقيقه الأكبر بلال وصهره فادي موسى.
والشهيد هو الجندي خالد خليل (من عكار) وعدد من الجرحى عرف منهم: النقيب مارون رزق، والملازم علي إبراهيم، والعريف يوسف حسن، والجندي ياسر عواد، والجندي خضر عاصي والعريف خالد حسن.
وكانت المداهمة تستهدف المطلوب هاجر لانتمائه إلى ما عرف بمجموعة «فنيدق» التي تنتمي لداعش.